- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
سيظل شهر محرم مخلدا مع خلود الحسين عليه السلام
بقلم: حسن كاظم الفتال
ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب
صدق الشاعر حين قال :
كَذَبَ الموت فالحسينُ مخلد ** كلما أَخلقَ الزمان تجدد
دنت ملامح الأحزان ومعالم الأسى ولاحت في آفاق دنيا العقيدة لتوشحَ قلوبَ الموالين قبل المدائن والواجهات بأوشحة الحزن والألم واللوعة .
ها هو شهر الدم والشهادة الشهر الذي أُنتهِكت فيه حرمةُ رسول الله صلى الله عليه وآله وحرمةُ الإسلام وسفك فيه اطهرُ دم مقدس زكي ألا وهو دمُ ريحانةِ رسول الله صلى الله عليه وآله الإمامِ الحسين صلوات الله عليه .
هذا الشهر الذي وصفه الإمامُ الرضا صلوات الله عليه بقوله إلى الريان بن شبيب : يا ابن شبيب إن المحرم هو الشهر الذي كان أهلُ الجاهلية يحرمون فيه الظلمَ والقتال لحرمته . فما عَرَفَت هذه الأمة حرمةَ شهرِها ولا حرمَة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا ثقله فلا غفر اللهُ لهم ذلك أبدا .
يا بن شبيب إن سرك أن تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي صلى الله عليه وآله فالعن قتله الحسين عليه السلام. يا بن شبيب إن سرك أن يكون لك من الثواب مثلَ ما لمن استشهد مع الحسين بن على صلوات الله عليه فقل متى ذكرته: ليتني كنت معهم فأفوزَ فوزا عظيما.
وتتعاقب السنين بمرورها وتبقى الراية خفاقة
على مدى الأعوام ترفع الرايةُ الحمراء على ذرى القبة الشريفة الشماء للمرقد المقدس تلك الرايةُ التي ترمز إلى إعلان انتظارنا لأخذ ثأر الحسين صلوات الله عليه بخروج ولي الله ولي الدم المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف . ليثأر لمن استشهد على مذبح العز والكرامة والقداسة وبيانا لدوام الحزن واستعارِ اللوعةِ في القلوب وإعلانا لتوشح القلوب بالحزن واللوعة والأسى لمصاب الذي بكت عليه ملائكة السماء. تستبدل الرايةُ الحمراء براية سوداء لترفع على قبته المشرفة.
تلك الرايةُ التي أعلنت عن نصبها وسموها وارتفاعها الصديقة الصغرى الحوراءُ زينبُ عليها السلام حيث قالت لابن أخيها الإمامِ زين العابدين صلوات الله عليه : لا يجزعنك ما ترى فو الله إن ذلك لعهدٌ من رسول الله صلى الله عليه وآله إلى جدك وأبيك وعمك ، لقد أخذ الله ميثاق أناس من هذه الأمة لا تعرفُهم فراعنةُ هذه الأرض ، وهم معروفون في أهل السماوات أنهم يجمعون هذه الأعضاء المتفرقة فيوارونها ، وهذه الجسوم المضرجةَ وينصبون لهذا الطف علما لقبر أبيك سيد الشهداء صلوات الله عليه لا يَدرس أثرُه ، ولا يعفو رسمه ، على كرور الليالي والأيام وليجتهدن أئمة الكفر وأشياع الضلالة في محوه وتطميسه فلا يزداد أثرُه إلا ظهورا وأمرُه إلا علوا .
ونحن في هذا الشهر أذ نعيد للأذهان هذا الاستذكار للحزن والأسى نقول للسيدة زينب عليها السلام بعد أن نقدم تعازينا أبداً والله لا ننسى الحسين.
سوف ننعاه على مر السنين
له في أعناقنا والله ودين
وسنجري الدمع حزنا نادبين
كيف ننسى البدر دامي الودجين
وعلى الرمضاء محزوز الوتين
وإلى جنبه مقطوعُ اليدين
سوف ننعى أبدا في كل حين
أبدا والله لا ننسى الحسين