في خطوة استباقية، شككت قوى سياسية "مدنية" مشاركة في انتخابات مجالس المحافظات المزمع اجراؤها في كانون الأول المقبل، في نزاهتها، عبر توجيه اتهام لجهتين سياسيتين بإجراء تغييرات في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمجيء بشخصيات "حزبية"، وفيما كشفت عن توجهها للأمم المتحدة بصفتها جهة رقابية، نفى الإطار التنسيقي ذلك، وعزاه إلى شعور تلك القوى بالفشل في الانتخابات، لكن مراقبا لم ير جديدا في سيطرة الأحزاب على المفوضية منذ تأسيسها.
ويقول القيادي في قوى التغيير الديموقراطية علي النجار، إن "الأيام الماضية شهدت تغييرات غامضة ومشبوهة في مناصب مهمة في مفوضية الانتخابات بالدوائر القانونية والمالية ودائرة العمليات وغيرها في محافظات مختلفة وكذلك بعض مدراء المكاتب".
وكان تحالف قوى التغيير الديمقراطية، أصدر أمس الاول الأربعاء، بيانا عبر فيه عن قلقه الشديد من التغييرات التي جرت وتجري داخل دوائر المفوضية العليا، متهما جهتين سياسيتين نافذتين بالاستحواذ على عدد من دوائر المفوضية ومكاتبها، فضلا عن تعيين رئيس مجلس الوزراء مستشارين لشؤون الانتخابات، يخدمون ماكنات انتخابية لقوى في السلطة، وبشكل علني، كما جاء في نص البيان.
ويضيف النجار، أن "التعيينات الجديدة تمت وفق محاصصة سياسية ما بين طرفين أساسين داخل الإطار التنسيقي، وهذا ما يثير المخاوف من وجود نية مسبقة للتلاعب في انتخابات مجالس المحافظات ونتائجها، الأمر الذي يدفعنا إلى الخوف على أصوات الناخبين ونزاهة وعدالة العملية الانتخابية".
ويؤكد القيادي في قوى التغيير الديموقراطية، "أننا لم نكتف بإصدار البيانات والضغط الإعلامي، لكن سيكون لنا حراك رسمي نحو الأمم المتحدة لأنها جهة رقابية دولية مهمة على نزاهة الانتخابات العراقية، فيجب أن يكون لها دور بقضية هذه التغييرات المشبوهة والحزبية، التي لها نية للتلاعب المسبق بما ستفرزه الانتخابات المقبلة".
ويضم هذا التحالف قوى تطلق على نفسها "مدنية" ويضم أحزابا ناشئة وأخرى "عريقة" وشخصيات مستقلة أبرزها: الحزب الشيوعي العراقي، التيار الاجتماعي الديمقراطي، حركة نازل اخذ حقي الديمقراطية، الحركة المدنية العراقية، حزب البيت الوطني، حركة المثقف العراقي، حزب الريادة العراقي، التجمع الجمهوري العراقي والتيار الديمقراطي العراقي.
ومن المفترض أن تجري انتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول المقبل، وفقا للموعد الذي حدده رئيس الحكومة محمد شياع السوداني.
بالمقابل، يرى القيادي في الإطار التنسيقي، عائد الهلالي، أن "هناك من يحاول أن يروج لشائعات لا صحة لها، ومنها سيطرة أطراف سياسية على مناصب مهمة في المفوضية، وهذا الأمر هو لإيجاد مبرر لمعرفة بعض الأطراف أنها ستفشل في العملية الانتخابية المقبلة".
ويلفت إلى أن "هناك أطرافا ليس لها ثقل سياسي أو شعبي بدأت من الآن حملة لتشوية صورة العملية الانتخابية حتى تجد مبررا لعدم حصولها على الأصوات الكافية، خصوصاً وأن القوى السياسية الكبيرة في الإطار التنسيقي وحتى خارجه لها قواعدها الشعبية وثقلها السياسي، وهي تتصدر كل انتخابات تجرى، والانتخابات البرلمانية المبكرة خير دليل، رغم وجود تحفظات كبيرة على أداء المفوضية في وقتها".
ويستطرد "رئيس الوزراء محمد شياع السوداني شدد على ابعاد أي تدخل سياسي في عمل المفوضية، وأكد على دعمه الكامل لاستقلالية عمل المفوضية، وحتى حزبه لم يشارك في العملية الانتخابية، حتى لا تكون هناك أي شبهات على أداء المفوضية".
يذكر أن الانتخابات النيابية السابقة في 2021، شهدت لغطا كبيرا، لاسيما ما يخص أجهزة تسريع النتائج والعد والفرز الإلكتروني، وجرى توجيه اتهامات باختراق الوسيط الناقل (السيرفرات) للتلاعب بالنتائج، وقد رفع تحالف الفتح برئاسة هادي العامري دعوى أمام المحكمة الاتحادية لإلغاء نتائج الانتخابات، لكن المحكمة ردتها وصادقت على النتائج.
يشار إلى أنه جرى اعتماد الدوائر المتعددة في الانتخابات التي جرت في عام 2021، وهو ما يحصل لأول مرة في الانتخابات العراقية، حيث كانت تجري سابقا باعتماد كل محافظة دائرة واحدة، وفق نظام سانت ليغو، وتختلف نسب تقسم الأصوات من انتخابات لأخرى وفق ما يقره البرلمان في حينها.
من جهته، يبين المحلل السياسي ماهر عودة، أن "مفوضية الانتخابات في العراق منذ تشكيلها بعد عام 2003، وهي تخضع للمحاصصة السياسية والطائفية ما بين الكتل والأحزاب المتنفذة، ومحاولة بعض الأطراف للهيمنة على بعض مناصب المفوضية حالياً ليس بالأمر الجديد".
ويتابع أن "سيطرة الأحزاب والكتل المتنفذة على مفوضية الانتخابات، بالتأكيد سيكون له تأثير كبير على نزاهة وعدالة الانتخابات، لذا فأن المناصب المهمة في المفوضية يجب أن تكون بعيدة عن أي تدخل سياسي، يمكن أن يفتح الباب لأي تلاعب في نتائج الانتخابات المقبلة، فهذا الأمر خطير إذا ما حصل وربما تكون له تبعات كبيرة".
ويشدد على أن "الرقابة الدولية من قبل الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى الدولية المختصة أمر ضروري لمنع أي تلاعب قد تعمل عليه بعض الأحزاب والكتل المتنفذة، التي فرضت هيمنتها على مناصب مهمة في مفوضية الانتخابات".
جدير بالذكر، أن كلا من ائتلاف الوطنية، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، إياد علاوي، وحركة امتداد، وقوى "مدنية" أخرى، أعلنت في آب الماضي، مقاطعة الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها في 18 كانون الأول المقبل، مشيرة إلى أن مجالس المحافظات هي حلقة زائدة في تركيبة الدولة وباب للاستحواذ على مقدرات الشعب، إضافة إلى المال السياسي الذي لا يزال لاعباً كبيراً وأساسياً في العملية الانتخابية والديمقراطية الزائفة، على حد وصفهم.
وجاء قرار القوى أعلاه، في ظل مقاطعة التيار الصدري العملية السياسية وانتخابات مجالس المحافظات.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- بعد الانتخابات.. أزمة قانونية وسياسية تنتظر الإقليم والبوصلة تتجه لـ"الاتحادية"
- الانتخابات المبكرة ورقة ضغط على السوداني أم "مغازلة" للتيار الصدري؟
- انتخابات 2023.. "التشكيك" يلاحق نسبة المشاركة الأدنى بعد 2003