ابحث في الموقع

تصريف الاعمال وغياب مرجعيتة التشريعية

تصريف الاعمال وغياب مرجعيتة التشريعية
تصريف الاعمال وغياب مرجعيتة التشريعية
بقلم: هادي عزيز علي

تصريف الاعمال هو ليس حالة الاستثناء التي قالها (جورجيو اغامبين) المتكىء على ارث (فالتر بنيامين) خاصة في الموضوع المتعلق بالعنف والقانون رغم انهما يشتركان في العلاقة بين القانون والاستثناء في فترة زمنية معينة وامكانية دخول هذه الحالة في نظام قانوني ناظم لها يفضي رسم علاقة الفرد بالدولة في المرحلة تلك وعلى وجه الخصوص الحماية الدستورية للحريات والحقوق الا ان حالة الاستثناء ليس ظرفا استثنائيا مؤقتا بل هي مكنة حكم يتم فيها تعليق القانون او بتعبير اخر تضبيب الحدود بين القانون واللاقانون فضلا عن ان (الاستثناء) هو موضوع فلسفي يتعلق بحالات الطوارىء اما (تصريف الاعمال) فموضوع قانوني يندرج تحت احكام القانون العام وعلى وجه الخصوص القانون الدستوري وقد اطلق عليها الدستور الحالي تعبير: (تصريف الامور اليومية) (المادة ( 64 / ثانيا) من الدستور.

في نهاية كل دورة انتخابية يدخل البلد في حالة "الحيص بيص" فتسود الحيرة وتختلط الامور وتضيق السبل ويوقعونا في ازمة يصعب الخروج منها لان الدستور اطلق تعبير (تصريف الامور اليومية) وترك الحبل على الغارب واصبح مصطلح (تصريف الاعمال) نهبا للاراء والافكار المتناشزة اذ عرفه البعض بانه: (مجموعة الاعمال الادارية اليومية الضرورية لضمان استمرارية المرافق العامة التي تمارسها الحكومة المنتهية ولايتها) وعرفها آخر بأنها: (الاختصاص المحدود للحكومة المستقيلة في تسيير الشؤون الضرورية التي لا تقبل التاجيل دون مباشرة السياسات العامة) وثمة تعريف آخر هو: (الحد الادنى من الاعمال التنفيذية التي تضمن دوام عمل المؤسسات مثل دفع الرواتب وتشغيل المرافق العامة من دون اطلاق مشاريع او قرارات جديدة)، واخيرا وليس اخرا قيل بانه: (ممارسة الحكومة اختصاصاتها المحدودة الضرورية التي لا يترتب عليها اثر سياسي او مالي كبير او تغيير في الوضع القانون العام وتقاس الضرورة بمدى ارتباط العمل باستمرارية المرفق العام).

في ظرف او توقيت معين تفقد الحكومة صلاحياتها وفقدان الصلاحيات يتم ضمن حالات محددة لكنها تتخذ توصيفات مختلفة هي:

1 – استقالة الحكومة

2 – سحب الثقة عنها

3 – حل الحكومة

4 – انتهاء ولاية الحكومة

5 – عدم شرعية الحكومة

ورغم التوصيفات المختلفة تلك الا انها تشترك جميعها بأثر قانوني واحد هو (تصريف الاعمال).

وحيث ان هذه التوصيفات المختلفة شائعة ومنتشرة في كتابات فقهاء وشراح القانون الا انها غابت عن النظام التشريعي لدينا اذ منذ صدور الدستور سنة 2005 الذي نص على تصريف الامور اليومية ينظم حالة تصريف الاعمال ويبين معاني ومضامين التوصيفات المختلفة تلك وتركت الحكومة المكلفة بتصريف الاعمال في حيرة وارتباك اذ كثرت الاجتهادات وشاعت التأويلات وانتشرت التكهنات بسبب غياب النص التشريعي الناظم لها فضلا عن هلامية الحدود بين الذي يجوز او لا يجوز من الصلاحيات او ماهو الذي للحكومة وما عليها.

المحكمة الاتحادية العليا وفي تفسيرها الاخير المرقم 213 / اتحادية / 2025 في 17 تشرين الثاني 2025 لم تتطرق الى موضوع تصريف الاعمال اذ ان استفسار رئاسة الجمهورية الموجه اليها كان مناسبة للانعطاف نحو هذا الموضوع اذ انها اكتفت بالنص التالي: (تجد المحمكة الاتحادية العليا اعتبارا من يوم الاقتراع العام لانتخاب مجلس النواب الجديد ، فان كل اجراء تتخذه السلطة التشريعية او السلطة التنفيذية المتمثلة بمجلس الوزراء يجب ان يدخل ضمن مفهوم تصريف الاعمال اليومية والا فلا سند له من الدستور او القانون وتعد اثاره معدومة) هذه كانت فرصة مناسبة لتفسير تصريف الاعمال لكنها انشغلت بموضوع التوقيتات اذ يلاحظ ان توقيتاتها هذه مخالفة لتفسيرها السابق المرقم 24 / اتحادية / 2010 في 13 / 3 / 2015 المبين فيه ان الدورة الانتخابية (365) يوما وهو المناسب لنص الدستور.

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
كلمات مفتاحية
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!