- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
زيارة المصالح الاستراتيجية المشتركة
بقلم:عباس الصباغ
زيارة تاريخية كان لابد منها لمسؤول حكومي عراقي رفيع المستوى الى البيت الابيض ، ولوضع النقاط على الحروف في مايخص العلاقة الاستراتيجية مع الولايات المتحدة كونها عرابة التغيير النيساني المزلزل ، فالعراق يحتاج إلى نوع جديد ومستدام من الشراكة مع الولايات المتحدة تحت عنوان (الطريق إلى التعاون المستدام ) والبحث في جهود إرساء الأسس لعلاقات مشتركة طويلة الأمد، وتفعيل اتفاقية الإطار الاستراتيجي، واللجنة التنسيقية المشتركة العليا بين البلدين ولم يكن الطريق اما السوداني مفروشا بالزهور ومعبدا لاجراء مباحثات سلسة ومريحة وفي وقت مازال العراق ـ والشرق الاوسط ـ يعاني من تداعيات الحرب المفروضة على غزة وسلسلة عمليات التدمير والابادة الوحشية المنظمة ضد اهالي غزة مع استمرار التعنت الاسرائيلي الاهوج ضد اي مشروع اقليمي او دولي وحتى انساني لوقف اعتداءاته ، فالموقف الاسرائيلي غير الانساني وغير المسبوق والمدعوم استراتيجيا من قبل امريكا ذاتها ومعه الغرب بكل ثقله يمثل هاجسا مقلقا للعراق حكومة وشعبا ، يضاف الى ذلك تداعيات الردود الاقليمية لمايعرف بفصائل المقاومة خاصة العراقية منها في توجيه الضربات ضد المصالح الامريكية لهذا السبب , وكل هذه التحديات شكلت هواجس مقلقة كان يجب على السوداني ان يكون حذرا في التعاطي معها كونها شكلت الكثير من الاحراجات في مباحثاته مع اصحاب القرار في واشنطن ، وكان يجب ان يوازن السوداني بين المصلحة العراقية العليا ومتطلبات هذه المصلحة في جوانبها الوطنية الملحّة كالأمور المثبتة في منهاج الزيارة وهي مهمة جدا وتخص الوضع العراقي الحساس ، وبين متطلبات تلك الشراكة فهي مَهمة ليست سهلة للمفاوض العراقي ،يأتي على رأسها تفعيل اتفاقية الاطار الاستراتيجي المبرمة بين الطرفين عام 2008 وغير المفعّلة ، والتي تتضمن 7 مجالات مختلفة من بينها الملف الاقتصادي التي تعمل الحكومة على رسم سياسة نقدية ومالية قادرة على مواكبة التحديات مع اتباع آلية جديدة لتنظيم العمل المصرفي إضافة إلى الديون المترتبة على العراق، وستكون حاضرة بقوة على طاولة المفاوضات. وايضا جدولة انسحاب القوات الامريكية من العراق التي دخلت للمساعدة اللوجستية في الحرب الضروس ضد داعش عام 20014 ، حيث تؤكد الحكومة العراقية أنها جادة تماما في قضية سحب قوات التحالف، وأنها ذاهبة إلى علاقات شاملة مع الولايات المتحدة كبديل عن التحالف ، في حين تؤكد الولايات المتحدة من جانبها انها لم تنته من ذلك الموضوع وهي غير مستعجلة في الانسحاب ، ولكن العراق بتكاتف ابنائه ودماء شهدائه لم يعد بحاجة الى تلك القوات عدا من يحمل الصفة الاستشارية منها وهذا ما ستكشف عنه نتاج المباحثات ذات الجانب الامني مع البيت الابيض ، علما ان تلك المباحثات لم تكن ذات اجندة امنية ـ عسكرية بحتة بل ذات اجندة اقتصادية (زراعية , صناعية) ـ مالية ـ استثمارية بحسب الوفد الكبير الذي رافق السوداني الى واشنطن وهم من اصحاب الاختصاص (تكنو قراط). وكمنطلق الى عبور ضفة النجاح في المفاوضات مع واشنطن الى النجاح وهو المأمول به عراقيا ، كان لابد من التوافق الداخلي داخل البيت العراقي والذي يساهم في بناء الثقة بين الأطراف المختلفة في العراق، مما يعزز الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي يعطي الحكومة العراقية قوة أكبر (وصورة ايجابية) في التفاوض وتمثيل البلاد على المستوى الدولي، ، مما يمكن أن يعزز مكانة العراق في المنتدى الدولي ويعزز الثقة في قدرته على التعاون لاسيما في العلاقة بين بغداد واربيل او بينها وبين محيطها الاقليمي للخروج بصورة مشرّفة عن وفد متماسك سياسيا ، بعد ان تعرض الى اسقاطات وتداعيات الشراكة التحاصصية المؤسفة لاكثر من عقدين من الزمن والتي اودت بالكثير من فرص التقدم والازدهار والشراكة المستدامة مع المجتمع الدولي والشراكة المستدامة خاصة مع الولايات المتحدة .