ابحث في الموقع

الطفل الغزّي الذي أُنقِذ من الدفن حيًّا يواصل التعافي في سويسرا

الطفل الغزّي الذي أُنقِذ من الدفن حيًّا يواصل التعافي في سويسرا
الطفل الغزّي الذي أُنقِذ من الدفن حيًّا يواصل التعافي في سويسرا
في أسبوع مليء بالتقارير، كشفت الصحافة السويسرية تفاصيل مهمة إنسانية شاقة تتعلق بإنقاذ أطفال من ويلات الحرب في غزة، حيث رافقتهم في خطواتهم الأولى نحو التعافي في بيئة جديدة. وفي الوقت الذي وُصف فيه أحد هؤلاء الأطفال بأنه "الميت الحي"، ظهرت مآسٍ مشابهة في السودان، حيث يواجه آلاف الأطفال خطر الاسترقاق.

في تقرير بثّه موقع الإذاعة والتلفزيون العمومي السويسري الناطق بالفرنسية، تنقل الصحفية فالنتان إيمري عن فانيلي رونسان، منسقة المشاريع في منظمة أطباء بلا حدود ، تفاصيل عملية إنسانية رافقت خلالها 13 طفلًا من غزة إلى سويسرا لتلقي العلاج بعد إصابات بالغة أو أمراض خطيرة.

وتقول رونسان إن العملية، التي نُسّقت بين المنظمة والسلطات الأردنية والسويسرية، كانت “مرهقة في كل مراحلها” بالنسبة لعائلات “أنهكتها الحرب وفقدان الأحبة”. وتوضّح: “كانت كل مرحلة ثقيلة للغاية على عائلات وصلت إلى حافة الانهيار”.

بدأت المهمة من الحدود بين فلسطين والأردن، حيث تولّت الفرق الطبية رعاية الأطفال ومرافقيهم، قبل أن يخضعوا لفحوص دقيقة في عمّان لضمان جاهزيتهم للسفر. وتوضح رونسان أن “التأكد من قدرة الأطفال على السفر، وتوفير الملفات الطبية الكاملة للمستشفيات السويسرية، كان شرطًا أساسيًا”.

وخلال هذه الفترة الانتقالية، أشرفت منظمة أطباء بلا حدود على التنسيق الطبي واللوجستي، وكان متطوعوها ومتطوّعاتها من الناطقين بالعربية حلقة وصل بين الفرق الطبية والعائلات. “كانوا في الخط الأمامي للتهدئة والترجمة، وشرح كل إجراء”.

رحلة علاج شاقة

رغم أن الجانب الطبي كان محور العملية، إلا أن الأثر النفسي كان الأثقل. تقول رونسان إن العائلات عاشت “سلسلة من الصدمات خلال أيام قليلة، وهي تحاول فقط إنقاذ أطفالها”، مؤكدة أن القلق والخوف من المستقبل يلازمانهم في كل لحظة.

“هذه الصدمات ستلازمهم مدى الحياة. إنها تغيّر الإحساس بالخطر، وردود الفعل، والسلوك”.

وتروي رونسان أيضًا حالة امرأة حامل أثّرت عليها ظروف غزة النفسية إلى درجة قد تنعكس على جنينها. “حتى الطفل الذي لم يُولد بعد قد يتأثر بما عاشته والدته”.

وتضيف أن الأطفال باتوا يربطون بين بعض الأشياء والموت. “أذكر طفلاً بدأ بالبكاء حين علم أنه سينقل بسيارة إسعاف. قال لنا: “هل ستكون هناك جثث في هذه السيارة أيضًا؟”.

ورغم أن الوصول إلى سويسرا يمنح هذه العائلات بارقة أمل، فإن التعافي النفسي والاجتماعي “سيستغرق سنوات”، كما تقول رونسان، مضيفة أن الأمر يعتمد على جهود الكانتونات، وخدمات الرعاية الصحية، والدعم النفسي الاجتماعي.

وتؤكد رونسان: “ما زلنا بعيدين جدًا عن تخيّل ما مرّوا ومررن به، وما يشعرون.نّ به، والخوف الذي يرافقهم.نّ عند الوصول إلى بلد جديد ثقافته مختلفة تمامًا”.

الطفل “الميت الحي”

ومن القصص التي لا تُنسى، تروي رونسان قصة طفل فقد ساقه في قصف، وظن الأطباء أنه توفي. أُبلغ والداه بالأمر، وبدآ إجراءات الدفن، قبل أن يكتشفا – خلال مراسم الدفن – أنه لا يزال على قيد الحياة.

وتقول رونسان إن القصة “بالنسبة لفرق أطباء بلا حدود، هذه القصة تُجسّد الوحشية القصوى للظروف التي تعيشها العائلات الغزّية. فمع انهيار البنى الطبية وحالة الطوارئ الدائمة، وعنف القصف، يصبح من المستحيل أحياناً تقييم وضع الناجين بسرعة ودقة.”

وتوضح منسقة المشاريع في منظمة أطباء بلا حدود أن “هذا الطفل أصبح من بين المرضى الذين أُجلوا إلى سويسرا بعد عدة أشهر”. وتؤكد فانيلي رونسان أن هذه القصة ستظل محفورة في الذاكرة، حيث تقول: “إنها واحدة من القصص التي ستبقى معنا”. وترمز، كما تقول، إلى “ما عانته هذه العائلات قبل أن تجد ملاذاً مؤقتاً”.

وتنوه رونسان إلى أن وصول هؤلاء الأطفال إلى سويسرا لا يعني الشفاء، بل بداية طريق طويل من التعافي. فـ “الصدمات سترافقهم طوال حياتهم”، كما تقول، داعية المجتمع الدولي إلى فتح الأبواب أمام مزيد من حالات الإجلاء الطبي من غزة، حيث يقدّر عدد من يحتاجون إليه بنحو  16500 شخص، وفق الموقع.

التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!