- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل يمكن تأسيس مجموعة اقليمية لتعزيز الامن والاستقرار ؟
بقلم: محمد صالح صدقيان
خطوة اولى خطتها السعودية وايران في مسار ترطيب العلاقة بين البلدين. الخطوة الاولى كانت موفقة والفضل يعود للجهود التي بذلها العراق وتحديدا الحكومة العراقية التي استضافت الاجتماع في بغداد.
زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف للدوحة وبغداد الاسبوع الجاري حملت رسائل شكر وتقدير للبلدين لمساهمتهما في عقد الاجتماع، والاستجابة للدور الذي يريد العراق لعبه في محيطه العربي والاسلامي. ومن المفترض ان يعقد لقاء ثان خلال ايام.
المؤشرات الاولية كانت مشجعة من اجل الاستمرار في هذا المسار خصوصا وان الرئيس روحاني ارسل رسالة خاصة لامير قطر الشيخ تميم بن حمد ال ثاني على جهوده التي يبذلها من اجل وصول هذه اللقاءات الى مستوى تعاد فيه العلاقات الثنائية ويتم اعادة السفراء الخليجيين لطهران.
مثل هذه الخطوة لا تخدم الرياض وطهران فحسب وانما تخدم الامن الاقليمي وتضع حداً للاشتباك الامني والسياسي الذي استمر لأكثر من عقد من الزمان.
ليس المطلوب ان يقدم كل طرف تنازلات للطرف الاخر بقدر ما هي الحاجة الى تفاهم على آليات وأسس وأطر للعلاقة التي تكون فيها مصالح هذه الدول في الاولوية وان تكون مصلحة الاقليم وأمنه واستقراره ضمن هذه الاولويات.
في اطار هذه الاولويات هناك عدة ملفات مهمة واستراتيجية ومقلقة لكافة دول الاقليم، وما لم تطرح هذه الملفات وتُوضع على طاولة البحث بين دول الاقليم لا يمكن لنا التكهن بمستقبل مستدام لإنهاء هذه المشاكل التي تعترض العيش المشترك لكافة شعوب المنطقة.
منطقة الشرق الاوسط تعاني منذ زمن غير قصير من قلق وتداعيات وجود السلاح النووي حيث تشير الارقام الغربية على امتلاك «اسرائيل» 400 رأس نووي على اقل تقدير اضافة الى قنابل ذرية مختلفة الاحجام والمقاسات؛ و ان مثل هذه الترسانة النووية لا يمكن مواجهتها الا من خلال جهد اقليمي يجعل المنطقة خالية من السلاح النووي خصوصا في ظل قلق وتخوف من لجوء ايران الى امتلاك مثل هذا السلاح في حال فشل المفاوضات مع المجموعة الغربية.
المنطقة ايضا تعاني من حروب وأزمات يضعها البعض في باب رغبة بعض دول الاقليم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الاخرى؛ فيما يرى الاخر بانها استجابة لطلب مشروع لهذا الدول على خلفية عزم بعض الدول العمل على تغيير الانظمة السياسة استنادا لأجندة خارجية.
في المشكلة الثالثة الاستراتيجية ان بعض الدول ترى ان تحديد من هو العدو؟ مهم بالنسبة لها؛ ولذلك قامت بأستبدال «أسرائيل» بأيران على اعتبار ان الاخيرة هاجمت دول المنطقة في حين ان الاولى مدّت يد العون لها وبالتالي فان العلاقة مع «اسرائيل» حسب فهم بعض دول الاقليم يحقق نوعا من «توازن الرعب» في المنطقة ويحد من «الطموحات الايرانية التوسعية».
لا اريد مناقشة هذه الملفات المهمة من الناحية الجيوستراتيجية الا ان مثل هذه الملفات وغيرها لا يمكن لها ان تتحرك في الاقليم دون ايجاد حلول وفهم مشترك بمشاركة دول الاقليم من اجل إنهائها دون إلقاء مسؤولية التدهور الامني والعسكري والسياسي على هذه الدولة او تلك.
طرحت سابقا فكرة ايجاد مجموعة اقليمية بمشاركة دول هذا الاقليم. الهدف ليس ايجاد محور جديد بقدر ما هو ايجاد مجموعة حوارية لمعالجة المشاكل التي تعترض الاقليم وتساهم في استيعاب التحديات التي تواجه هذه الدول.
الفكرة وجود دول مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية وعمان والامارات وقطر والبحرين والكويت اضافة الى ايران والعراق وسوريا ولبنان والاردن واليمن. هذه الدول بكل بساطة هي دول غرب اسيا. ليس مهما الاسم، لكن تجربة «رابطة جنوب شرق اسيا» جديرة بالدراسة على الرغم من اهتمامها الاقتصادي بالدرجة الاولى.
يبدو لي ان العراق قادر على احتضان مثل هذا الاطار الذي يستطيع ان يخلق جو اكثر امان واستقرار للمنطقة حتى وان كان الهدف اقتصادي لان هذا العامل يستطيع خلق بيئة تكاملية تخدم الامن والاستقرار في الاقليم.
ان التفكير بهذه الاطر العملية كفيل باخراج المنطقة من هذا التوتر المزمن؛ والحروب التي لا تنتهي والمرشحة لظهور ونشوب حروب جديدة وأزمات جديدة كما تنبأ لها وزير الخارجية العماني السابق يوسف بن علوي مؤخرا.
ان وجود اطار وامانة عامة وأرادة سياسية لتفعيل هذا الاطار كفيل بمعالجة مشاكل المنطقة عبر اسس الحوار والتفاهم والتنسيق وليس من خلال التوتر والحروب والحملات الاعلامية التي لن تخدم اي دولة من الدول.
ان المنطقة مؤهلة لدعم مثل هذا الاطار من خلال الامكانات الاقتصادية والثقافية والأكاديمية الهائلة التي تمتلكها دول هذه المنطقة وفي نهاية المطاف تستطيع ان تكون هذه الامكانات عوامل لتقدم شعوب ودول المنطقة بدلا من الزج بها في اتون الحروب والازمات.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!