بالرغم من التداعيات البيئية وآثارها والتوصيات العالمية بأهمية الحفاظ على المساحات الخضراء داخل المناطق الحضرية، إلا أن المناطق الخضراء في محافظة ذي قار لا تشكل سوى 25 بالمئة من الحاجة الفعلية، وفق المعايير البيئية العراقية.
وتقول المتخصصة في الجغرافية البيئية منار ماجد، إن "المعايير والمقاييس العراقية تشير إلى أن كل مواطن في المناطق الحضرية بحاجة إلى 10 أمتار مربعة من المساحة الخضراء لكي يتمتع بها، فيما سجلت مدن ذي قار انخفاضا واضحا بهذه المساحات وبشكل إجمالي وصلت إلى اقل من 2 متر مربع".
وتضيف ماجد، إلى أن "هناك حاجة ملحة لهذه المساحات في المحافظات الجنوبية، لأنها الأكثر تضررا بفعل التغيرات المناخية"، مقترحة أن "يتم الاستعانة بوسائل وطرق لزيادتها من خلال معالجة شح المياه عبر إعادة تدوير مياه الصرف الصحي بشكل حقيقي، فلو تحقق هذا الأمر سيشكل مصدرا اقتصاديا كبيرا للمحافظة، ويمكن الاستفادة منه ليس في زيادة المساحات داخل المدن الحضرية بل دعم الأهوار أيضا".
وكانت دائرة التخطيط في محافظة ذي قار، أكدت أن المساحات المخصصة لأن تكون خضراء داخل المناطق الحضرية تجاوزت الـ18 مليون متر مربع، فيما المنفذ منها هي مليونين و400 ألف متر مربع فقط، وهذه المساحة لا تتناسب مع النفوس السكانية الحضرية الذي بلغت مليونا و452 نسمة، وبحسب الدائرة فان هذا بعني أن لكل مواطن مساحة خضراء فعلية تصل إلى قرابة المترين مربع، أي هناك عجز 8 أمتار.
وتعاني أغلب مدن العراق من فقدان المساحات الخضراء، بما فيها العاصمة بغداد، ومؤخرا ضجت وسائل التواصل الاجتماعي، بعشرات الصور لقطع أشجار في بغداد، وسط استهجان كبير من الناشطين والخبراء في البيئة، خاصة وأن قطعها يتزامن مع أقسى موجة جفاف وتصحر يمر بها العراق، كما أنه يخالف توجه الجهات الحكومية لوقف التصحر ووضع الحلول المناسبة للتقليل من آثاره.
إلى ذلك، يؤكد مدير بلدية الناصرية علي عبد الستار، أن "واحدة من الأسباب التي تقف عائقا أمام وجود وتوسع المساحات الخضراء، هو التمويل، فإذا ما وجد التخصيص المالي بالشكل المناسب يمكن استحداث الحدائق ودعمها بالكوادر الفنية والفلاحين والمزارعين لإدامة المزروعات".
ويتابع أن "المؤسسات الحكومية يمكن أيضا أن تدعم هذه الأماكن عبر تبني كل دائرة ومؤسسة مساحة خضراء، وهي من تقوم بزراعتها وإدامتها لكي يكون العمل مشتركا".
وبدأ يترك انعدام المساحات الخضراء تأثيراته البيئية والصحية في العراق، إذ حلّ البلد ثانيا كأسوأ الدول تلوثا بعد دولة تشاد الأفريقية، وعزا متخصصون بالبيئة ذلك إلى الانبعاثات وعوادم السيارات الكثيرة وانعدام الحزام الأخضر، وطالبوا بالانتقال إلى وسائل النقل الجماعية والطاقة النظيفة وإلزام أصحاب المولدات والمعامل بفلترة الغازات المنبعثة منها، وسط ارتفاع في حالات الإصابة بالربو، وأمراض مزمنة بالصدر، فضلا عن السرطان.
من جانبه، يشير أستاذ علم الجغرافيا بجامعة ذي قار حسين الزيادي، إلى أن "وجود العشوائيات وإحاطتها بالمدينة أسهم في حصر المدينة وعزلها، بالإضافة إلى استغلال الأسر داخل المنزل للحدائق المنزلية وانشاء منازل صغيرة، فهذا يعتبر سببا إضافيا".
ويبين أن "المشاريع الاستثمارية التي يتم إنشاؤها تبحث عن الأرباح ولا تهتم للجوانب الأخرى وهي المناطق الخضراء، وإن وجدت هذه المساحات في المشاريع الجديدة فتكون محدودة".
ويقارن الزيادي العراق مع دول العالم: الدول تفرض أن تكون ثلث مساحة المنزل هي مساحة خضراء، وهذا يعني تقييم للأثر الإيجابي من فرض تلك المساحات على المنازل".
وما تزال قضية الحزام الأخضر، تنتقل من حكومة لأخرى دون تنفيذ حقيقي، باستثناء ما أعلنه رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، عن مبادرة لزراعة 5 ملايين شجرة ونخلة، وهو ما قلل من أهميته متخصصون بالبيئة، حيث أكدوا أن البلد بحاجة إلى مليارات الأشجار.
وكانت وزارة الزراعة، أعلنت في عام 2020، عن حاجة العراق إلى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر، بالإضافة إلى إطلاقها مشروعا يرتكز على توزيع الشجيرات إلى البلديات في بغداد والمحافظات ومنظمات المجتمع المدني مجاناً لزراعتها داخل المدن وحولها لتدعيم الحزام الأخضر لمنع زحف الصحراء نحو المدن.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- خلال يوم واحد.. 241 شهيداً وجريحاً بسبب الغارات الاسرائيلية في لبنان
- زلزال بقوة 4.9 درجات يضرب وسط تركيا
- التخطيط: التعداد عمل تنموي هدفه ليس قطع الإعانات الاجتماعية أو فرض الضرائب على السكان