- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الربط السككي الإيراني - العراقي: سياحي عراقي أم تجاري إيراني ؟!
بقلم: بركات علي حمودي
في "ترند" جديد لحكومة محمد شياع السوداني المثيرة للجدل بسبب أدائها المثير للقلق عند النُخب والكثير من الشعب العراقي، وضع رئيس الوزراء العراقي، حجر أساس الربط السككي مع إيران في منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران، بحضور النائب الاول للرئيس الايراني محمد مخبر.
وأثار هذا الموضوع الجدل في وسائل التواصل الاجتماعي، خصوصاً أن رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني قد عارض هذا الاتفاق في وقت سابق عندما تم الإعلان عنه في زمن حكومة مصطفى الكاظمي عام 2021 حيث قال في تصريحات إعلامية في وقتها، "أن أي ربط سككي مع إيران، يعني الضرر بالموانئ العراقية والتفريط بها وإنهاء ميناء الفاو".
غير أن الذي حدث بالفعل، هو أن السوداني قد وضع حجر الأساس لهذا المشروع ليضيف (تناقضاً) جديداً لسلسلة تناقضات شعاراته وتصريحاته عندما كإن نائباً في البرلمان ووجوده في أعلى هرم السلطة اليوم.
معارضون للربط السككي مع دول الجوار
منذ الإعلان عن هذا المشروع منذ سنوات عدة، كانت هناك معارضة لهذا المشروع من نُخب أكاديمية متخصصة في النقل وكذلك من نواب في البرلمان، وكانت معارضتهم نابعة من أن هذا الربط السككي سيُنهي الفائدة من موانيء العراق كما يقول ذلك وزير النقل الأسبق و النائب الحالي عامر عبد الجبار لأكثر من مرة منذ سنوات، و آخرها كان في تغريدة له على منصة X قال فيها:
"استثمار الزيارة الاربعينية لوضع حجر أساس مشروع ربط سككي مع إيران، هو توجيه رصاصة الرحمة على ميناء الفاو، تنتفي بذلك حاجة 91 رصيف في ميناء الفاو و ربما تنحصر عند 15 رصيف !!"
وبهذا يتبين أن المشروع من حيث رأي الخبراء، فيه ضرر على الموانئ العراقية .
أحلام جيوسياسية ايرانية !
تسعى إيران (لاستراتيجية السكك) بطريقة تستطيع من خلالها زيادة نفوذها العسكري والاقتصادي في الشرق الأوسط، وتحقيق عائدات مالية.
وتأمل إيران مستقبلاً، استثمار التجارة مع الهند والصين وباقي دول شرق آسيا وربطها مع الموانئ السورية في البحر الأبيض المتوسط (إضافة للفوائد العسكرية) فضلاً عن أن تكون بذلك دولة رائدة في الشرق الأوسط بتبادل البضائع بين الشرق والغرب لتصبح "شرطي المنطقة" تجارياً وعسكرياً.
من نُصدق ؟
رئيس الوزراء العراقي أم نائب الرئيس الإيراني ؟!
بمجرد أن اُعلن عن نية السوداني وضع حجر الاساس لمشروع الربط السككي مع إيران، غصت وسائل التواصل الاجتماعي بفيديوهات سابقة للسوداني إبان حكومة الكاظمي، يعارض فيها بشدة أي ربط سككي مع اي دولة من دول الجوار العراقي.
وربما هذا ما سببّ الحرج لحكومة السوداني والتي سارعت عبر المتحدث باسمها، باسم العوادي بالقول إن الربط هو لأغراض نقل المسافرين حصراً وليس لأغراض تجارية، كما سارعت قنوات مقربة من الإطار التنسيقي لأول مرة بالقول إن هذا المشروع هو نتاج اتفاق رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي، وأن السوداني أعاد ترتيب الإتفاق بجعله ربط سككي للمسافرين فقط، في حين كانت هذه القنوات تتهم الكاظمي بأنه لم يعمل أي مشروع اقتصادي، وكان يعمل للتفريق بين إيران والعراق، لا بل كانت تتهمه بأنه أحد الضالعين بعملية اغتيال سليماني والمهندس قبل وصوله لمنصب رئيس الحكومة عام 2020 !
حتى أن حجر الأساس كُتب عليه اليوم، الربط السككي لنقل المسافرين، و كأنه رد على الشكوك والريبة الحاصلة بسبب هذا الاتفاق.
غير أن لنائب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمد مخبر، رأيٌ آخر قاله قبيل سفره لـ خوزستان جنوب غرب إيران لوضع حجر الأساس مع السوداني، حيث قال في تصريحٍ صحفي: "هذا المشروع هو خطة استراتيجية لإيران والعراق وتحول في منطقة غرب آسيا، حيث أن المشروع يربط السكك الحديدية بين البلدين ومن شأنه أن يكمل طرق النقل الدولية.
وأضاف مخبر قائلاً: سنشهد قفزة هائلة في التبادل التجاري بين البلدين مع استكمال مشروع الربط السككي (الشلامجة - بصرة)، والدول التي تقع في شرق العالم يمكنها الوصول لدول البحر الأبيض المتوسط من خلال هذا الخط السككي الجديد".
تصريح نائب الرئيس الإيراني هذا، يُفند ادعاءات الحكومة العراقية جملةً وتفصيلا، وأثبت أن المشروع هو تجاري بالأساس لنقل البضائع وليس لنقل المسافرين كما تروج الحكومة العراقية ذلك !
وهنا عطفاً على هذا التناقض بين تصريح المسؤول الإيراني وتصريح الحكومة العراقية، وبغض النظر عن ضرر الربط السككي من عدمه أو جدواه الاقتصادية من عدمها ، نتساءل لماذا لا توجد شفافية في طرح الحقائق للشعب العراقي في هكذا مشاريع أصبحت مشبوهة أو على الاقل مثيرة للجدل بسبب زيادة اللغط حولها ؟
لماذا كان رئيس الوزراء الحالي ينتقد هذا الربط في زمن رئيس الوزراء السابق ؟
ولماذا مضى به الآن ؟
إن كان اتفاق الربط السككي بفائدة للعراق، لماذا عارضه اذاً في السابق ؟
وإن كان الاتفاق فيه ضرر على الموانئ العراقية كما كان قال السوداني ذلك عندما كآن نائباً في البرلمان، فلماذا وافق عليه اليوم عندما أصبح رئيسا للوزراء، لا بل ذهب بنفسه لوضع حجر الاساس مع أن الاتفاق اصلاً لم يكن نهائيًا في زمن الحكومة السابقة، بل كانت اتفاقات مبدئية فقط يستطيع السوداني التراجع عنها اليوم ؟
ولماذا مضى السوداني باتفاق الربط السككي بين الخليج وأوروبا عبر تركيا والذي عمل عليه الكاظمي إبان فترة حكومته، والذي اسماه السوداني طريق التنمية، ومن ثم اليوم ربط سككياً مع إيران، رغم أن المختصين يقولون ان فيه ضرر حتى على طريق التنمية ؟؟
وبعدها لنسأل السؤال الاهم:
هل ستوافق الولايات المتحدة الاميركية أصلاً على هكذا مشروع استراتيجي لايران وهي تعمل الآن عبر آلاف الجنود الاميركيين الجُدد على قطع الحدود البرية بين سوريا والعراق لمنع اي وصول ايراني لسورية ولبنان و للبحر المتوسط ايضاً ؟!
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- فزعة عراقية مشرّفة
- التبادل التجاري مع دول الجوار