لفت نظري العامل في مكوى السدرة بكربلاء، وهو واقف يكوي قطعة ملابس بمكواة يدوية صغيرة، لكن كمية البخار الخارجة منها تعادل ما يخرج من ماكنة البخار الكبيرة التي نراها في المحال المخصصة لكَيْ الملابس، وعلى مسافة قريبة منه، انهمك عامل في مكوى آخر بكوي قطعة ملابس عسكرية، لكن هذه المرة بماكنة الكوي الكبيرة، الا ان الشيء المشترك بينهما هو وجود اسطوانة غاز الطبخ تعمل على غلي موقد وضع اسفل خزان ماء صغير جعلته كالمرجل امام ابواب محليهما، وتبين بعد الاستفسار منهما ان النوعين استغنيا عن الكهرباء والنفط واعتمدا على تلك الاسطوانة الصغيرة من الغاز لكَيْ الملابس بمختلف انواعها.
نظيف وامين
الشاب غيث حسون عباس العامل في مكوى الحرمين يشرح لوكالة نون الخبرية، كيف تحول المكوى من استخدام النفط والكهرباء الى استخدام اسطوانة غاز الطبخ في تشغيل ماكنة كي الملابس الكبيرة، بقوله ان "النفط يولد بعض الاحيان رائحة تظهر على الملابس، وفيه مخاطر قد تولد انفجارا او حريقا لا تسهل عملية السيطرة عليه ويلحق الاذى بالناس، بينما الغاز تتحكم به بمجرد فصل منظم الغاز عن الاسطوانة"، مضيفا ان "فكرة التحول الى الغاز اعتمدوها في العام 2001 اي قبل 21 عاما، عندما اخبرهم احد اصحاب المحال المشابهة لعملهم في بغداد انه شاهد تلك الطريقة في اصفهان بايران وفي منطقة السيدة زينب عليها السلام في سوريا، وقام هذا الشخص بتصنيع تلك المنظومة عبر صناعة الخزان (البايلر) والانابيب والخراطيم وكمية البخار المتولد منها وكميات غاز الطبخ المستهلك، فاعجبتنا الفكرة واشترينا واحدة منها ونصبناها في المحل وجعلناها تعمل بطريقتين هما الغاز والكهرباء بنفس الوقت".
تحسن الموارد
ولاحظ غيث، ان "الفرق اصبح كبيرا في مصاريف المحل وان الموارد اصبحت جيدة، وفي بداية عملهم واجهوا استغراب الناس وفضولهم وزاد عدد الزبائن بعد ان عرفوا ان المكوى لا يتوقف بأي ظرف، ولان المحل يستمر بالعمل لساعات طويلة دون توقف، فاصبحوا يغسلون ويكوون الشراشف والبطانيات والستائر للفنادق والشقق المؤجرة"، فصلا عن "ستائر وبطانيات البيوت، ومن الامور المهمة ان هذه المنظومة لا تتعرض للاعطال الا نادرا لان سمك حديد الخزان متين جدا ويظاهي سمك حديد البناء (الشيلمان) ولا يتعرض للضرر بسهولة، لان قيمة الخزان الواحد تصل الى اكثر من مليون دينار".
الحظر والكوي
ويتحدث غيث عن احدى المواقف الطريفة معه بقوله، ان "اي حظر يفرض لامور امنية او صحية يمنع خلالها فتح المحال التجارية او الدخول الى السوق، لكن احد الضباط المسؤولين عن المنطقة يهتم كثيرا بقيافته العسكرية فكان يرسل لي سيارة لتجلبني من البيت الى المكوى لأكوي له بدلاته العسكرية كونه يعلم ان المكوى لا يتوقف ويعمل باسطوانة غاز الطبخ، واصبح الزبائن يجلبون ملابسهم في اي وقت ويكوونها بدقائق من اهالي المنطقة ومن زوار المحافظات"، منوها "لو كان هناك مشروع على غرار ما موجود في ايران وسوريا وتركيا بتأسيس انابيب غاز لتجهيز المحال التجارية والمكوى لكان الامر فيه فائدة لاصحاب المهن من جهة والدولة من جهة اخرى لان مئات الالاف من المحال التجارية التي يمكنها التحول من الكهرباء الى الغاز ستتنازل عن الكهرباء ويصبح ما يجهز لها فائضا عن الحاجة".
تصنيعه محليا
اما زيد شاكر جمعة فيسرد كيفية التحول من الكهرباء الى الغاز، بقوله "قررنا التحول من استخدام الكهرباء في تشغيل المكوى الى الغاز قبل اربع سنوات لسببين، الاول يتعلق بالجدوى الاقتصادية حيث تقل تكاليف صرف الغاز باضعاف ما ننفقه على الكهرباء سواء الوطنية او المولدات الاهلية والانقطاع الدائم فيهما لاكثر من سبب، وهو ما يساعدنا على سد اجور العمل من ايجار المحل واجور العمال وتحقيق هامش ربح لنا، والاخر يتعلق بدرجة الامان التي يوفرها الغاز، لان الكهرباء تكون خطرة اذا صار الخزان فارغ فانه يصبح ناقل للكهرباء وقد يتسبب في موت العاملين"، مبينا ان "اخيه الاكبر شاهد هذا النوع من المكوى في سوريا عندما سافر لها ولكونه صاحب نفس المهنة فجمع معلومات عنه والتقط صورا له وجاء الى العراق وكلف احد الحدادين بتصنيعه ووفر الانابيب والعداد وخراطيم مرور البخار من بغداد بتكلفه وصلت الى 150 الف دينار".
يعمل في كل الظروف
ويضيف جمعة خلال حديثه لوكالة نون الخبرية، ان "هذا النوع من المكوى يعطي كمية كبيرة من البخار تجعل الملابس تكوى بشكل رائع جدا، وهو مكوى اقتصادي ويعمل في كل الظروف حيث يمكن استخدام قنينة الغاز لمدة ثلاثة ايام وسعرها لا يتعدي ستة الاف دينار"، مشيرا الى ان "الناس كانت مستصغرة هذا النوع من المكوى لكنهم بعد ان جلبوا ملابسهم للكوى وشاهدوا الناتج اصبحوا مقتنعين بأن هذا النوع من المكوى افضل الانواع ولا يتوقف في اغلب الضروف ويحقق رغباتهم، وكذلك فان الاسعار نفسها بدون تغيير مثل ان الجاكيت والدشداشة يكوى كل منهما بالفي دينار والبنطال والقميص مبلغ كوي كل منهم بالف و500 دينار، ويستمر عمل المكوى لمدى 14 ساعة يوميا وزبائنهم من اهالي كربلاء المقدسة والزوار القادمين من كل المحافظات، ويقومون بغسل وكوي الملابس النسائية والرجالية والبطانيات".
قاسم الحلفي ــ كربلاء المقدسة
أقرأ ايضاً
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق
- هل ستفرض نتائج التعداد السكاني واقعا جديدا في "المحاصصة"؟
- "بحر النجف" يحتضر.. قلة الأمطار وغياب الآبار التدفقية يحاصرانه (صور)