بقلم: علي حسين
لا تأتي الدهشة من أن "50" مليار دولار موجودة في بنوك لبنان على شكل ودائع تحولت الى بيروت خلال الـ "19" عاما الماضية، اما اصحابها فاعتقد ان أي مواطن بسيط يعرف من هم الحيتان الذين سرقوا الاخضر واليابس وحولوا الاموال الى بنوك اجنبية.
المواطن العراقي الفقير والبسيط مطلوب منه ان يتقشف، وان يمتلأ فرحا وسعادة وهو يسمع ان الحكومة منحته حصة تموينية اضافية، وانها تفضلت بان وضعت له قليلا من العدس والسكر. تنبع الدهشة من أن أحداً لم يصرح كيف تحولت هذه الاموال، ولماذا لم يصدر بيان رسمي عن الودائع العراقية في لبنان ؟.
في العراق، لك أن تتخيّل، يوجد شيء اسمه هيئة النزاهة البرلمانية، بعض أعضائها من المتورطين في الفساد المالي، لم نسمع أن هذه الهيئة سألت احد السياسيين او النواب: من اين لك هذا ؟.
منذ أن اعترف أفلاطون أنّ العدالة هي حكم الأكثر كفاءة، والناس يبحثون عن أصحاب الكفاءات الذين يملأون الأرض منجزاً وصدقاً، وكما أخبرنا صاحب الجمهورية يوماً، أن الدولة وُجدت لتوفير حياة مرفّهة، أصر بناة البلدان على أنه لن تكون هناك حياة كريمة، مالم يتوفر لها رجال شجعان. وتذكر جنابك أنّ كلمة سراق حرّفناها لغوياً، فاعتبرنا السارق شجاعاً والنصّاب شجاعاً، والقاتل شجاعاً.
سيقضي ساساتنا جلّ وقتهم في التحايل على اللّغة العربيّة، ونراهم محتارين في كتابة عبارة "الاصلاح"، ولا يسألون لماذا اعتمدت سنغافورة على الكفاءات واعتمدنا الجهل! لأنّ الشعب السنغافوري لم يكن عنده ساسة يستعبدون الديمقراطية.
ثمة وطن من الفقراء ينمو كل يوم على مدى العراق، فيما يدور الجدل الكبير، ليس حول مال الشعب الذي نُهب وغياب الخدمات ومأساة المستشفيات، بل حول المناصب، والفرق بين التوافق والاكثرية ؟، منذ تسعة عشر عاماً والدولة لا تكفّ عن إصدار البيانات عن إنجازاتها، ولا تتمهل لحظة في إطلاق الوعود. ولأن أصحاب السيادة والمعالي يتنقلون في مواكب معتمة، فإنهم لا يشاهدون ما يشاهد المواطن البسيط: أطفال يفتشون في القمامة، رجال يفتشون عن أطفالهم في أكياس القمامة، وآلاف آخرون ينتظرون من ينقلهم من حالة العدم، إلى حالة الكفاف.
لا نزال نتحدث عن المؤامرة الإمبريالية، ونكاد ننشغل كل يوم بمغامرات التحليل السياسي، دون أن نقول: من أوصلنا مشهد إلى رئيس وزراء سابق لا يأمن على نفسه في مستشفيات العراق. لماذا ننسى أن سنوات الخراب التي يمر بها العراق كانت قراراً عراقياً خالصاً قام به ساسة يعتقدون أن العراقيين يجب أن يعاقبوا لأنهم شعب يحتاج إلى "الفضيلة" و"الإيمان" ولجان الأمر بالمعروف.
أقرأ ايضاً
- الصيد الجائر للأسماك
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر