ثلاثة من قامات الطب في هيئة الصحة والتعليم الطبي ممن عملوا لسنوات عدة في مستشفيات عالمية بأميركا والمانيا واليابان، وتعرفوا على جميع انظمة العمل الطبي والضمان الصحي وتكاليف العلاج، اكدوا جازمين على ان مبادرات العتبة الحسينية المقدسة العلاجية المجانية التي تنفق فيها مليارات الدنانير تنفيذا لوصايا المرجعية الدينية العليا تفوق الخيال ولا نظير لها في العالم.

طب وسفر اضطراري

ولد المدير الطبي لمؤسسة وارث الدولية لعلاج الاورام الدكتور ربيع قرياقوس حنا في محافظة نينوى عام (1975)، وانهى دراسته في الموصل وحصل على المركز السادس على العراق، وكانت جامعة النهرين قد افتتحت قبل اعوام وفيها كلية الطب التي تستقبل حينها (64) طالب سنويا فقط، ويقول لوكالة نون الخبرية " قدمت اوراقي للكلية عام (1993)، وحجزت مقعداً فيها بعد اجتياز المقابلة من بين (300) متقدم، واكملت دراستي عام (1999) وحصلت على شهادة البكالوريوس في الطب، وغادرت بصعوبة الى اميركا عام (2000) مضطرا لاسباب امنية، وبقيت اعمل بمهن مختلفة لعدم حصولي على الشهادة الورقية بسبب المؤشر الامني المقيد ضدي".

الدراسة والعمل

ويضيف بعد ان درست في اميركا حصلت على بورد نسائية وتوليد من جامعة "وين" في ديترويت، كما حصلت على الاختصاص الفرعي وهو "طب وجراحة الاورام النسائية" في جامعة "نورث كارولاينا"، وانهيت مدة ثلاث سنوات فيه، وعملت في مستشفى "هنري فورد" وهو هيئة صحية كبيرة جدا، يعمل في مستشفاها الرئيس (1400) طبيب وسعتها (800) سرير، ولديها ثلاث مستشفيات فرعية سعة الواحدة منها (200) سرير، واجريت خلال عملي فيها لسنوات طويلة حوالي (4000) عملية بالجراحة العامة والروبوتية"، مؤكدا ان" اميركا تعتبر اكثر دولة متقدمة في العلوم الطبية، وفي العام (2022) قررت العودة الى العراق وتمنت ان يكون عملي في مدينة مقدسة واخترت العمل في مدينة كربلاء المقدسة، والتحقت بمؤسسة وارث بعد مدة عمل قصيرة فيها انبهرت مما شاهدته من تطور في البنى التحتية والاجهزة والمعدات والخبرات الطبية".

قمة الانسانية

وعن سلسلة مبادرات العلاج المجانية التي اطلقتها العتبة الحسينية واخرها في مستشفى الثقلين واكاديمية التوحد بالبصرة يقول حنا انا" اتحدى اي شخص بالعالم يقول ان هناك مستشفى في الكرة الارضية يطلق مثل هذه المبادرات العلاجية المجانية، وانا عملت في اميركا في (6) مؤسسات طبية في نيويورك وتكساس وميشيغان في مستشفيات عدة ولم تعلن اي منهم يوما ما عن مبادرة علاج مجاني، وعند قدومي للعمل في مؤسسة وارث وجدت ان الهدف لا يقتصر على تقديم الخدمة الطبية لمرضى الاورام، وكان العلاج المجاني حينها لمن هم في اعمار (12) عاما، والان اصبحت لمن هم دون (15) عاما، وهو امر اعتبره قمة الانسانية ويغير حياة المرضى وعائلاتهم ويحفز مؤسسات اخرى للسير في هذا المنهاج، وما تقدمه العتبة الحسينية المقدسة بناء على توصيات المرجعية الدينية العليا الرحيمة لم يقدمه احد من قبل وتكاليفه باهظة جدا، حيث تنفق المؤسسة على سبيل المثال مبلغ (650) الف دولار على علاج الاطفال المجاني شهريا، فكيف بمن يجعل العلاج لمدة سنة كاملة مجانا ولجميع الشرائح، ومن المؤكد ان تتجاوز النفقات مبلغ (25) مليون دولار، اي مليارات الدنانير، بسبب كثرة المراجعين المحتاجين لهذه الخدمات الطبية المجانية، وهنا تشعر بحلاوة الايمان عندما تجد مرجعية دينية عليا يسري بدمها هذا البذل والعطاء للمحتاجين".

