- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العراق...استراتيجية أمنية منقوصة
حجم النص
بقلم:علي الطالقاني برغم الأخبار التي تركز على عمل تنظيم القاعدة في المناطق الغربية والشمالية من العراق، إلا ان التنظيم يعمل بلا مركزية عبر خلايا صغيرة منتشرة في محافظات العراق عبر أفراد قلائل، وأصبحت مواجهته معقدة وخصوصاً مع فقدان المعلومة الاستخبارية. واستنادا إلى إحصاءات عدد الضحايا الذين يسقطون يومياً بسبب أعمال الارهاب فقد قتل خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي نحو 950 شخصاً حسب إحصاءات أصدرتها جهات رسمية. ليصبح مجموع الضحايا خلال عام 2013 أكثر من سبعة آلاف مواطن. ويشهد العراق امتداداً للعنف الدائر في سوريا، حيث برزت مجموعات مسلحة مرتبطة بتنظيم دولة العراق والشام الإسلامية، وعلى الأغلب أن حراك تنظيم القاعدة في سوريا والعراق اندمج في صراع ممتد عبر الحدود مما أوجد غرفة عمليات مشتركة وقد يضع العراق على حافة الانهيار الأمني. وتضع الاعمال الارهابية التي تطال أغلب محافظات العراق القادة السياسيين في موقف صعب، ومع اقتراب موعد الانتخابات فأن ابعاد التوتر الأمني قد تكون وخيمة على المواطن نتيجة الخلافات السياسية. فالقوى السياسية تفكر بطريقة حزبية و طائفية ضيقة كما ان الارهابيين مدعومون من جهات سياسية وبطرق مباشرة وغير مباشرة. وعندما يتعلق الموضوع بمكافحة الارهاب نجد ان تشكيلة القيادات الأمنية وقدرتها على العمل بشكل مهني بعيداً عن الدوافع السياسية وقدرة هذه التشكيلات على إدارة الملف الأمني بعيداً عن البيروقراطية التي تعمل على إفشاء الفساد. ان عدم وجود اشراف وتنسيق كافيين على استراتيجية شاملة لمواجهة الارهاب زاد الأمر تعقيدا كما ان الملف الأمني مازال محصورا بمكتب رئيس الوزراء مما سبب ضعفاً واضحاً في العمل بسبب حصر القرارات هناك. وبرغم العمل الرائع الذي يقوم به جهاز مكافحة الارهاب وباقي القوى الأمنية المهتمة وقيامها بعمليات كبيرة ونوعية لايخفى ايضاً أن هذا العمل يدار ضمن نطاق مكتب رئيس الوزراء. سعي لضمان خطة أمنية اخذ العراق يتبنى رؤية تتمحور حول سياسة تتصدى للارهاب، إلا أن هذه السياسة لم تحظ باجماع القوى السياسية والاجتماعية على المستوى الداخلي أما على المستوى الخارجي فان العراق وقع ضحية الصراع الإقليمي الذي يسعى لتحديد هوية الحكومة العراقية. واشنطن التي عاد العراق اليها من اجل تنشيط العلاقة مؤخرا بدورها لم تكترث كثيرا لما يجري في العراق وكان يمكنها على الاقل ان تشخص بعض الدول الخليجية على انها داعمة للارهاب لكنها لم تكن واضحة بهذا الخصوص لأسباب ومصالح لها مع تلك الدول، لكنها أصرت أن تفعل ذلك مع ايران وحزب الله. حتى بعد اللقاء الذي جرى بين الرئيس الأمريكي، باراك اوباما، ورئيس الوزراء العراقي، نوري المالكي، حول مكافحة القاعدة في العراق، لم يكشف اوباما عن أي عرض جديد بتقديم الدعم العسكري. حتى ان رئيس المؤتمر العراقي احمد الجلبي اكد ان زيارة المالكي الى واشنطن غير ناجحة وكان مخطئاً. وان قادة الحزبين الجمهوري و الديمقراطي انتقدوا حكومة المالكي في سياسته و علاقاته مع شركائه. وازاء ذلك عانى العراق كثيرا، الأمر الذي خرق المظلة الأمنية أمام المخابرات الدولية ودخول تنظيم القاعدة على الخط. وهناك عاملان مهمان يعملان على تأجيج الصراع. اولا، دور صراع القوى الإقليمية في العراق، إذ يرى محللون ان ايران لها علاقة وثيقة مع بعض قادة العراق ويرى الايرانيون ان السياسة العراقية هي امتداد للمشروع الايراني في المنطقة. أما السعودية هي الأخرى لاتريد من العراق الخروج عن طاعتها التي لم تجدها في العراق. ثانياً، ان العراق محاصر بين السياستين مما خيب أمل العراقيين إزاء سياسة الحكومة العراقية. واتبع العراق سياسة الدفاع عن نفسه بدلا من ردم الفجوة بينه وبين تلك الدول مما ساهمت هذه الدول بتكوين جماعات مسلحة مختلفة الاتجاهات تعمل لمصلحة هذه الدول. إن الصراع الطائفي يدفع تجاه تجنيد المقاتلين من اجل إحداث أعمال عنف وإرهاب تسهم في وقوع حوادث كبيرة تعكس صورة بشعة يروح يومياً ضحيتها العشرات من المواطنين الأبرياء. أن مشكلة انعدام الأمن يمكن أن تجبر الحكومة العراقية على القيام بدور أكثر فاعلية وهذا يحتاج الى تحديث النظام الأمني وسبل الرقي بطرق مكافحة الإرهاب. وفي ضوء الخلل الحالي، ينبغي على الحكومة العراقية أن تنظر في تطبيق برنامج يتطلع الى آفاق سياسية مرتبطة بالأحداث التي تجري في المنطقة. *باحث في شؤون الارهاب