بشيء من الأمل، تنتظر السوق العراقية نتائج اتفاق عراقي - أمريكي جديد، جرى في الإمارات لمعالجة أزمة الدولار المتفاقمة، ورأى متخصصون في الشأن المالي والاقتصادي أن من شأن هذا الاتفاق الحد من عمليات تهريب العملة الصعبة، كونه سيوفر فرصة للتجارة بعملات أخرى غير الدولار، وهو ما يسهم بخفض سعر صرف العملة الأمريكية محليا، في وقت قلل فيه البعض من أهمية الاتفاق، كونه لم يعالج التجارة خارج المنصة.
ويقول الباحث في الشأن الاقتصادي حيدر الشيخ، إن "البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأمريكي، اتفقا على عدد من النقاط خلال الاجتماع الأخير في الإمارات، للحد من عمليات تهريب العملة والسيطرة على سعر الصرف الموازي".
ويضيف الشيخ، أن "الاتفاق العراقي- الأمريكي تركز على تعزيز أرصدة بعض المصارف العراقية باليورو واليوان الصيني مع فتح حسابات مصرفية بالروبية الهندية، وهذه تعد خطوة في الاتجاه الصحيح"، مبينا أن "هذا الاتفاق سوف يسهم في اعتماد بعض التجار على العملة الأجنبية غير الدولار في التعاملات الخارجية، خصوصا اليوان الصيني، وهذا قد يسهم في انخفاض سعر صرف الدولار خلال الفترة المقبلة".
وكشف مصدر حكومي، يوم أمس، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية، عن اتفاق البنك المركزي العراقي مع الجانب الأمريكي، على تعزيز رصيد مسبق لخمسة مصارف عراقية بالدولار، خلال اجتماع جرى في أبو ظبي بالإمارات، في الأيام القليلة الماضية، حيث سيتم تعزيز رصيد هذه المصارف عن طريق مصرف جي بي مورغان الأمريكي، كما تم حل المشاكل المتعلقة بالحوالات المرفوضة، وتم الاتفاق بأن يكون رفض الحوالات مستنداً لأسباب قوية.
ومن ضمن ما جرى في الإمارات، عقد اجتماعات مع أحد المصارف الإماراتية والبنك المركزي العراقي والجانب الأمريكي، لتنفيذ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي للمصارف العراقية، وتم حسم جميع التفاصيل الفنية المتعلقة بالموضوع، ومن المتوقع أن تبدأ آلية تعزيز الأرصدة بالدرهم الإماراتي خلال الأيام القليلة القادمة، حسبما جاء في خبر الوكالة الرسمية، إلى جانب مفاوضات وصلت إلى مراحلها الأخيرة لتعزيز أرصدة بعض المصارف العراقية باليورو لدى مصرف يوباف (UBAF) لتمويل التجارة مع الاتحاد الأوروبي، وزيادة عدد المصارف التي يتم تعزيز أرصدتها باليوان الصيني من خلال مصرف التنمية السنغافوري، لتمويل التجارة من الصين التي تقدر بـ12 مليار دولار سنويا.
كما أشار الخبر، إلى البدء بفتح حسابات مصرفية بالروبية الهندية لعدد من المصارف العراقية في ذات المراسل مصرف التنمية السنغافوري (فرع نيودلهي)، وفعلاً تمت عمليات تعزيز الرصيد لمصرفين عراقيين كمرحلة أولى، ويتوقع أن تسهم هذه الآلية في تمويل استيرادات العراق من الهند وخاصة الأدوية والمواد الغذائية والتي تقدر بنحو 3 مليارات دولار.
وكان محافظ البنك المركزي علي العلاق، أعلن في 24 أيلول الماضي، عن مضيّ البنك للاستغناء عن التحويلات الخارجية "السنة القادمة" واعتماد المصارف المجازة في العراق على بنوك مراسلة في عمليات التحويل الخارجي، فيما بين أن الحوالات عن طريق البنوك المراسلة بلغت 60 بالمئة من إجمالي الحوالات (خارج المنصة الإلكترونية الخاصة بالبنك المركزي)، وأكد العلاق أن ذلك جاء بعد اتفاق بين البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأمريكي، أسوة بدول العالم، حيث لا تمارس البنوك المركزية أعمالاً تنفيذية، ويتركز دورها في الإشراف والرقابة.
