حجم النص
عندما عاد مقتدى الصدر الى البلد في وقت مبكر من العام الماضي بعد 3 سنوات من منفى اختياري في ايران، راح يمارس دور صانع الملوك المنتصر، الذي أثبتت اجراءاته أنها حاسمة في انهاء شهور من الجمود الانتخابي، حسب ما رأت صحيفة نيويورك تايمز.
وذكرت الصحيفة "الآن، ومع رحيل الجيش الاميركي، برز مقتدى الصدر كزعيم أكثر واقعية؛ زعيم سياسي صلب يتطلع الى سبل جديدة لتأمين المطالبات بالسلطة، التي حققها تياره من خلال ما وصفته الصحيفة بالمعارضة العنيفة للاحتلال الاميركي".
وتابعت "أول شيء فعله هو العودة الى البلد والاستقرار فيه. ومع غياب مظاهر جعجعة عودته في العام الماضي ـ التي سرعان ما تلتها عودته الى ايران ـ يقول السيد الصدر انه عاد الى العراق ليبقى فيه، على الاقل في الوقت الراهن. ويقول انه ترك مؤقتا دراساته الدينية في ايران، التي ينظر اليها على نطاق واسع بأنها راعيته، ليحضر في أزمة سياسية في العراق بشأن التنافس على السلطة بين شيعة العراق وسنته وأكراده، دفعت بالحكومة الى طريق مسدود، ولكي يعد تياره للانتخابات المقبلة".
ونبهت الصحيفة الى أن "السيد الصدر انضم الى السنة والاكراد في الدعوة الى الاطاحة برئيس الوزراء نوري كامل المالكي، وهو شيعي ايضا. كما يختبر تحالفات أخرى عابرة للطائفية من خلال دعوة مرشحين سنة ومسيحيين للدخول تحت راية الصدريين في انتخابات المحافظات، المقرر عقدها في العام المقبل. وهذه الخطوات مجتمعة يمكن ان تساعد في تهيئته كرجل وطني وتساعده في إلقاء أمتعة الماضي، عندما كانت ميليشياه مرتبطة ببعض اسوأ أفعال العنف الطائفي".
واستدركت الصحيفة "السيد الصدر يخاطر في تنفير قاعدته من المتدينين الشيعة في احياء بغداد الفقيرة ومناطق الجنوب الحضرية. ويمكن سماع انتقاده في شوارع بغداد، كما بين استطلاع أجري في نيسان لصالح المعهد الديموقراطي الوطني، الذي مولته الحكومة الاميركية، ان شعبية السيد الصدر في تدني وان السيد المالكي في صعود".
وروت الصحيفة "في متجر يعلق بوسترات تظهر وجه السيد الصدر على ضواحي مدينة الصدر، الحي الفقير في بغداد الذي يحمل اسم عائلة الصدر ومعقله السياسي، لاحظ اسماعيل جبار، تغيرا في مشاعر زبائنه تجاه السيد الصدر "الناس ينتقدونه اكثر من السابق"، مضيفا "انهم لا يقبلون بما يحدث"".
وأوضح جبار أن قرار السيد الصدر بالاصطفاف الى جانب اياد علاوي، زعيم كتلة العراقية، في معارضة المالكي نفّر بعض الذين يتذكرون استهداف السيد علاوي عندما كان رئيس وزراء الحكومة الانتقالية في العامين 2004 و2005 لجيش المهدي، ميليشيا الصدر المنحلة حاليا. وقال ان "جزءا من السياسة هي ان تجعل عدوك صديقك، والناس لا يفهمون هذا".
وأوردت الصحيفة "يبقى أن الصدريين يحتفظون، أكثر من أي حزب سياسي آخر، برابطة مع الشارع وقدرة على تحشيد الانصار. ففي الشهر الماضي ببغداد، نزل عدة مئات من الصدريين في تظاهرة احتجاج ضد السيد المالكي، وبهتافات صاخبة وصفوا فيها رئيس الوزراء بالكذاب وقارنوه بصدام". وأعقبت الصحيفة الامريكية "وفي اطار جهد جديد لتوسيع اتصاله بفئات المجتمع العراقي المختلفة، دعا السيد الصدر مؤخرا صحفيين الى منزل عائلته في مدينة النجف الاشرف. وقبل أيام من ذلك، عقد لقاء مشابها مع مجموعة من الفنانين والممثلين العراقيين".