أمر يفوق الخيال

رئيس مركز اورام الثدي في مؤسسة احمد الوائلي الطبية الدكتور حيدر التميمي الذي قضى عشرون عاما بالعمل في مستشفيات هليوس في المانيا رئيسا لقسم التوليد وامراض النساء واورام الثدي اشار في حديثه لوكالة نون الخبرية ان" ما اعلن في محافظة البصرة من قبل ممثل المرجعية الدينية العليا الشيخ عبد المهدي الكربلائي بجعل علاج مرضى الاورام في مستشفى الثقلين بجميع شرائحهم مجانا لمدة عاما كامل، امر يفوق الخيال والعقل وحدث نوعي نفتخر به، عام كامل من الانفاق على علاج باهض ومكلف جدا حتى على الانسان المقتدر ماديا، وتوفير اجهزة هي الاحدث في العالم عبر فحوصات واستقصاءات وعلاجات تعد اغلى انواع الخدمات الطبية في العالم، وانا عملت لمدة عشرون عاما في المستشفيات الاوروبية واقول جازما بعدم وجود اي مؤسسة طبية في المانيا التي تعتبر من اقوى الاقتصاديات في العالم تتحمل ان تقدم العلاج المجاني لمدة ثلاثة ايام فقط، وكل خدماتهم تعتمد على الضمان الصحي ومبالغه مدفوعة مقدما من المريض ولا يستطيع الحصول على العلاج اذا لم يتوفر الرصيد في بطاقته الائتمانية، فما بالك عندما تكون الخدمات مجانية لمدة عام كامل تنفق فيها المليارات وهي جزء من العطاء المقدم لاهالي البصرة من المرجعية الدينية العليا".

مبادرات متوالية

اما مدير مركز الحياة للاشعة التداخلية وقسطرة الدماغ الدكتور غزوان علوان الطائي الحاصل على شهادة البكالوريوس في جراحة الجملة العصبية عام (2015)، كما حصل على الاختصاص الدقيق بعلاج الجلطات عبر القسطرة الدماغية، وقسطرة التشوهات الدماغية والحبل الشوكي من جامعة "هيوكو" اليابانية، وجامعة ايران للعلوم الطبية عام (2021)، وشغل مناصب عميد ومعاون عميد احدى الكليات الحكومية طوال (8) سنوات، اكد لوكالة نون الخبرية انه" عبر مسيرته المهنية وما يراه الآن يجري في العراق وخصوصا ما تقدمه مؤسسات هيئة الصحة والتعليم الطبي التابعة للعتبة الحسينية المقدسة، لا سيما ان العراق يفتقر الى التأمين الصحي، ما يعني ان على المواطن تكفل تكاليف علاجه غير المتوفر في المؤسسات الحكومية، وما شاهدته من مبادرات علاج مجانية اطلقها المتولي الشرعي للعتبة الحسينية المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي مثل مبادرات عطاء الامام الحسين التي استمرت لمدة (40) يوما، ومبادرة عطاء المجتبى لثلاثة ايام، والاكبر منها هو شمول من هم بعمر (15) سنة فما دون بالعلاج المجاني، نلمس تداعياتها هنا في مؤسسة وارث".

عام من العطاء

ويكمل حديثه بالقول " كما قررت العتبة المقدسة جعل علاج جميع التشوهات الوعائية الدماغية او باقي الجسم مجانية، وكلا المرضين علاجهما مكلف جدا خاصة بعض الادوية الحديثة مثل العلاج الموجه، وآخرها المبادرة الجديدة التي اطلقت قبل ايام قلائل للعلاج المجاني لمدة سنة كاملة لجميع خدمات مستشفى الثقلين لعلاج الاورام واكاديمية الثقلين للتوحد في البصرة التي تعتبر مركز علاجي لجميع المحافظات الجنوبية بل حتى الوسطى، وبعد انفاق اكثر من (16) مليار دينار خلال (40) يوما فقط خلال مبادرة عطاء الحسين، كيف بمن سينفق طوال عام كامل، واتوقع ان الكلفة السنوية المجانية ستشهد انفاق مليارات الدنانير على المرضى، وانا كنت اعمل في بلدان نستطيع وصفها بـ"عالية الانسانية" مثل اليابان، ولم اشاهد اي مؤسسة غير حكومية او خيرية او انسانية نهائيا تتبنى مثل تلك المبادرات العلاجية المجانية، والمريض تعامله مع الدولة والمستشفى، كما عملت في ايران وكان العلاج يعتمد على بوليصة تأمين خاصة يستخدمونها بسقف معين، وفي جميع البلدان التأمين الصحي هو مجموعة اقساط بسقوف مالية يسددها المواطن للدولة مسبقا قد لا تشمله خدمات اعلى مما يدفع، ومبادرات العتبة الحسينية لم ارى مثيلا لها ولم اسمع عنها في مختلف بلدان العالم، وجميعنا يتشرف بالتميز والمساهمة في مثل هذه المبادرات، وانا الآن اعمل في مركز فيه اجهزة حديثة تحلم بتوفيرها دول العالم المتطورة بالطب، وعلى سبيل المثال ان "عراب" القسطرة الدماغية في العالم الطبيب الفرنسي "جاك موريه" الذي علم الكثير من الاطباء الذين يقصدونه لحضور مؤتمراته لاكتساب الخبرة، يعمل على جهاز حديث جدا هو نفس الجهاز الذي اعمل عليه".

قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
تصوير ــ عمار الخالدي