إلى ذلك، يبين الخبير في الشأن الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، أن "سعر صرف الدولار، وحسب توقعاتنا سوف يواصل الارتفاع خلال الفترة المقبلة، وربما يصل إلى 200 ألف دينار لكل 100 دولار، وهذا بسبب استمرار التجارة مع إيران وسوريا، والتي تمول عبر الحوالات السود".
ويردف حنتوش، أن "سبب أزمة الدولار في العراق هو خروج الدولار بطرق غير قانونية لتمويل التجارة مع إيران وسوريا، وبالتالي يجب وضع ضوابط لهذه التجارة، من خلال تسديد الأموال بعملة غير الدولار، وهنا يمكن أن يقل الطلب على الدولار في السوق الموازي، ويؤدي إلى انخفاض سعر الصرف ويقترب من السعر الرسمي".
ويلفت إلى أن "كل خطوات وإجراءات البنك المركزي العراقي، طيلة الفترة الماضية هي إجراءات لا تحل الأزمة، ولذا نعتقد أن ما جرى الاتفاق عليه مع الفيدرالي الأمريكي مؤخرا في الإمارات لن يأتي بشيء جديد، إذا لم يتم وضع حلول حقيقية لعمليات التجارة التي تجري خارج المنصة".
يشار إلى مساعدة وزيرة الخزانة الأمريكية إلزابيث روزنبرغ، وصلت إلى بغداد في 13 أيلول الماضي، وعقدت اجتماعا مع محافظ البنك المركزي علي العلاق، وبحسب البيان الرسمي، فقد جرت متابعة مخرجات ونتائج الاجتماعات السابقة بين البنك المركزي العراقي من جهة، ووزارة الخزانة الأمريكية والبنك الفيدرالي الأمريكي من جهة اخرى، فضلاً عن إمكانية تقديم الدعم الفني في مجال تمويل التجارة الخارجية عبر القنوات المصرفية الرصينة بآلياتٍ تُمكّن تمويل التجارة الخارجية المشروعة، بعملات مختلفة منها اليورو، اليوان الصيني، والدرهم الإماراتي، وكذلك تنظيم حركة التجارة مع تركيا.
من جهته، يبين الخبير المالي علاء جلوب الفهد، أن "الحوارات والاتفاقات ما بين البنك المركزي العراقي والبنك الفيدرالي الأمريكي في الإمارات مهمة ومفيدة جداً، إذ حقق تنوعا في سلة العملات الأجنبية، من خلال فتح حسابات في مصارف عراقية بالدرهم الإماراتي وبالعملة الصينية، وهذا الأمر سوف يقلل من الطلب الكبير على الدولار في تمويل الاستيرادات الخارجية".
ويؤكد الفهد، أن "هناك اتفاقا بين بغداد وواشنطن حصل في الإمارات، وتركز على معرفة الأسباب بكل تفاصيلها لرفض بعض الحوالات الخارجية، فخلال الفترة الماضية رفض الفيدرالي الأمريكي حوالات عراقية كثيرة دون كشف أسباب ذلك، وهذا ما زاد على طلب الدولار في السوق الموازي وأدى الى ارتفاعه"، متابعا "كما أن الاجتماع شهد الاتفاق على تحويل مباشر بالدولار إلى عدد من المصارف العراقية من قبل بنك جي بي مروغان بشكل مباشر، وهذا مهم جداً لسد شح الدولار في العراق".
وينوه إلى أن "هذه الاتفاقات أكيد سيكون لها أثر كبير في خفض سعر صرف الدولار في السوق الموازي، لكن الأمر يتطلب وقتا طويلا وليس بالقصير، إضافة إلى أنه يتطلب إجراءات حكومية من قبل الجهات التنفيذية لمنع التجارة غير الشرعية والقانونية، وهذا الأمر ليس من صلاحية البنك المركزي، وهذه التجارة هي سبب ارتفاع سعر صرف الدولار وحصول شح الدولار في السوق".
ومنذ أشهر، تدخلت واشنطن للحد من تهريب الدولار من العراق، ما أدى إلى ارتفاع سعر الدولار في السوق المحلية لمستوى قياسي بلغ 170 ألف دينار لكل 100 دولار، بسبب تراجع مبيعات البنك المركزي من الدولار، نظرا لخضوعه لنظام "سويفت" المالي الدولي.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- هل تطيح "أزمة الدولار" بمحافظ البنك المركزي؟
- انتخاب المشهداني "أحرجه".. هل ينفذ السوداني التعديل الوزاري؟