- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
حروب المياه قادمة .. دون شك !!
حجم النص
أ. د. طالب مراد تشكل المياه العذبة 2.5% من كمية المياه الموجودة على كوكبنا ولكن 0.4% منها فقط مياه عذبة فى شكل انهار وواحات وخزانات للمياه. يمكن استغلالها. ويطمئننا السياسيون والاخصائيون بأنه لايمكن حدوث حروب في العالم من اجل المياه. ومؤكدين أن اخرحرب نشبت بسبب المياه قد حدثت قبل 4500 عام في بلاد ما بين النهرين. ووفقا للاحصائيات الصادرة من منظمة الاغذية والزراعة "الفاو" فانه يوجد 11 مليار دونم (الدونم العراقي يعادل 2500 متر مربع) من الاراضي الزراعية على سطح الكرة الارضية، واكدت ان 7 مليارات منها مستغلة حتى الان، واكثر من 4 مليارات من الاراضي الزراعية غير المستغلة و جاهزة للبيع او الايجار لمدد طويلة الاجل من قبل الدول الغنية والتي توجد عندها صعوبة في الحصول على الغذاء من اراضيها. ومن الجدير بالذكر أن العالم يضم اراضٍ زراعية تقدر مساحتها بشكل اكثر من كميات المياه العذبة. ومن هذا المنطلق اصبحت المياه اداة للضغط و”الهيمنة المائية” من قبل دول المنابع على الدول المتشاطئة ودول المصبات، ومن المتوقع دون شك ستزداد الصراعات والحروب بسبب المياه..ومن اوائل المناطق المرشحة لخوض تلك الصراعات وحرب المياه في العالم وادي النيل ودجلة.. لذلك المشكلة تتمثل فى ربط الاراضى الزراعية بالمياه العذبة المحدودة و هنا نقف امام تحدٍ اخر وهو تضاعف اعداد السكان بعد ثلاثين عاما.مما يجعل جميع الدول تفكر فى تحقيق الامن الغذائى.و تشير بعض الدراسات ان عام 2040 و هو العام الذي سيشهد جفا ف دجلة ويسبقه الفرات بسنوات. ووفقا لتقرير لإحدى المنظمات الدولية (كرين-الحبوب) ان نحو (227) مليون هكتار(حوالي مليار دونم) فى العالم قد تم "الاستحواذ" عليها منذ عام 2000. إما بشرائها من الدول فقيرة واقيمت عليها مشروعات عملاقه تحتاج الى الكثير من المياه لزراعتها. حاليا هناك هجمة شرسة من قبل الدول الخليجية و الصين والهند وصناديق التقاعد الاوروبية على اثيوبيا وكينيا والسودان ويوغندا للحصول على ارض زراعية مما يؤثر بالسلب على مياه النيل. وتعد أزمة المياه في الشرق الأوسط ليست جديدة والدراسات العلمية تتوقع زيادة هذه الأزمة نتيجة عوامل التصحر والتغيّر المناخي من جهة، وزيادة السكان وبالتالي زيادة الطلب على المياه من جهة أخرى و استماتت الدول الخليجية الصحراوية على الاستحواذ على الاراضي الزراعية من منابع انهار النيل ودجلة والفرات " الاستعمار الجديد الزراعي". يُذكر ان كل مليون شخص يحتاج لمليار متر مكعب من الماء سنويا ومصر بملايينها التسعين نسمة ستحصل على 42 مليار متر مكعب سنويا من الماء علما بان 96% من اراضي مصر صحراوية قليلة الامطار،اما العراقيون حتى الان يحصلون على نصف احتياجاتهم المائية من الانهار ومما يساعدهم هو ان الامطار المتساقطة على العراق والتي لايعتمد عليها كثيرا خاصة في السنوات الاخيرة. وفي ظل ما تقوم به الدول الخليجية- وبتشجيع وسمسرة تركية- الاستحواذ على اراضي زراعية في جنوب شرقي تركيا, كما استحوذت ومازالت تستحوذ على مساحات شاسعة من الاراضي الزراعية في دول منابع النيل مثل اثيوبيا وكينيا والسودان وغيرها. ان الظاهرة الاستعمارية هذه ستؤدي الى الاستحواذ على المياه لري الاراضي الزراعية المسلوبة وستؤدي الى جفاف نهري دجلة والفرات والنيل. لذا يجب ادانة الاستحواذ على الاراضي الزراعية ومياه الغير وستتفاقم المشكلة دوليا وتسبب حروبا بين الشعوب وتهديد السلام العالمي وستؤدي دون شك الى تدخل الامم المتحدة لمنعها وتحريمها كما منعت ممارسات كثيرة خلال الستين عاما من عمرها...... لاسيما ان "المياه ليست سلعة للتبادل كما يدعي الاتراك بل هى حق من حقوق الانسان فى الحياة ولا يجب ان تتحكم فيها دولة على حساب أخرى. خاصة ان الامن الغذائى والمياه والارض الزراعية عناصر مرتبطة بعضها البعض تكمل كل واحدة منها الاخرى. والا اصبح مصير البشرية هباءا منثورا". أ. د. طالب مراد >>أستاذ جامعي وخبير سابق في منظمة الفاو التابعة للأمم المتحدة