بقلم: سعاد حسن الجوهري
لا اكتم سرا اذا قلت بانني خصصت وقتا ليس بالقليل لمتابعة انباء استعادة الوفد الحكومي الرسمي العراقي المفاوض في الولايات المتحدة الامريكية نحو 17 الف قطعة اثرية عراقية مهربة والمجئ بها ثانية الى مهدها الاول. اخبار تبعث البهجة كنت اتلقاها تباعا عبر مواقع التواصل تارة واخرى عبر تكثيف الاتصال باصدقاء يعملون في وزارة الثقافة حتى ظهر الخبر العاجل على الفضائيات و الذي اكد تحقيق هذا الانجاز العظيم.
من هنا ايقنت بان العراق استخدم اعقد الطرق الدبلوماسية لكسب هذه الجولة والافادة من قرارات اممية لصالح بغداد تؤكد أن إعادة القطع الأثرية تتم وفقا لأحكام قراري مجلس الأمن 1483 و2199.
هذه الوجبة الكبيرة من آثارنا المهربة والتي لا تقدر بثمن تم بيعها في مزادات دول متعددة حتى وصلت البر الجديد بعد التغيير عام 2003 لكن صفحة تهريب كنوز العراق ودفائنه لم تقف عن هذا الحد حيث أغارت عصابة داعش الارهابية خلال احتلالها اجزاء من البلاد في عامي 2014 و2015 على مواقع تاريخية وقامت بتخريبها وتحطيمها بشكل مؤلم يثير الوجع في النفوس. هذا التطور الخطير وصفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بأنه هجوم اجرامي واسع النطاق واستخدم النهب لتمويل عملياته من خلال شبكة تهريب امتدت عبر الشرق الأوسط وخارجه ما كلف البلاد خسائر بمليارات الدولارات بحسب احصائيات عالمية.
قبل ذلك الحين كثف العراق سعيه الحثيث لاعادة مئات آلاف القطع الاثرية المهربة ما بعد 2003 ليتم التركيز في حقبة ما بعد 2014 على قضية أساسية وهي المتابعة المكثفة للمزادات والمعارض الأثرية التي تقام حول العالم بما فيها المزادات الالكترونية بهدف رصد مقتنياتنا الأثرية. جهود استثنائية تطلبت اشراك البعثات الدبلوماسية العراقية في الخارج الى جانب عدد من الدول الشقيقة والصديقة وتفعيل القرارين الامميين المذكورين اعلاه لتحقيق هذا الهدف الوطني المنشود.
المهمة كانت معقدة للغاية كون الخبراء اشاروا الى انه يسهل عليهم عادة رصد القطع الأثرية العراقية وتمييزها إلا أن عملية الاسترداد تتطلب تدخلا قانونيا معقدا لإثبات ملكية القطع التي يتم تداولها عالميا في المزادات والاسواق السوداء واماكن الخزن والتهريب.
وسط هذه الصورة كان هناك تحد آخر يبحث هو الآخر عن جهد جبار لكبح جماحه الا وهو عمليات النبش والحفر غير المنظمة والتي تجري بعيدا عن عيون الدولة ومن دون الاستناد لاسس احترافية صحيحة ورصينة في وقت تشير الاحصائيات الرسمية الى ان العراق يحتوي على 18 ألف موقع أثري منتشرة في جميع أنحاء البلاد.
خاتمة القول فان ضمان نجاح مهمة الحفاظ على دفائن وكنوز هذه الارض المعطاء تتطلب جهدا استثنائيا لحمايتها والعمل ايضا على تتبع دور المزادات لاثبات أن القطع الأثرية عراقية الأصل. كون مصادر تحدثت بانه وعلى الرغم من أن الجميع يعلمون أن هذه الآثار هي من العراق وغالبا ما يكونون على علم بالمكان المحدد التي تنتمي إليه إلا أن القطع المستخرجة خلال عمليات الحفر غير القانوني ليست موثقة ما يشكل تحديا كبيرا لتحقيق الانجاز. وهذا ايضا يستوجب الخوض في معارك متواصلة مع هواة جمع التحف ودور المزادات للحفاظ على هوية ارض الرافدين واعادة ما تم تهريبه من دون وجه حق.
أقرأ ايضاً
- من داخل بعض الشركات.. صحوة ضمير لمؤازرة الشعب الفلسطيني
- بعضٌ من سرديّاتِ جَلْدِ الوطنِ وجَلْدِ الذات
- تداعيات قرار بعض الدول المنتجة للنفط بالتخفيض