- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رائعة للحسين (ع) في صفين مع ابن عمر بن الخطاب (8)
والله لا يستطيع لا القلم ولا العقول ان تحتوي فكر وروعة علوم اهل البيت عليهم السلام ، ولان كما قلت ان الحسين (ع) قد اُبخس حقه من اغلب ولا اقول كل خطباء المنابر وحتى المشاهير منهم في توضيح كثير من جوانب حياة هذا السبط العملاق بكل شيء ، وطالما اخذت على عاتقي ان اكتب كل ما يتيسر لي في الحصول عليه من معلومة عن الحسين (ع) مع الاشارة الى ابعاد هذه المعلومة وانظر الى جوانب وابعاد هذه المعلومة من حيث لم يتطرق اليها احد من الكتّاب وان كان جزاهم خيرا عن ما كتبوا عن الحسين (ع) وهو قليل جدا في حقه .
ومعلومتنا اليوم عن الحسين (ع) هو هذه الرواية ( عن ابن الأعثم : أرسل عبيد الله بن عمر بن الخطاب إلى الحسين بن علي في صفين أن لي إليك حاجة ، فألقني إذا شئت حتى أخبرك ؛ فخرج إليه الحسين حتى واقفه ، وظن أنه يريد حربه ، فقال له ابن عمر : إني لم أدعك إلى الحرب ، ولكن اسمع مني فإنها نصيحة لك . فقال الحسين : قل ما تشاء .
فقال : إعلم أن أباك قد وتر قريشا ، وقد بغضه الناس ، وذكروا أنه هو الذي قتل عثمان ، فهل لك أن تخلعه وتخالف عليه حتى نوليك هذا الأمر ؟ فقال الحسين : كلا والله ! لا أكفر بالله وبرسوله وبوصي رسول الله ، إخسأ ، ويلك من شيطان مارد ! فلقد زين لك الشيطان سوء عملك فخدعك حتى أخرجك من دينك باتباع القاسطين ونصرة هذا المارق من الدين ، لم يزل هو وأبوه حربيين وعدوين لله ولرسوله وللمؤمنين ، فوالله ! ما أسلما ولكنهما استسلما خوفا وطمعا ! فأنت اليوم تقاتل عن غير متذمم ، ثم تخرج إلى الحرب متخلفا لتراءي بذلك نساء أهل الشام ، أرتع قليلا فإني أرجو أن يقتلك الله عز وجل سريعا .
قال : فضحك عبيد الله بن عمر ، ثم رجع إلى معاوية فقال : إني أردت خديعة الحسين ، وقلت له كذا وكذا ، فلم أطمع في خديعته ، فقال معاوية : إن الحسين بن علي لا يخدع وهو ابن أبيه .
وتعقيبنا الاتي
بداية الرواية تدلل على ان ابن عمر مع خصماء علي (ع) ودلالة ذلك لا يحتاج الى تعقيب اما بقية الابعاد فهي :
اولا : ان ابن عمر ومن خيبته انه استدعى الامام الحسين (ع) دون الحسن (ع) ظنا منه ان صغر سن الحسين يمكنه من خديعته كما اقر في نهاية الرواية ، بل واعتقد ان الامام الحسين (ع) سيغتر بالخلافة على حساب ابيه واخيه عليهم السلام .
ثانيا : ترك الحسين (ع) ابن عمر في ان يقول نصيحته بالرغم من علمه بما في مكنون قلبه فهذه مزية يمتاز بها اهل البيت دون غيرهم ولهم روايات وقصص كثيرة بهذا الشان يقر بها المخالف قبل الموالف منها واحدة على سبيل المثال ( جاء رجل الى الامام الصادق عليه السلام فقال يا بن رسول الله اني حلمت اني أُأذن فقال له الامام انك ستحج مكة وجاء رجل ثان قال يابن رسول الله حلمت اني أُأذن فقال له الامام سوف تقطع يدك للسرقة ، فتعجب احد الجالسين والحاضرين لجواب هذين السؤالين فقال للامام (ع) روحي فداك كيف يكون هذا والاثنان حلما نفس الحلم فقال له الامام (ع) اما الاول فكان طبقا للاية الكريمة ( واذن في الناس بالحج ) واما الثاني فكان طبقا للاية الكريمة ( اذن مؤذن ايتها العير انكم لسارقون ) .
هذا ان دل على شيء يدل على الالهام الآلهي في معرفة كوامن النفس البشرية التي منحها الله لهم دون غيرهم ، ومن هذا قس على ذلك .
ثالثا : من خلال اسباب نصيحة ابن عمر يتضح ان معركتهم مع الامام علي (ع) انما معركة حقد وكراهية للامام وليس من اجل الدين وذلك باقرار ابن عمر ان علي (ع) وتر قريشا وذكروا انه هو الذي قتل عثمان ، فمسالة توتير قريش فهذا دلالة على شركهم لان سيف امير المؤمنين ما قتل الا مشرك وحتى الذين انكروا بيعته هم بعداد المشركين طبقا لهذه الرواية وجواب الحسين (ع) فيها ، ومسالة ذكروا ان علي (ع) هو قتل عثمان تدل على عدم تيقنهم مما ذكروا وا لا لكان ادعائه ان علي قتل عثمان عند نصيحته الحسين (ع) .
رابعا : بيت القصيد هنا هو زجر الحسين (ع) لابن عمر وجعل خلع ولاية علي (ع) هو الكفر بعينه عندما قال له لا والله لا اكفر بالله وبرسوله وبوصي رسول الله وهذا ربط متكرر هو التوحيد والنبوة والامامة دائما يؤكد عليها الامام المعصوم (ع) .
خامسا : بعد ما وصف الحسين (ع) ابن عمر ومن سار معه في ركب معاوية انهم الشيطان واتباعه جاء اروع وصف لمعاوية وذويه وهو ( انهم ما اسلما ولكن استسلما ) فالاستسلام لا يدل على الاسلام أي انهم باقون على شركهم وقصد معاوية وابيه وهذا ما افصح عنه التاريخ
سادسا : رجع ابن عمر يضحك على خيبته محاولا تجاوز ما لاقى من اهانة مع معرفة معاوية لذلك من خلال جوابه لابن عمر ان هذا يقصد الحسين (ع) لا يُخدع انه ابن ابيه .
وان شاء ربي لنا مقال اخر في هذا الصدد