- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
جريمة الترويج للبضاعة بأصوات مزعجة
بقلم: القاضية أريج خليل
إن انتشار الجريمة في المجتمعات كافة جعل اهتمام الرأي العام ينصب على الجرائم المنظمة وذات التأثير الخطير على سلامة وامن المجتمع كجرائم الارهاب والاتجار بالبشر والاتجار بالمخدرات وغسيل الاموال وغيرها من الجرائم التي بدأت تفتك بالمجتمعات، الا ان الثقافة القانونية تتطلب ان يكون هناك توجيه وتوعية حول بعض الجرائم التي ترتكب يوميا وامام انظار الكافة دون ان يتوفر العلم في الغالب لدى مرتكبها على ان فعله يشكل جريمة نص عليها القانون صراحة فضلا عن جهل المجنى عليه ايضا ( المواطن ) بانه ضحية جريمة نص عليها القانون.
ومن هذه الجرائم جريمة الترويج والدعاية للسلع والبضائع بألفاظ او أصوات مزعجة فقد نص قانون العقوبات العراقي في المادة ٤٨٨/ ثانيا "يعاقب بالغرامة كل من دعا في الطريق العام لترويج بضاعة بألفاظ او أصوات مزعجة" كما أن المشرع شدد من العقوبة في المادة ٤٩٥ / ثالثا من قانون العقوبات العراقي كونه جعل العقوبة الحبس او الغرامة على كل من " ثالثا – من احدث لغطا او ضوضاء او أصواتا مزعجة للغير قصدا او إهمالا باية كيفية كانت". مما يدل على دقة المشرع العراقي في تشخيص الافعال المؤثرة على البيئة الاجتماعية خاصة وان فعل الترويج للبضاعة باصوات مزعجة يدخل من ضمن جرائم الضوضاء التي تناولها المشرع العراقي لما لها من دور مؤثر على صحة وبيئة المواطن وان الفعل المادي لهذه الجريمة يتمثل بارتكاب الجاني لبعض انواع السلوك كاستعمال مكبرات الصوت او استخدام الهورنات للتنبيه عن وجوده في الشارع او الطرق العامة وان النتيجة الجرمية التي ترتبت نتيجة لهذا السلوك هي النيل من المصلحة التي يرمي المشرع حمايتها وهي المحافظة على البيئة وتعريض راحة المواطن وسلامته للخطر.
اما القصد الجرمي في جريمة الإعلان عن السلع بأصوات مزعجة فهو متوفر كقصد مباشر او احتمالي لان الجاني اما ان يكون قاصدا تحقيق النتيجة عندما اقلق راحة المواطن بهذه الاصوات واستخدامها بالطرق العامة دون ضرورة او يكون قد توقع النتيجة ورضي بها وان كان لا يريدها، وبذلك يكون استخدام الأصوات المزعجة للترويج عن البضائع يشكل جريمة عاقب عليها المشرع العراقي بالمواد ٤٨٨/ ثانيا و ٤٩٥/ ثالثا منه وحدد سلوكها الاجرامي وهو يشمل من يتجول مشيا او بواسطة دراجة او مركبة او اي وسيلة لاسيما وان المادة ٢٥ /ثالثا /ح من قانون المرور رقم ٨ لسنة ٢٠١٩ قد عاقبت كل من يستخدم جهاز التنبيه الهوائي او المتعدد النغمات او المشابه لأصوات الحيوانات او مكبرات الصوت وتجول بالشارع بغرامة مقدارها مائتي الف دينار عراقي، ما يستوجب التوعية القانونية في كل ما ورد اعلاه مع بيان ما يصيب المجنى عليه من المواطنين من أضرار جسدية ونفسية عند تلوث سمعه بالأصوات المزعجة والألفاظ غير المقبولة، ونأمل ان يكون لدوائر البلدية دور في ذلك عن طريق اصدار ضوابط لتحديد انواع الآلات والمكائن المستخدمة والملائمة والتي يجوز للباعة المتجولين استخدامها وتنظيم عمل الباعة المتجولين واصدار تراخيص لهم.