- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ساخرون كربلائيون .....عبد الزهرة الشرطي
حجم النص
بقلم :سلمان عبد
لا تخلو مدينة من مدننا العراقية ، من وجود شخص او اشخاص يتمتعون بالحس الفكاهي والسخرية وعمل " المقالب " ، وفي مدينة كربلاء مثلا ، اذكر من هؤلاء المرحوم هادي الشربتي ، وهو شاعر مجيد يتمتع بشخصية اخاذة وسرعة البديهية والظرافة ، وكان يستعمل الشعر ويوظفه للسخرية من بعض الاشخاص الذين ينتقدهم ويسخر منهم ، وكذلك المرحوم لطيف المعملجي و المرحوم حسين كشمش والشهيد الشيخ عبد علي الهر والشهيد عبد الزهرة الشرطي .
ولد عبد الزهرة الشرطي عام 1945 ، و نشأ نشاة فقيرة في احد احياء مدينة كربلاء الشعبية ( العباسية الشرقية ) وكان متفوقا في دراسته رغم العسر الذي كانت تعيشه عائلته الكادحة ، ودخل سلك الشرطة ومن هنا جاء لقبه الذي عرف به، وانتمى الى الحركة اليسارية وسجن مرات عديدة واعدم في سنة 1985 ، وكان يؤلف القصائد الشعبية للمواكب الحسينية ، مما جعل السلطات وبشكل دائم تعتقله قبل ايام عاشوراء الا انه كان يهرّب قصائده من السجن ، ومرة كان يتابط بطانية ويسير بمحاذاة الموكب ولما سالوه عن السبب قال :
ـــ اليوم الردات قوية وحضرت بطانيتي
وقد كان عبد الزهرة صديق لي آنس بصحبته ، واتردد على بيتهم ونتبادل الكتب ، فيتحدث بالفلسفة ومدارسها ويحفظ من الشعر قديمه وحديثه وكان يقرأ على مسامعي اشعارا لبودلير واراغون وناظم حكمت فضلا عن كمية الروايات والمسرحيات التي يقراها عربية وعالمية ، وهو الذي عرفني على الروائي الكبير الطيب صالح حين اعطاني قصته " دومة ود حامد " . واذكر مرة ان اوقعني في احد مقالبه ، حين جائني يوما وقال :
ـــ امي مسوية عشه خصيصا لك ، فتعال لنتعشى معا ، وحين دخلت البيت ، قال لي وهو يسلمني قطع من القماش وعلبة " بنتلايت " وفرشاة : هذني كم لافتة لاصدقائك الكادحين اتونس بيهن وخطهن حتى يجهز العشاء ، ولم ينفع معه رفضي لخط اللافتات وان العشاء الزقنبوت سيدخلني السجن ، ولكن لا فائدة ، وحين انتهيت منها جاء بصينية العشاء وقد كانت كبيرة جدا وهو ينوء بحملها صارخا :
ـــ يمعود افتح باب الغرفة وتعال شيل الصينية وياي
وحين هرعت لمعاونته لم اجد غير " طاوة " وبها ثلاث بيضات . ويذكر الاستاذ طه الربيعي الذي الف
كتابا عنه :
في احد الايام وبينما كان عبد الزهرة الشرطي واقفا ضمن واجبه في شارع العباس ينظم السير ، واذا بمجموعة من الحمير مرت بالشارع وصادف ان كانت سيارة المتصرف ( المحافظ ) تريد المرور ايضا فاسرع ليقطع الشارع ويوقف سيارة المتصرف لكي تعبر الحمير ، فاستغرب المتصرف ذلك منه واستدعاه فاجابه ببرود : سيدي هي زمايل ، عقل ما عدهة توكف، بس انته عاقل وتفتهم لازم توكف . ومن مواقفه الضاحكة ايضا :
طلب مدرس العربية من طلابه قراءة ابيات من الشعر العربي وسال طلاب الصف : من منكم يحفظ ابياتا من الشعر ؟
رفع عبد الزهرة يده وقال :
ـــ انا يا استاذ فقال له المدرس :
ـــ تفضل اسمعنا ما حفظت ، فقال عبد الزهرة :
ولمن تريد ان تسمع ؟ قال المدرس :
ـــ لاي شاعر ، قال عبد الزهرة :
ـــ من العصر الجاهلي ام الاسلامي ام الاموي ام العباسي ام الحديث ؟ فقال المدرس :
ـــ احسنت ، اسمعنا من العصر الجاهلي ، فقال عبد الزهرة :
ــــ لمن تريد ان تسمع ؟ امروء القيس ام عنترة ام زهير ابن ابي سلمى ؟ قال المدرس :
ـــ ممتاز ، هذا دليل على سعة ثقافتك يا عبد الزهرة ، اسمعنا من امرؤ القيس ، فقال عبد الزهرة :
ـــ اي نوع تريد ؟ غزل ام رثاء ام مديح ؟ فقال المدرس :
ـــ رائع ، اسمعنا من شعره الغزلي ، فقال عبد الزهرة :
ـــ على اي بحر ؟ الطويل الكامل الوافر ؟ ، فقال المدرس :
ـــ جيد ، اسمعنا من البحر الطويل ، فقال عبد الزهرة :
ـــ ما حافظ استاذ .
أقرأ ايضاً
- "عبد الزهرة" في الفلوجة
- كربلاء مكب للنفايات ،والكربلائيون رهائن للمحاصصة والفساد
- العمود الصحفي مرآة لهموم الشارع العراقي ..الكاتب عبدالزهرة الطالقاني انموذجاً