بقلم: علي حسين
كنت ولا أزال أقول وأكتب دائماً: إن الصمت عن الخراب الذي حل بالعراق، شراكة في المسؤولية تتحملها جميع القوى السياسية، لأن مصائر البلدان لا يمكن أن تُترك لنهّازي الفرص من السياسيين الذين اكتشفوا بعد "خراب البصرة" فجأة أن الدولة المدنية هي الحل.
إنّ أفظع ما يدور من جدل مخجل، هو أن الجميع يتساءل: من يقف وراء الخراب الذي حل بنا، ومن صنعه، ويضحك ذوو الإجابة "الجاهزة" ويقولون مع ابتسامة "ساحرة" وهم يقلبون بأوراق "الروزنامة" فيقع بصرهم على متظاهري تشرين، إذن الشباب الذين خرجوا يرفعون شعارات ضد الفساد ويطالبون بدولة العدالة الاجتماعية وتطبيق القانون هم الذين جاءوا بكل هذا الخراب، سيقول البعض وهو محق حتماً، بالأمس تكتب عن الفرهود، واليوم تريد لنا أن نصفق لتظاهرات تفتح باب الفوضى، أيها السادة لم تكن الفوضى يوماً غريبة عن مجتمعنا فصبيحة كل يوم نقرأ في الأخبار عن العشيرة التي قطعت الطريق الدولي، والقبيلة التي تريد لها حصة في مشاريع إعمار البصرة، والعشيرة التي تهدد القوات الأمنية، عشائر تمتلك السلاح الثقيل، لكنها في الوقت نفسه تتغنى بسيادة الدولة وتعزف أنغام نشيد "السلاح بيد الدولة".
هذه هي أنباؤنا أيها السادة، فنحن الشعب الوحيد الذي يضحك عندما يقرأ خبراً يقول إن الرئاسات اجتمعت وتدارست وقررت أن تعلن "حصر السلاح بيد الدولة".. أما كيف، والسلاح مزدهر بجميع أنواعه: قنابل يدوية، رشاشات، صواريخ، وأيضاً مدرعات إذا تطلب الأمر.
يا سادة "حصر السلاح بيد الدولة"، هذا أقصى ما تتمناه الرئاسات الثلاث، وأقصى ما نُفرح به هذا الشعب الذي ظل ساهراً ليعرف نتيجة المباراة بين عشائر الناصرية .. إنسوا أن برلماننا الموقر ينادي بتأسيس مجلس للعشائر يدير هذه البلاد، وإنسوا أن معظم مسؤولينا يحتمون بعشائرهم في مواجهة الشعب، لا أُريد أن أقلب على حضراتكم المواجع في هذه الزاوية الصغيرة بشجون بلاد الرافدين لكننا أيها السادة لانزال نشغل الفيسبوك بشعارات العشائرية والكوامة والفصل العشائري و "أنت من ياعمام؟"، لا يمكن أن نتصور أبداً أن هذا شعب يريد التطلع إلى المستقبل، ومدعي المدنية فيه تجدهم أول من يستدعون عشائرهم في أبسط نزاع.
لا أدري ماذا سيقول العالم المتحضر وهو يسمع ويشاهد معركة عشائر الناصرية التي جرت هذه الأيام والتي تخبرنا الأخبار العاجلة أن العشائر المتنازعة بمختلف أنواع الأسلحة، وان رؤساء العشائر ينامون مطمئنين، فهم يعرفون جيدا انهم فوق القانون.