- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
خليجي 25.. دروس خالد والبصرة ودرجال
بقلم: قاسم الحلفي
كثيرة هي الدروس والعبر والصور والمشاعر التي صنعتها بطولة كأس الخليج العربي الخامسة والعشرون المقامة حاليا في البصرة (خليجي 25) وبقدر ما كان لها اثر عظيم في اظهار صورة العراق بأبهى حله ونجاح وتميز، كان فيها كشف فاضح لساسة العراق ما قبل وبعد 2003 الذين تعاقبوا على تهديم العراق ونهب ثرواته وخيراته واشعال الفتن والحروب فيه، وقد يتعبني سرد كل الدورس التي يمكن ان يستفاد منها هؤلاء المفسدون وهيهات ان يستفادوا منها لانهم جبلوا على الحكم الباطل لا الحكم الرشيد، لكن سأقف عند ثلاث دروس اولها درس الاعلامي القطري المميز خالد جاسم وبرنامجه المجلس وتقف خلفه قنوات الكأس القطرية المميزة ولا ننسى دور القنوات الرياضية الاماراتية ايضا، هذا الرجل يحب العراق بجنون وانغمس في حبه للحد الذي هزم فيه كل الاعلام العراقي بتغطياته المهنية والرائعة والمفيدة والمثمرة، فاستطاع خلال اسبوعين ان يدمر اسطورة الاعلام الاصفر المضلل لحال العراق منذ كان اسيرا لاعلام الطاغية صدام الذي كان يسخر كل الاعلام لتلميع صورته فيوميا لا تصدر صحيفة الا وتتصدرها صورته القبيحة ويتعمد كل يوم ان يظهر على التلفاز بلقاءات ممسوخة يبدأ بها من الساعة الثامنة مع نشرة الاخبار الى الساعة العاشرة ثم تبث اغنية وطنية ليعاد لقاءه وهلوسته وينتهي بث التفاز، الى اعلام ما بعد العام 2003 واحتلال العراق والى قبل بدأ البطولة الذي اظهر العراق بأنه غابة للقتال الطائفي والموت والخراب والدمار والحرب الاهلية والارض الخطرة التي لا يمكن ان يزورها احد، فتمكن خلال اسبوعين من نقل الف صورة مشرقة عن البصرة فقط.
هذا الرجل لم يترك شاردة ولا واردة الا ووظفها في برنامجه حيث استضاف الجميع من مسؤولين ورياضيين وفنانين وشعراء وشخصيات عامة وزج في برنامج مختلف اطياف الشعب العراقي وازيائهم وطباعهم وتقاليدهم ودخل المطابخ العراقية والذائقة الشعبية وادخل مراسلي برنامجه في كل دربونة وزقاق وفرن وكهوة وجايخانة وسوق شعبي ومضيف عشائري ومناطق زراعية حتى اوصلنا الى كيفية شوي السمك على سعف النخيل وصنع (الطابك) كما كان اجدادنا من الحضارات القديمة يصنعونه، تعلموا ايها الفاسدون كيف يروج الانسان لوطنه ويرفع من قيمته ويتفاخر به، انه قدم لكم درس في الوطنية وحب العراق وهو قطري وانتم ماذا قدمتم؟ قدمتم المشاكل وعراك حماياتكم وتجاوز المشبوهات ممن يهددن الناس باسمائكم على مقاعد الضيوف والاعلاميين في مقصورات الملعب.
اما الدرس الثاني فهو البصرة التي اخرجت كل مخزونها من الكرم والعلم والضيافة والفخر والشعر والموسيقى لتصطف صفوفا من (المعازيب) يقفون سماطين ليرحبوا بالقادمين من دول الخليج العربي، واعطوا للعالم اجمع درسا في كيفية غسل الدرن من القلوب والخوف والرعب والهلع من صورة اسستها منظومات اعلامية صرفت ملايين الدولارات عليها لتمنع لقاء الاخ باخوته، اهل البصرة الذين فتحوا قلوبهم وبيوتهم وعقولهم للقادمين وجعلوا لكل قادم الف كرامة وليس كرامة واحدة، فان كنتم على مدى عشرون عاما بيئة طاردة للقاء الشعوب المجاورة والشقيقة مع الشعب العراقي بسبب كل الويلات التي مرت على العراق بفعلكم، فتعلموا من البصرة كيف تكونون عراقيون وامتدادا لحضارات سومر واكد وبابل وآشور التي بني العالم منها، اخجلوا من انفسكم فعلى مدى اسبوعين لم يرد ذكركم بشيء يخص نجاح البطولة التي وصفت بانها نجحت قبل ان تبدأ من قبل وسائل الاعلام المختلفة وكل القنوات الرياضية والاخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي لم تذكر سبب نجاح البطولة الا من ما قدمته البصرة واهلها الطيبون، الذين انفقوا من جيبوهم وفتحوا ابوابهم وبيوتهم وضغطوا نفقاتهم وتخلوا عن ارزاقهم لاطعام الضيوف حتى وصل الامر الى بائع الشاي والعرنوص وانتم تعلمون علم اليقين كم هو رزق هؤلاء.
والدرس الثالث هو عدنان درجال الذي لا تربطني به اي علاقة ولم التقيه يوما في حياتي الا عندما كنت احضر في مباراة بملعب يكون هو لاعبا فيه، هذا الرجل ولا اريد مدحه لمصلحة او تملقا لانه لا يعرفني ولا اعرفه شخصيا، كان وزيرا للشباب واثبتت الايام والعراقيون من كثرة فسادكم اصبحوا يميزون بسرعة من هو السارق والحرامي ومن هو الشريف والنزيه، ودرجال عندما استوزر حقيبة الشباب لم تسجل عليه اي شبهة فساد وخرج من الوزارة نظيف اليد ونزيه السيرة واكمل مشواره في الاتحاد العراقي لكرة القدم، واذا اردتم نموذجا لمسؤول حريص ونزيه ويعمل على مدار اليوم لينجح في عمله وينجح في تنظيم بطولة كبيرة مثل خليجي 25 بشهادة الفيفا وجميع الاتحادات الخليجية والاعلام العربي والعالمي فتعلموا منه، وخذوا درسا في وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، على مدى شهور وهو يتنقل من ملعب لآخر ومن مكان لغيره تراه في النهار والليل، شديد الحساب مع المقصرين ومشجع للمبدعين واكمل التحضيرات للملاعب وكل الامور اللوجستية الاخرى لينتقل الى المنتخب ولاعبيه ويكون الداعم الاول لهم، خلاصة الحديث متى تكفون عن تنصيب وزراء ومسؤولين من احزابكم في عملية تدوير ممسوخة ما زالت تجر الويلات والبلاء والافلاس والظلم والجور على العراق؟، متى تتركون الفساد المالي والاداري؟ ومتى تتركون تقاسم الكعكعة؟، وتعلموا ان كان الكلام له أثر عندكم!!
أقرأ ايضاً
- 20 يناير .. صفحات دامية وخالدة في تاريخ جمهورية أذربيجان
- ماذا بعد خليجي 25 ؟
- البعد المخفي من خليجي 25