بقلم:عباس الصباغ
لاشك ان زيارة البابا فرنسيس المرتقبة الى العراق ولقاءه آية الله السيستاني (دام ظله) لم تأتِ عن فراغ ، فالعراق بعمقه الجيوستراتيجي وارثه الحضاري كدولة محورية فاعلة في قلب الشرق الاوسط ، ولما تحمله النجف الاشرف والمرجعية الدينية العليا من ثقل في نشر ثقافة الاعتدال والتسامح ، ودور العراق المفصلي في درء الخطر الداعشي التكفيري عن المنطقة والعالم بتضحيات ابنائه وذلك بتلاحم جميع الوان الطيف المجتمعي والاثني العراقي مع المرجعية الرشيدة تلاحما صنع النصر المؤزر على خرافة داعش المتوحش ، و كل ذلك لم يغب عن بال الفاتيكان ، ومآلات المشهد العراقي الذي شهد تحولات حادة وخطيرة وخاصة بعد الاجتياح الداعشي الاصفر والدور المحوري الذي لعبته مرجعية النجف الاشرف في صنع مخرجات استراتيجية حفظت للعالم امنه وكرامته ، وتجلّى ذلك في مسعى المرجعية في استيعاب الصدمة الداعشية البربرية وما نتج عنها من خراب ودمار وخسائر بشرية مهولة ، الا ان مواقف المرجعية الرشيدة المشرّفة كان لها الاثر الواضح في تخفيف تلك الصدمة وغيرها من المواقف كمساعدة النازحين وتوفير المساعدات اللوجستية والانسانية للمتضررين والتي سجلها الراي العام الدولي بكثير من الامتنان والارتياح وكل ذلك لم يكن غائبا عن الفاتيكان ، فمن اهتمامات الكرسي الرسولي انه يراقب السلم الدولي ويحافظ عليه ، وهذه نقطة مشتركة بين الفاتيكان والنجف الاشرف ، ولذا فان زيارة قداسة البابا التي يُجرى التحضير لها على قدم وساق لن تكون للمجاملات البروتوكولية فقط بل هي زيارة تاريخية وذات برنامج معلن لتشمل بغداد والموصل ومدينة أور الأثرية مسقط رأس النبي إبراهيم ، وهي ستكون رسالة تطمين لمسيحيي العراق الذين تعرضوا للكثير من المظالم والفظائع التي ادت الى هجرة الكثير منهم الى الخارج .
العراق دولةً وشعباً مايزالان بحاجة ماسّة الى هكذا زيارة من الوزن الثقيل والتي تحدث لاول مرة في التاريخ ومن قبل قداسة البابا شخصيا الذي كان يقول (ان التفكير بالشأن العراقي يلازمني طوال الوقت) لذا من المقرر ان يلتقي البابا بعد النجف الاشرف ممثلين عن الديانات المسيحية والمسلمة والصابئة والايزيدية وسيكون هناك ممثل عن الديانة اليهودية وستكون هناك صلاة مشتركة بين الجميع من اجل السلام وسيلتقي كبار المسؤولين العراقيين ايضا ، وهي اكثر من زيارة تاريخية ونوعية واستراتيجية للعراق في هذا الظرف وردّ اعتبار كبير له بما يليق وحجم العراق العظيم.