- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
المؤسسات الدولية وتدمير الدول وهدم الاخلاق والقيم – الجزء الخامس
بقلم: د. عبد المطلب محمد
دور الأمم المتحدة في تدمير الاسرة وهدم الاخلاق والقيم
أنشأت الامم المتحدة والمنظمات التابعة لها العديد من الهيئات واللجان والوكالات والمكاتب التي اصدرت العديد من المعاهدات والمواثيق التي تدعي الدفاع عن حقوق الانسان وحماية المرأة ورعاية الاسرة والاطفال وتعمل لها الدعاية الكبيرة وتعقد لها الاجتماعات السنوية العالمية لمتابعة تطبيقها في جميع انحاء المعمورة وخصصت لها أياما للاحتفال بها (اليوم العالمي للمرأة, اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة, اليوم الدولي للأرامل, اليوم الدولي للطفلة, اليوم الدولي لمناهضة أفعال الكراهية ضد المثلية الجنسية وتعدد الخصائص الجنسية والتحول الجندري وغيرها).
ويتم طرح هذه المواثيق والمعاهدات على حكومات الدول المختلفة للتوقيع عليها لتكون فيما بعد مرجعية تشريعية إلزامية تكون بديلا عن التشريعات الدينية والوطنية للمجتمعات المختلفة.
ومن منظمات الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية ذات الشراكة مع الأمم المتحدة التي تعمل للدعوة الى المساواة الكاملة ما بين المرأة والرجل وحق المرأة في الاجهاض وحقوق الشواذ والمساواة بين الجنسين وتغير المناخ ! وغيرها من العناوين المخادعة يمكن الاشارة الى : منظمة العفو الدولية، منظمة مراقبة حقوق الإنسان, منظمة المساواة الآن، منظمة البيئة والتنمية النسوية، معهد القانون الدولي وحقوق الانسان, اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد النساء, مفوضية الامم المتحدة السامية لحقوق الانسان, لجنة وضع المرأة (CSW) وهي لجنة فنية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة (ECOSOC) ومهمتها تعزيز حقوق النساء في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، وتغيير القوالب النمطية بين الذكر والانثى وإدماج لغة (جندرية) في جميع الاتفاقيات الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة.
ولبيان أهم الاستراتيجيات والسياسات التي رسمتها المواثيق الدولية للمرأة والطفل لهدم الأسرة، وأهم المظلات والآليات التي تنتهجها تلك المواثيق لتحقيق ذلك الغرض يراجع كتاب كاميليا حلمي محمد, 2020 - المواثيق الدولية وأثرها في هدم الأسرة، بداية من تأسيس منظمة الامم المتحدة عام 1945 م وحتى مطلع عام 2019 م. والكتاب أطروحة قدمتها الباحثة للحصول على درجة الدكتوراه من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية، قسم الدراسات الإسلامية، شعبة الدراسات الأسرية، بجامعة طرابلس، لبنان، للعام الجامعي 1439-1440هـ، الموافق 2018- 2019 م. 745 صفحة (متوفر مجانا على الشبكة العنكبوتية).
وظهرت في البلاد العربية والاسلامية عددا من منظمات المجتمع المدني تناصر وتتبنى أفكار وأجندات اتفاقيات الأمم المتحدة باعتبارها قيمة حضارية مهمة من دون معرفة حقيقة هذه المعاهدات ومن يقف خلفها وما هي أهدافها الخفية وهل وضعت فعلا للدفاع عن حقوق الانسان والمرأة وعن بناء اسرة صالحة فاضلة أم ان لها أهداف غير التي يعلن عنها.
