- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
رؤية المقاومة وهستيريا اعدائها !!
بقلم: سعيد البدري
في عمومية المواجهة مع العدو الصهيوني الغاشم، لابد من ادراك حدود الوعي اللازم بالقضية الفلسطينية، الذي يجعلها قضية حية لا تقبل المساومة والنسيان، فنحن كشعوب مسلمة تتبنى حق الشعب الفلسطيني، وترفض مصادرة وجوده وطمس هويته وتاريخه، مطالبون على كل حال ان لا نهادن ونغفل ولا حتى نغير الاولويات، كما ينبغي ان يكون اعتقادنا ورأينا قاطعا "بعدم احقية الصهاينة بذرة تراب من ارض فلسطين العزيزة"، من هنا فأن اي تمدد للصهاينة كما حصل وبذات الاسلوب اللصوصي خلال غزوهم واجتياحهم الارض في ما عرف بالنكبة عام 1967، هي من قادت لتهجير واسع النطاق تحت تهديد السلاح، ويراد وبذات ادوات الدعم الغربي للامر ان يعاد، لشعب بلا ناصر او معين، في ظل مرحلة التطبيع الحالية التي تشكل بحسابات من خطط لها، اخر فصول التأمر وتصفية ما تبقى من الارض، كمقدمة لابتلاع غزة، وهو ما سيؤدي لتحويل (سند) ملكية فلسطين الارض والتأريخ بالكامل لصالح اليهود، مع الاعتراف بوجودهم كدولة ذات سيادة، وكيان واقع واجب التعاطي معه كشريك وحليف في المنطقة.
السؤال الاهم الذي يجب طرحه وعدم اهمال فرضياته يتعلق بخلفيات عملية طوفان الاقصى، والتي ينبغي فهمها عميقا، فهي ليست مجرد عملية تعرض، وشغب وقتل للمستوطنين كما يدعي الكيان المجرم ويروج عبر دوائر الاعلام الغربية المتحالفة معه، نعم هناك اتجاه يرى فيها عملية (انتحارية) اعطت قوات الاحتلال الذرائع اللازمة لممارسة القمع والتوسع والاستمرار بتصفية القضية الفلسطينية، وهذا ليس دقيقا تماما، لان مثل هذا الادعاء ينطوي على محاولة الغاء وظيفة المقاومة، وكونها طرف يرفض الاستسلام ويرد على جرائم الاحتلال في الوقت والمكان المناسبين، فهذه الجرائم اكثر من ان تعد وهي لا تسقط بالتقادم مطلقا، كما ان عملية طوفان الاقصى بحقيقتها عملية دفاع مشروع عن حصن من حصون المقاومة والممانعة، وربما لايفهم هؤلاء الدوافع لكننا نؤكد، بانها عملية حربية استباقية، استهدفت وقف مسلسل مريب، قد اتخذ قرار تنفيذه فعليا في غرف الصهيونية وبمباركة اميركية غربية، وبعلم واطلاع المطبعين وقبولهم، فنحن نفهم ان احاديث القوم في السر اختلف عن احاديثهم العلنية، وما يحدث اليوم من تباك وادعاء بالحرص على المدنيين كاذب ويتعارض مع ما يقومون به من افعال، فمحاولات الرفض الخجولة، ليست الا تماه مع اصل مخطط بيع الارض، بحجة منع حماس من تهديد امن المستوطنات، وكما يبدو فأن السيناريو المنفذ حاليا بحرق الارض وقتل المدنيين، مفهوم من قبل حكومات التطبيع العربية، و مرض ٍ لها، وربما منسجم مع رؤية هذه الانظمة، فهي تمتلك الرغبة والطموح للتعاطي مع الكيان الصهيوني، و التعامل معه بلا قيود وشروط ترتبط بمصير ومألات شعب فلسطين.