ونقلت "جالسا على كرسي ذي ظهر واسع أمام طاولة تمتلئ بالزهور البلاستيكية ومزينة بصورة لوالده، آية الله الذي ورثه مقتدى، كان السيد مقتدى يداعب الأنا قائلا ان "الاعلام هو السلطة الرابعة. هو مهم جدا". واستطردت "في النهاية، سأله أحد الصحفيين: "هل سيعود السيد الصدر الى مدينة قم المقدسة، حيث عاش فيها ودرس لعدة سنوات؟" فأجاب الصدر "بعد هذه الأزمة، اذا كانت آخر أزمة"، وأضاف "لكنني أعرف أن هناك أزمات أخرى ستحدث في وقت آخر".
وأفادت الصحيفة "كانت تحركات السيد الصدر مرصودة بنحو وثيق في العراق، وتظهر عناوين أخبار رئيسة، لكن قراره الواضح في أن يكون العراق مقره الدائم لم يحظ باهتمام كبير في وسائل الاعلام المحلية. وهذا ربما يكون دليلا على نضج تيار هو في الوقت نفسه سياسي وعسكري وديني، يدين باستلهامه ذلك من حزب الله اللبناني، الحركة الشيعية التي تجمع بين العقيدة والاعمال الاجتماعية بجناح عسكري للوصول الى السلطة. كذلك ان الواقع السياسي الكالح القائم في العراق، قد جعل على ما يبدو من المحال تردد صدى تلويحات كبيرة".
وقال حسين كاظم، وهو صدري وعضو في البرلمان، "هو الآن في العراق، ومن الطبيعي بالنسبة له أن يكون في العراق".
وقالت الصحيفة ان "معارضة السيد الصدر لرئيس الوزراء وضعت مسافة، على الاقل رمزيا، بين التيار وايران، التي دعمت السيد المالكي". واوضحت أن "الدرجة التي تسيطر بها ايران على قرارات السيد الصدر مطروحة لنقاشات واسعة النطاق في العراق وفي دوائر السياسة الغربية، والكثيرون يقولون انهم يعتقدون انه رهينة القيادة الايرانية. لكن السيد الصدر أيضا يعد بطاقة غير مضمونة في السياسة العراقية، فهو رجل لا يمكن التكهن بتحركاته. فقراره في الاستمرار بالدفع الى الاطاحة بالمالكي حتى بعد ما قيل ان مسؤولين ايرانيين طلبوا منه التراجع يوحي بأن علاقته بايران أكثر تعقيدا الآن مما يعتقد محللون كثيرون".
فقد قال الصدر "اذا أعطي رأيي، فلا أحد يمكنه تغييره، لا ايران ولا أي أحد آخر".
وأشارت الصحيفة الى أن "السيد الصدر رفض فتوى صدرت من أحد مراجعه الروحيين، آية الله كاظم الحائري، المقيم في ايران، التي أعلن فيها أن الحكومة العراقية ينبغي ألا تقودها شخصية علمانية". وأردفت "يبدو أن هذه الفتوى كانت ردا على الدفع للاطاحة بالمالكي الأمين العام لحزب الدعوة الاسلامية".
وقال الصدر ان "الدستور العراقي، المادة الأولى فيه، تقول ان اي قرار ينبغي ألا يتعارض مع الاسلام"، واضاف "عليه حتى اذا جاء علماني الى السلطة، يجب ألا يسير ضد الدستور".
ولفتت الصحيفة الى أن "الشعور بالنصر الذي لازم صعود الصدريين الى السلطة وعودة السيد الصدر في العام الماضي فسحت المجال امام بروز صعوبة واقع حكم العراق، الذي لم تسمح انقاساماته وصدماته الا لتحقيق الحد الادنى من التقدم السياسي والاجتماعي".
وقال علي شكر وهو يشذب شعر أحد زبائنه ان "لمدة 25 عاما، كنت حلاقا في مدينة الصدر، ولم يتغير اي شيء في حياتي". واضاف "بعد الاحتلال حتى الآن، الحال هو نفسه، بل ان الكهرباء صارت اسوأ
أقرأ ايضاً
- المالكي يؤكد للمشهداني أهمية العمل الجماعي لتقديم القوانين والتشريعات التي تصب في مصلحة المواطن
- الصدر يقرر طرد أتباعه الذين يحملون السلاح ضد العراقيين
- مكافحة الشغب تعتدي بالضرب على خريجات متظاهرات أمام وزارة التعليم العالي!