حجم النص
بقلم:سالم مشكور
فاجعة مستشفى ابن الخطيب هزّت الضمير، لكنه بالتأكيد ليس ضمير المتسببين بها، وهم كثرٌ، موزعين بين أشخاص وجهات رسمية، سياسية وإدارية، ووعي شعبي هابط وجهل متفشٍّ، وفساد إداري وغياب ضمير. كل هذه العوامل تعاونت لتنتج هذه الجريمة، ضلوعاً مباشراً، أو تقصيراً في أداء الواجب وتحمّل المسؤولية.
فواجع عديدة مررنا بها، قبل سنوات قليلة احترق قسم الأطفال الخدّج في أحد المستشفيات، واحترق أكثر من عشرين طفلا.. لم يتحرّك أحدٌ، ولم يسمع أحد عن نتائج التحقيق، ولم نسمع عن محاسبة أحد. قبلها كان انفجار الكرادة المروّع في رمضان أيضا والذي سقط فيه حرقاً أكثر من 300 شاب. اهتزت مشاعر الناس وذرفت الدموع حتى جفت، الّا دموع أهالي الضحايا، وتشكلت لجنة تحقيق لم يسمع عن نتائجها أحد، ولم يتم تجريم ضالعٍ أو مقصّر. ضاعت الدماء كما دائما في غياهب الإخفاء المتبادل لأدلة الجرائم بين ضالعين يتوزعون المناصب والمغانم.
اليوم نتطلع الى تعاطٍ رسميٍّ مختلف، لأننا رأينا تعاطياً حكومياً مع الفساد والتقصير يختلف عما عهدناه، ونأمل أن يستمر مختلفاً ويعطي ثماراً ينتظرها الناس من دون تأثر بضغوط أهل المصالح.
فاجعة مستشفى ابن الخطيب تكشف تشّعب الأزمة في العراق. رأسها أزمة ضمير، وتشعباتها تتنوع وتتعدد. أزمة فساد إداري، وأزمة فساد سياسي، وأزمة إدارة حقيقية للمرافق الصحية كما غيرها، وأزمة وعي لدى الناس عامة، وأزمات لا حصر لها.
في فاجعة تفجير الكرادة في رمضان سابق قيل إنّ ما ضاعف أعداد الضحايا هو عدم توفر شروط السلامة في الأبنية. تصاعد الحديث حينها عن دور الجهات المعنية وبينها الدفاع المدني، في اجبار أصحاب البنايات على توفير مستلزمات السلامة وابسطها توفير مخارج طوارئ ونظام إطفاء آلي للحرائق، وإغلاق السلالم بين الطوابق. اليوم نفس السبب كان وراء ارتفاع ضحايا المستشفى. ونفس الحال موجود في مستشفيات أخرى بينها مستشفيات مدينة الطب في بغداد وهو ما رأيته بأمّ عيني وكتبت عنه مراراً. يعني اننا ننتظر دوما كوارث جديدة بالطريقة ذاتها والاسباب ذاتها.
ينتظر الناس بعد هذه الفاجعة، معالجات مختلفة. محاسبة المقصّرين الحقيقيين من مسؤولين فنيين واداريين وسياسيين، واجراءات واسعة لضبط إداري في جميع المؤسسات الصحية من إجراءات السلامة الى ضبط التسيّب في الدوام وتنشيط منظومة الامن داخل المستشفيات. هذه المعالجات هي في صلب عملية مكافحة الفساد.
أقرأ ايضاً
- الضرائب على العقارات ستزيد الركود وتبق الخلل في الاقتصاد
- الأولويّةُ للمواطنِ وليسَت للحاكم
- سيارة كهربائية لمواطنين أعْيَتْهُم الكهرباء !