بقلم: صالح الحكيم
لايحفظ الفكر لمدد طويلة عند جماهير الناس نعم هو محل عناية النخب الفكرية وهم قلة، يحفظ الفكر اذا اضفي عليه لباس المظلومية وتلقته يد الناس بعواطفهم فالعاطفة حاظنة ممتازة لصيانة الفكر والاصرار على تحويل العواطف والحزن الى شعائر بشرط ان تحمل الشعائر رمز او رموز وبالاستمرار تتحول الشعائر الى منهج وايدلوجية تشكل مصد وخط متقدم لحفظ الفكر فالافكار المجردة مهما بلغت من الجمال تبقى لسنين ثم تحفظ في بطون الكتب وهذا يشكل فرق جوهري بين الفلاسفة والانبياء الفلاسفة يسطرون افكارا ونظريات والانبياء يحيطون افكارهم بشعائر تتفاعل معها اتباع الديانات.
فاستمرت دعوة الانبياء وحفظت بتبني اتباعها وتمسكهم بالشعائر وذلك مايؤكده تاريخ الاديان والحضارات ويرسمه علماء الاجتماع وعلماء النفس ويذكره القران الكريم بصيغة السنن الثابتة في مسيرة الانسان بقوله "ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب".
يقول العالم الفرنسي كريستوف وولف (Christophe Wulf) في كتابه الطقوس الدينية: تعتبر الطقوس الدينية من أكثر أشكال التواصل الاجتماعي البشري. ويحتل الجسد البشري الدور المركزي فيه. ومن خلال الطقوس وليس من خلال العقيدة والافكار، يتم انشاء المجتمعات البشرية ويتم تنظيم الممرات داخلها. ومنها يتم انشاء النظام والتسلسل الهرمي من خلال العمل الاجتماعي المشترك الذي ينتج المعنى.
يقول عالم الاجتماع والانثروبلوجي كلود ليفي ستروس (Claudi Levi Strauss) في كتابه الأساطير يقول: أن الحضارة والمدنية ترتبط بالقبور لان القبور تعيد الذاكرة الميتة إلى ذاكرة حية . الحنين للميت ومحبته تؤدي إلى توحيد الحياة البشرية لمجموعة معينة من البشر.
اما عالم الاجتماع الكبير پيير بوردو(Pierre Bourdie) فيقول الطقوس تحول العقيدة والفكرة المتطرفة إلى ثقافة مسالمة تجمع الناس وتحول الدين إلى دين إيجابي اي سلمي.
Claude Lévi strauss
Mythe et signification 1978
Christophe Wulf
Introduction rituels 2005
Sfyeh abid ali
Religion rituel et culture
2017
ويعلق احد علماء الاجتماع في فرنسا وهو من اصول اسلامية، يقول : حول المسلمون الشيعة الافكار الدينية المتطرفة الى طقوس تجمع الناس بسلام فالشيعة عن طريق موروثهم التاريخي الكبير حولوا عملية استشهاد الحسين ع الى ثقافة فيها الشعر واللحن والتصوير والادب الملحمي الذي يمتاز بتراجيديا عالية تحقق الصفاء الروحي والتطهير الداخلي.
واستطاعت الشيعة عن طريق هذه الثقافة ان تجمع ملاين الناس وتفجر كل القيم الاخلاقية الكامنة في داخلهم وتحولهم الى جماعة تعيش فترات اخلاقية عملية في كل عام تمثل تدريب عملي ممتاز لاصلاح السلوك المجتمعي عند المسلمين الشيعة.
أقرأ ايضاً
- الشعائر الحسينية.. دلالات وأهداف ونتائج - الجزء العاشر والاخير
- الشعائر الحسينية.. دلالات وأهداف ونتائج - الجزء التاسع
- الشعائر الحسينية.. دلالات وأهداف ونتائج - الجزء الثامن