بقلم:عباس الصباغ
افجعني وصدمني الرقم المهول الطلاق وفي شهر واحد فقط (شهر تشرين المنصرم) بأكثر من ستة آلاف وثلاثمائة حالة طلاق اغلبها لأسباب تافهة جدا وهذا يعني بلغة الارقام انهدام بنيان لآلاف العوائل وان آلاف الاطفال اصبحوا في حكم اليتامى ومصيرهم الى المجهول وآلاف النساء اصبحن دون معيل او سند . وسبب وصول الأرقام الى فئة الالاف هو ان الكثير من الزيجات تحدث بين شباب في مقتبل العمر ممن ليست لديهم خبرة كافية في الحياة وادارة الحياة الزوجية بأمان والسبب الثاني هو استسهال فكرة الطلاق وكأنه مجرد معاملة روتينية تجرى في اروقة المحاكم وهناك سبب معول اخر اعتاد عليه اكثر المتزوجين وهو البحث عن حل سريع لدوامة المشاكل اتي تعصف بالحياة الزوجية حيث يلتجئ طرفا تلك العلاقة الى ايقاع الطلاق دون التفكير دون التفكير باللجوء الى طرائق اخر ى . من جانبها دور العدل (المحاكم) تأخذ جميع تلك الحالات على مأخذ الجد بل وتسرع في ايقاع الطلاق وتقوم بدورها دون تفعيل حقيقي وجاد لدور (الباحث الاجتماعي ) بل تعد دوره عملا روتينيا وجزءا مكمّلا من معاملة الطلاق دون ان تقوم بتقريب وجهات النظر بين الاطراف المتخاصمة او دون البحث عن سبب مقنع ووجيه وحقيقي يستدعي ايقاع الطلاق وحدوث الكارثة اي ان دور العدل تقوم باجراء الطلاق حتى لاتفه الاسباب ودون وجود سبب مقنع واحد لذلك فهي لاتكلف نفسها لذلك المهم ان تؤدي دورها المطلوب منها فقط ان وصول لغة الارقام الى فئة الالاف وفي شهر واحد فقط يستدعي من علماء النفس والاجتماع والانثروبولوجيا ان يدلوا بدلوهم ازاء هذا المنحدر الخطير كما على المؤسسات الدينية ومنظمات المجتمع المدني ان تتحرك قبل ان يستحيل الطلاق الى ظاهرة يومية معتادة ليس في اروقة دور العدل فقط بل وفي عموم المجتمع وخاصة بين اولادنا الشباب ايضا وعلى الجهات التي تتولى تنفيذ ايقاع الطلاق ان لاتتسرع في ذلك وان تتروى وتتريث وان لا تتعامل مع معاملات الطلاق كأي معاملة روتينية من المعاملات التي تجرى في دوائر الدولة فالطلاق ليس معاملة للانفصال فحسب بل هو معاملة لضياع الاسرة وتشتتها وضياعها في غياهب المجهول لذلك عليها ان تحاول في تقريب وجهات النظر وتصلح بين المتخاصمين قدر الممكن وان يكون ذلك لأسباب مستعصية لابديل عن الطلاق فيها ولكي يكون اخر العلاج هو الكي وليس اوله وان يكون دور المحاكم انسانيا واجتماعيا وليس رسميا وان تقرّب وجهات النظر وليكن الطلاق حلا اخيرا ان استعصت جميع الحلول . وهذا اضعف الايمان .