ابحث في الموقع

رماد الطائفة.. ورياح الانتخابات

رماد الطائفة.. ورياح الانتخابات
رماد الطائفة.. ورياح الانتخابات

بقلم: سلام مكي

مضى عقدان من الزمن على أول انتخابات برلمانية شهدها العراق بعد سقوط النظام السابق. الأولى التي جرت في عام 2005 وتمخض عنها اختيار ما سمي في وقتها بالجمعية الوطنية التي كان الهدف من تشكيلها التصويت على الدستور الدائم، كانت قد شهدت مقاطعة واسعة من قبل الأحزاب السنية التي كان يقودها في ذلك الوقت الحزب الاسلامي. أما الانتخابات المزمع إجراؤها في شهر تشرين الثاني المقبل، فيبدو أن ثمة العديد من الأحداث المتشابهة بين الأولى والثانية.

أبرز الأحداث المتشابهة وأكثرها فداحة وألما هو أن الباعث الدافع للمشاركة فيها هو العامل الطائفي بالدرجة الأساس، بمعنى أن العشرين عاما المنصرمة، لم تنجح فيها القوى السياسية التي حكمت البلد في تذويب الحس الطائفي لدينا إذ بقي ذات الخطاب الذي يصدره سياسيون ورجال دين من الطرفين، ومنه انتقل الى المجتمع، تساعدهم في ذلك فضائيات ومنصات إعلامية، تستضيف يوميا شخصيات معروفة الولاء والانتماء البعيد كل البعد عن الوطنية.

ما يحصل في هذه الانتخابات، لم يحصل في الانتخابات السابقة، إذ أنها تحولت الى معركة وصراع وتنافس لا بين سياسيين، بل بين طائفتين متناحرتين، كل طائفة تسعى لكسر شوكة الطائفة الثانية عبر كسب أكبر عدد من المقاعد في مجلس النواب. خطب دينية وسياسية تسعى لتثوير الناس، عبر حثهم على المشاركة في الانتخابات ليس لدواع خدمية، أو تشريعية، بل تعدى الأمر الى أكبر من ذلك. ففي الانتخابات السابقة، كان البرنامج الانتخابي للمرشحين، هو تقديم الخدمات وتشريع القوانين والرقابة على أعمال الحكومة، بالاضافة الى تحقيق الأهداف الخاصة لجمهورهم، أما في هذه الانتخابات، فالأمر مختلف تماما، إذ أن المرشح الشيعي أو السني، لم يعد مطالبا بأي شيء لجمهوره، بل عليه فقط أن يحافظ على سنيته أو شيعيته فقط، عليه أن يستخدم لسانه كسلاح فعّال في مواجهة الأخطار المحدقة بالمذهب، عليه أن يكون أسدا في مجلس النواب أو في البرامج الحوارية على شاشات التلفزيون أو عبر التواصل الاجتماعي من أجل أن يدافع عن طائفته ويرد كيد الطائفة الأخرى.

ونحن الناخبين، علينا أن نعي جيدا أن من ننتخبه لديه مسؤوليات جسيمات، فلا نكلفه بشيء ولا نطلب منه ولا ننتظر أن يقدم لنا أي خدمة، سواء كانت عامة أو خاصة، فيكفي أنه سيكون رقما في مجلس النواب الى جانب أرقام الطائفة الأخرى، يكفي أنه ينتمي الى الطائفة، فقط!

المقالات لا تعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن آراء كتابها
التعليقات (0)

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!