بقلم: علي حسين
غريبة هي أخبار هذه البلاد، فبينما تصدر يوميا ملايين من براميل النفط، خرجت علينا وزارة التخطيط لتخبرنا أن ربع سكان العراق يعيشون تحت مستوى خط الفقر، وان حظوظنا من السعادة لا تزال بعيدة، فيما حظوظ الساسة في تصاعد مستمر، فلا احد يستطيع زخزحتهم من الكراسي.
نقرأ في اخبار البلدان السعيدة أن الناخبين في فنلندا عاقبوا رئيسة وزرائهم سانا مارين، واسقطوها في الانتخابات بعد أن نشرت وسائل الإعلام قبل أشهر مقطع فيديو كانت ترقص فيه مع أصدقائها، رغم أن هذه السيدة استطاعت أن تدير شؤون بلادها بكفاءة عالية، ولا أريد أن أخبركم أن فنلندا كانت هذا العام على قائمة الدول الأكثر سعادة، كما أنها تُعدّ أقلّ الدول فساداً.
نحن خارج هذه الحسابات، فقد حصدنا المراكز الأولى في الفساد الاداري والمالي، والبؤس ودرجات متأخرة في الفرح والسعادة.
لا يهم، فمثل هذه التقارير تضعها منظمات تتآمر على تجربتنا "الديمقراطية"، لا نقرأ في الأخبار عن خطب المسؤولين في فنلندا، رئيسة وزراء فنلندا تؤمن بأنّ الليبرالية ليست شعارات تبث في الفضائيات، ثم يذهب أصحابها مساء كل يوم إلى عشيرته، وليست آيديولوجيا تُقرأ في الكتب، ولا حرباً بين العشائر، إنها عدالة اجتماعية ورقيّ إنساني ونزاهة وطمأنينة.
لا أنباء، فنحن الشعب الوحيد الذي يضحك عندما يقرأ خبراً يقول إن الدولة قررت أن تعلن "حصر السلاح بيد الدولة".. أما كيف، والسلاح مزدهر بجميع أنواعه: قنابل يدوية، رشاشات، صواريخ، وأيضاً مدرعات إذا تطلب الأمر.
يا سادة "حصر السلاح بيد الدولة"، هذا أقصى ما تتمناه الدولة بعد مشهد قاذفات تشييع احد رؤساء العشائر، وبعد المعركة الطاحنة التي لا تزال مستمرة في مدينة الناصرية وراح ضحيتها أكثر من 16 شخصا بين قتيل وجريح.
يكره مسؤولونا الأرقام إلا أرقام التأييد، وحسابات البنوك والسيطرة على المشاريع والمقاولات.. كل أرقام أخرى مرفوضة ومكروهة، لأنها جزء من المؤامرة الدولية على التجربة الديمقراطية في العراق، أرقام الأموال المنهوبة، أرقام الأموال التي صرفت على مشاريع وهمية، أرقام الفقر والمهجرين والكفاءات التي شُرّدت، تقارير البطالة الفساد والتزوير، أرقام علينا ألا نقترب منها.
لاحِظ جنابك الكريم أن من بين أبرز أخبارنا أن البروفيسور والمفكر هيثم الجبوري الذي شارك بسرقة القرن، لا يزال طليقاً يتمتع بالأموال التي "لفلفها" وربما يعود لنا مبتسما في الانتخابات القادمة.
هل نحن نكتب من أجل أن يكون لدينا نموذج مثل رئيس وزراء اسكتلندا المسلم حمزة يوسف الذي قال إنه لن يسمح لإيمانه الشخصي بأن يؤثر على التشريع والقوانين السائدة في اسكتلندا؟، لا. سوف يكون عندنا أعضاء برلمان همهم الوحيد الضحك على ناخبيهم.