الحركات النسوية المتطرفة الغربية
لقد ظهـرت في أمريكا واوروبا الغربية في أواخـر الستينيات وأخذت زخما قويا خلال السبعينيات وما زالت فاعلة على المسرح الدولي حركات نسوية متطرفة واخرى تمثل حركات شاذة ذات أتجاهات فكرية وسياسية واجتماعيـة تسعى لالغاء المباديء الدينية والاجتماعية والثقـافية للشعوب وتغيير طبيعة العلاقات الانسانية السوية والعلاقة ما بين المرأة والرجل وصولاً إلى المساواة المطلقة فيما بينهما.
وتحمل هذه الحركات رؤية متطرفة لقضايا الانسان والمرأة والرجل والطفل حيث تتبنى عدد من المصطلحات التي تخفي في طياتها مخالفة صريحة للفطرة الانسانية السليمة وتحتمل أكثر من تفسير. ومن هذه المصطلحات يمكن ذكر التمييز والعنف ضد المرأة والجندر والنوع الاجتماعي والصحة الإنجابية وغيرها. ومن أخطر آلاراء التي تبشر بها وتتبناها وتدعمها هذه الحركات هي ضرورة إلغاء ثنائية الذكر والأنثى وتحقيق مساواة الجندر وتمكين المرأة. وتعتبر هذه الحركات بأن الزواج هو السجن المفروض على المرأة يقطع آمالها ويقضي على أحلامها، وأن المرأة ينبغي أن تتحرر من الاخلاق والانجاب وتربية الأولاد والنظام الاسري المتعارف عليه.
ويزداد يوما بعد يوم دور هذه الحركات وتأثيرها في اقتراح وصياغة العديد من الاتفاقيات والمواثيق التي تتبناها الأمم المتحدة والتي من خلالها يتم فرضها على الدول والشعوب. وقد شاركت الحركات النسوية المتطرفة في صياغة ميثاق الأمم المتحدة، وصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفيهما النص على التساوي المطلق ما بين الرجال والنساء.
مصطلح الجندر أو النوع الاجتماعي
ان مفهوم (الجندر) الذي تتبناه مواثيق الامم المتحدة يقوم على فكرة إلغاء الفطرة الانسانية السليمة وثنائية الخلق البديع من ذكر وانثى وإحلال كائن هجين محله اسمه (الجندر أو النوع الاجتماعي) الذي يحدد هويته بنفسه ويختار كيف يريد من المجتمع ان ينظر اليه اما كذكر أو كأنثى بغض النظر عما أذا كان قد ولد ذكر أو انثى مما يعني ترويج فوضى أختيار الجنس وتغييره حسب الرغبة الشخصية وتعميم تبادل الأدوار ما بين الرجال والنساء تحت عنوان اختيار الهوية الجندرية وبالنتيجة مسخ الفطرة الانسانية السليمة وهدم البنية الاسرية والاجتماعية من الاساس.
وأختارت الأمم المتحدة, في البداية, مصطلح (الجندر) ولكنها أدركت بأن هذا المصطلح يثير الكثير من التساؤلات وغير مستساغ لغويا وغير مقبول مجتمعيا ولذا تم استبداله بمفهوم آخر يحمل بالضبط نفس المضمون وهو (النوع الاجتماعي) لكونه مصطلح اكثر مقبولية ويحمل في طياته ضبابية متعمدة في تفسيره. وتم استعمال المصطلح الاخير في (التقرير الطوعي الوطني الثاني للمتحقق من أهداف التنمية المستدامة 2021, العراق .. والعودة الى المسار التنموي) الصادر عن اللجنة الوطنية للتنمية المستدامة لوزارة التخطيط العراقية. وليس من المعلوم فيما اذا كانت اللجنة الوطنية على دراية وعلم تام بمعنى ومضمون النوع الاجتماعي المستخدم من قبل الأمم المتحدة أم لا ؟ وما هي علاقة هذا المصطلح بالتنمية الوطنية المستدامة ؟
وتعمل الامم المتحدة على فرض واشاعة مفهوم الجندر بعد تضمينه في صميم مشاريعها وأجندتها العالمية واعتبار الهوية الجندرية هي الهوية الوحيدة المعترف بها دوليا وعلى اساسها يترتب عليه التوجه الجنسي للافراد، أي الانجذاب العاطفي والجنسي، سواء نحو أفراد من الجنس الآخر فيطلق عليه (مغاير الجنس) أو أفراد من نفس الجنس فيطلق عليه (مثليٌّ) أو أكثر من جنس فيطلق عليه (ثنائيُّ الجنس).