النتيجة النهائية تشير الى ان ما يجري اليوم هو رد فعل مبرر على مجمل ممارسات الكيان الغاصب الاجرامية، وما دأبت عليه الانظمة العربية من انبطاح واستسلام، وعدم مناقشة اميركا الاب الروحي للصهيونية فيما تقرر "مستمر وقائم"، وان ما نعيشه من احداث جسيمة ليس كما يزعمون، بل هو عملية استبدال تدريجي ممنهج لفلسطين واهليها، بالكيان الصهيوني ومستوطنيه، حتى ان مخطط توزيع سكان الاراضي المحتلة من الفلسطينيين قد تم اقراره وتوزيع الاعداد على بعض البلدان العربية مقترح مطروح على اجندة المطبعين، وان هذه الانظمة ليست بريئة كما يؤكد سلوكها ودفاعها عن الصهاينة، وهي تنتظر ما ستسفر عنه الاحداث والمواجهة العسكرية الحالية، التي وعدتهم اميركا بأنها ستكون نهائية، ويبدو ان ما تهدد به وتحشد له، بتواجدها العسكري، هو تكتيك تدفع باتجاهه لارهاب المقاومين، وتمكين الصهاينة للتحكم بالمشهد الامني، وهو يأتي بسياق تنفيذ خطة تهويد القدس اولا، وضم الاراضي المطلة على المتوسط، بما فيها سواحل غزة للشروع لاحقا، وفق خطة يكون فيها اندماج الكيان مع المحيط العربي والاسلامي امرا مفروغا منه، اما انعكاسات ذلك على الواقع الفلسطيني، فمن الاهداف غير المعلنة لهذا المخطط، هو تعقيد مهمة المقاومة في البقاء والاستمرار، واكتساب الدعم اللازم شعبيا لاداء واجباتها، خصوصا ان آلة الدعاية الغربية روجت بأن حماس و (كتائبها) اعطت المبرر، وسمحت لآلة الحرب الصهيوينة بالدوران، واستباحة غزة وتهجير اهلها، انطلاقا من زعم باطل يشير لحق الكيان في الدفاع عن نفسه، بالسبل والوسائل المتاحة كافة، دون اعطاء هذا الحق للفلسطينيين غير المرغوب بوجودهم، فمصيرهم الطرد والاستبعاد وبطرق واعذار شتى.
بناءا على ما تقدم من تصورات، فأن اي انتصار للشعب الفلسطيني في هذه المواجهة، يعني انهيار تلك المخططات وابقاء القضية الفلسطينية فاعلة متفاعلة، واعادة المقاومة للواجهة كطرف مباشر معني يملك شرعية وحق المقاومة وتمثيل طموحات الشعب الفلسطيني، والتعاطي معها من هذا المنطلق كفيل بالغاء الواجهات والاطراف الفلسطينية الضعيفة سياسيا، والتي رغم هزالة مواقفها وتأثيرها تصر على استخدام عبارة (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني)، كما ان انتصار نهج المقاومة سيحد من حجم التدخلات الضارة، والمساومات الجارية التي استجابت لها السلطة الفلسطينية من موقع الضعف، كما ستسهم بتشجيع الشعب على الايمان بهويته ووجوده كحاضنة داعمة ومساندة لقضيته، فضلا عن ان ذلك سيضع حدا للتأمر العلني والصفقات التي تجامل اميركا وتقرر الحلول نيابة عن الشعب الفلسطيني، نعم يجب ان تنتهي هذه المعركة بتمكين المقاومة الفلسطينية ودعمها للعب دور رادع بأعتبار ذلك ضرورة تفرضها طبيعة الصراع وادواته، فكل ما يمثله الكفاح المسلح بعد استنفاذ الحلول السياسية والمقاربات سيبقي المواجهة في حدودها الطبيعية، التي تمنع العدو من التمادي، وبذلك تستمر حالة الصراع بفقد الكيان الغاصب الاهلية والشرعية في التحكم وفرض ارادته، رغم جسامة مهمة المقاومة وقلة امكانياتها.
لقد ضرب المقامون الغزاويون الصابرون، ومعهم ابطال المقاومة في الاراضي المحتلة وخارجها اروع امثلة الشجاعة والجراءة، وابدوا استعدادا عاليا وتنظيما غير مسبوق في عملية طوفان الاقصى، فقد كان ما شاهدناه محكما حد الابهار، ويتناسب مع ما يخوضون من صراع وجود خاضوه بمسؤولية وشرف، وما دفعهم لذلك هو حجم الاخطار المحدقة، فلم يعد للسكوت معنى، وان اي تأخير في مكان وزمان المعركة كان سيعني المزيد من الصعوبات والتعقيدات، وتضييع الفرصة على المقاومين، في ضرب هذا العدو الجبان الغادر وتنبيهه بأن مخططاته مكشوفة، وهي ليست امرا واقعا كما يتوهم، لذلك فأن هذه العملية الشجاعة اربكت حسابات العدو واعادت الثقة بقدرات المقاومين، ولفتت لتطور اساليبهم بشكل لافت يثير الاعجاب، ففلسطين ارض وقضية لا يمكن تجاوزها ببساطة، لأننا امام مخطط معروف الغايات، وهو ما ارادت المقاومة قوله عمليا، دفع رجالاتها للتصدي له طول اشهر، والاستعداد لتنفيذه بشكل محكم، مع حساب كم الخسارات الكبيرة والتضحيات المتوقعة، وهي تتناسب وحجم المؤامرة المستمرة على حاضر ومستقبل فلسطين، ولا مجال للعودة الى الوراء مهما عظمت التضحيات واشتدت الخطوب، فأما النصر او النصر ولا بديل عن هذا الخيار، والمقاومة هي الحل، ولا خطوط حمراء تمنعها من خوض معركتها بأسم الشعب الفلسطيني، ومواصلة الطريق بذات الهمة والاصرار حتى النهاية.
أقرأ ايضاً
- القنوات المضللة!!
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- المقاومة اللبنانية والفلسطينية بخير والدليل ما نرى لا ما نسمع