منذ أكثر من عقدين والعراق يواجه مشكلة مزدوجة بشأن الغاز فهو يستورد كميات كبيرة منه بمليارات الدولارات سنويا لتشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، فيما يقوم بالمقابل بحرق يوميا ما يمكنه من تأمين احتياجاته وتجنب إنفاق هذه المليارات.
إلا أنه وبعد إقرار وزير الكهرباء زياد علي فاضل، بنقض الإمدادات من الغاز الإيراني المستورد، بسبب الأحداث في المنطقة واستحالة تشغيل المحطات الكهربائية الرئيسية في بغداد على الغاز المحلي الوطني في الوقت الحالي، كشفت لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية النيابية، اليوم الأربعاء، عن توجه العراق للتعاقد مع كازاخستان لتجهيزه بمادة الغاز.
ويعتمد العراق في تشغيل أغلب المحطات الكهربائية على الغاز المستورد من إيران، وبحسب نائب وزير النفط الإيراني لشؤون الغاز مجيد جكني فإن إيران صدرت إلى العراق نحو 52 مليار متر مكعب من الغاز بقيمة 15 مليار دولار منذ 2017.
وقال المتحدث باسم لجنة النفط والغاز والثروات الطبيعية علي شداد في تصريح صحافي، إن “وزير الكهرباء زياد علي فاضل حضر مع الكوادر المتقدمة الى استضافة اللجنة بناء على توصيات سابقة”، لافتاً إلى أنه “تم استعراض موضوع شح مادة الكاز وزيت الغاز لاستنفاد الخزين الاستراتيجي لوزارة النفط ووزارة الكهرباء”.
وبين أن “أغلب محطات الكهرباء تعمل على مادة زيت الغاز (الكاز) وهذا بناء على التذبذب الحاصل في استيراد مادة الغاز من الجانب الإيراني”، مشيراً إلى أن “هناك أزمات مرت خلال أشهر الذروة رافقها عدم التزام الجانب الإيراني بتصدير الغاز للعراق لتشغيل المحطات الكهربائية مما أدى إلى الذهاب إلى الوقود البديل وهذا انعكس سلباً على المواطنين”.
وأضاف أن “اللجنة طالبت وزارة الكهرباء بتزويدنا بخطة 2025″، مشيراً إلى أن “وزارة الكهرباء ذاهبة للتعاقد مع كازاخستان لتجهيز العراق بمادة الغاز في المستقبل بكميات تصل الى 20 مليون متر مكعب”.
وفي وقت سابق من اليوم الأربعاء، استضافت لجنة النفط والغاز النيابية وزير الكهرباء زياد علي فاضل، وكادراً متقدماً من الوزارة، ومدير توزيع المنتجات النفطية في وزارة النفط لمناقشة تجهيز الوقود لوزارة الكهرباء.
وأكد وزير الكهرباء خلال استضافته، أن المحطات الكهربائية تعمل بأنواع مختلفة من الوقود، حيث تعتمد بعض المحطات على الغاز الإيراني المستورد والكاز، مثل محطة بسماية والصدر والمنصورية.
وأوضح أن هناك محطات تعمل على أنواع مختلفة من الوقود تشمل الغاز المستورد والمحلي والكاز”، مبينا أن “الوحدات الكهربائية الرئيسية في بغداد، وهي محطات بسماية والصدر والمنصورية، تعتمد بشكل كامل على الغاز الإيراني المستورد، بينما تُستخدم بعض الأجيال الكاز لتشغيلها، وخاصة محطة بسماية، فيما أكد أنه “من المستحيل تشغيل هذه المحطات على الغاز المحلي الوطني في الوقت الحالي”.
ويعاني العراق من عجز مزمن في الغاز رغم كونه من أبرز الدول النفطية في الشرق الأوسط، حيث يستورد بموجب اتفاق مع إيران نحو 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً عبر مجموعة من الأنابيب في شرق وجنوب البلاد، تم تشييدها لتجهيز محطات الكهرباء العراقية التي تعمل بالغاز.
وكان العراق قد أبرم 4 عقود مع شركة “توتال إنيرجيز” الفرنسية للطاقة في تموز الماضي بقيمة 27 مليار دولار في مسعى لتعزيز إنتاج النفط واستثمار الغاز المصاحب الذي سيوفر للبلاد نحو 300 مليون قدم مكعب قياسي من الغاز، فضلا عن إنتاج نحو ألف ميغاواط من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية المتجددة.
يشار إلى أن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، ذكرت أن العراق أشعل 629 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، بسبب عدم كفاية خطوط الأنابيب والبنية التحتية لغاية الآن، مبينة أن هذه الكمية المحترقة من الغاز تكفي لإمداد 3 ملايين منزل بالطاقة.
وتشير بيانات البنك الدولي إلى أن افتقار حقول النفط العراقية لمعدات جمع الغاز، يؤدي سنويا الى حرق 18 مليار متر مكعب من الغاز المصاحب للنفط، وبحسب تقديرات دولية، فإن هذا الحرق يكلف العراق 2.5 مليار دولار سنويا، أو ما يعادل 1.55 مليار متر مكعب من الغاز يوميا، وهو ما يعادل 10 أضعاف ما يستورده العراق من إيران.
وكان الخبير في شؤون النفط والطاقة حمزة الجواهري، أكد في تصريح صحفي سابق، أن “80 بالمئة من غاز تركمانستان، قامت روسيا بشرائه، ولم يتبق سوى 20 بالمئة وهي لسد احتياجاتهم المحلية، وهذا أمر مستغرب آخر، فكيف سيزودون العراق بالغاز”، مبينا أن “كلفة نقل الغاز ستكون مرتفعة جدا، خصوصا أنه سيمر بأنبوب سيمد خصيصا لهذا الغاز، وهذه التكلفة تعيد التساؤل حول عدم استثمار الغاز العراق لغازه بدل هذه الكلفة”.
وكانت وزارة النفط، أعلنت في آب 2023، الاتفاق مبدئيا على استيراد الغاز من تركمانستان لتلبية جزء من احتياجات محطات الطاقة الكهربائية، وفق مذكرة تعاون جرى الإعداد لها لهذا الغرض.
وتنتشر حقول الغاز المصاحب والطبيعي في معظم المحافظات النفطية العراقية، بواقع 70 بالمائة في حقول البصرة (مجنون، حلفاية والرميلة)، 10 بالمائة في حقول كركوك، 20 بالمائة في المناطق الشمالية والغربية في البلاد.
أقرأ ايضاً
- الكهرباء: ندعم القطاعين الزراعي والصناعي نسبة 60%
- قانون النفط والغاز يعود إلى الواجهة.. فهل سيتمكن السوداني من حل الخلافات حوله؟
- هل تحول الاندومي من غذاء إلى أداة لتهريب الدولار في العراق