ويجمع شتات الصنفين الاخيرين واصناف اخرى للشاذين وينضموا تحت ما يسمى بـ (تجمع المثليين) أو (تجمع الميم أو تجمع أل جي بي تي كيو زائد +LGBTQ). واختار تجمع المثليين أو تجمع الميم ستة ألوان من ألوان قوس قزح كشعار لهم يضعونه على منشوراتهم ودعاياتهم ويلونون به ملابس والعاب الأطفال والكثير من المنتجات ويرفعونه على شكل أعلام أو مناطيد أو غيرها في احتفالاتهم ومظاهراتهم ومناسباتهم. ان اختيار ألوان قوس قزح لتمثيل تجمع الميم أو المثليين لم يأتي عفويا وانما تم أختيارها لأنها الوان زاهية جذابة يحبها الكبار والصغار ولذا يمكن تمريرها بسهولة بين الناس من دون اعتراض كبير حتى بعد ان يتم التعرف على مغزاها. وتم رفع شعار المثليين لأول مرة خلال مسيرة لهم في مدينة سان فرنسسكو في أمريكا في 25/6/1976 وكان بثمانية ألوان. وتدفع الأمم المتحدة باتجاه أن تكون حرية اختيار (الهوية الجندرية والتحول الجنسي) من حقوق الإنسان الدولية.
وبالمناسبة فأن عددا من المنتجات الحاوية على ألوان المثليين تتوفر في الاسواق العراقية ووضعت على الكثير من البضائع المعروضة في الاسواق وخاصة العاب الاطفال حيث يتم تداولها من دون علم أغلب الناس بما تعني وترمز له كما وضعت ألوان قوس قزح حتى على غلاف كتاب القرآن الكريم والتربية الاسلامية !!! للصف السادس الابتدائي طبعة عام 2019. وتشير بعض المصادر الى رفع السفارة الكندية والامريكية في بغداد اعلام المثليين على سفاراتها في تحد سافر لمشاعر المسلمين.
ان نظرية الجندر أو النوع الاجتماعي التي تتبناها الامم المتحدة وما يتبعها من سياسات واجراءات ومفاهيم تسعى في النهاية الى القضاء على المباديء الدينية السامية والفطرة الانسانية السليمة والاخلاق الفاضلة وعلى منظومة القيم الاجتماعية بشكل عام والقيم الأسرية الصالحة بشكل خاص من خلال فرض رؤيتها الفاسدة لحقوق الإنسان والمرأة واجبار الدول على تطبيقها ومراقبتها ومحاسبتها في حالة عدم تنفيذها.
وأشارت بعض منشورات الامم المتحدة الى (إن استخدام صياغة شاملة جنسانيا يعني التحدث والكتابة بطريقة لا تنطوي على تمييز ضد جنس أو نوع اجتماعي معين أو هوية جنسانية معينة ولا تكرس القوالب النمطية الجنسانية. وبالنظر إلى الدور الرئيسي الذي تؤديه اللغة في تشكيل المواقف الثقافية والاجتماعية، يعتبر استخدام صياغة شاملة جنسانيا وسيلة قوية لتعزيز المساواة بين الجنسين ومناهضة التحيز الجنساني, في إطار المشروع المعنون "دعم المساواة بين الجنسين في سياقات متعددة اللغات"، والذي يرمي إلى دعم هدف استراتيجية التكافؤ بين الجنسين على نطاق منظومة الأمم المتحدة).
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- من يوقف خروقات هذا الكيان للقانون الدولي؟