د. ولي علي
تنخرم ذاكرة المعظم في كل حدث يمر في الافق العام، ويعكس أثراً بارزاً، فيتم التعاطي معه تفسيراً وتقييماً وكأنه مقطوع من لحظته، كما يتم حساب المسؤوليات على اساس الفاعل الاقرب. قلنا ونعيد القول، ان مرحلة التاسيس لعراق ما بعد 2003 تتحمل الوزر الاكبر للتداعيات الكارثية التي تجر بذيلها منذ عقد ونصف، وتتسلسل المسؤولية تدريجياً لكل حلقة تلتها، وعلى اساس نوع الفرصة المتاحة وحجم الامكانيات التي ملكها كل مرحلة من مراحل تداول السلطة خلال هذه الفترة. من غير المنصف ان يتم محاسبة الوضع الحالي عن خراب الاقتصاد وافلاس الدولة فيما يتم غض الطرف عن مسلسل لتضييع واردات العراق لا يماثله في دراماتيكيته حتى الافلام الخيالية، فعلى اقل التقديرات نحن امام هدر مؤكد يتجاوز ال (500) مليار دولار، وهو رقم فلكي، يكفي لاعمار ثلاث دول على اقل تقدير، وهكذا الحال في كل مجالات وامكانات الدولة التي تم تضييعها. فعندما تحصل حالة خرق للامن او اهتزاز في جانب معين منه، تتعالى الاصوات في تحميل المسؤوليات للحظة الحاضرة، ولكنها تنسى او تتناسى كل الافعال التي ساهمت في كسر هيبة الدولة، واضعاف سلطتها، وتمكين الخارجين عن القانون من تسيد المشهد الامني، ومن المفجع،ان يتم اغفال او التغافل عن الاسئلة المنصفة والشجاعة، فمن ساهم في جلب الطارئين وغير المهنيين الى قيادة القوات المسلحة وكافة المفاصل الامنية، ومن سمح للأميين ان يكونوا في سلطة القرار الاعلى، ومن مكن اتباع الحزب والقومية والجهة والعلاقة من الحصول على اعلى المناصب والامتيازات بدون ادنى مؤهل ولا حتى احساس بالمواطنة والوطن، ومن سن سنة تأسيس القوات غير الشرعية وغير القانونية، واطلق يدها للعبث في الامن العام، وابتزاز الناس، واستخدامها للترهيب السياسي، ومن وضع حجر التبعية والانحياز الى هذا المحور او ذاك، ومن سمح لمن يتصرف برأيه وموقفه من هذه القضية او تلك خلاف توجهات الدولة ومصالحها، ومن حول الدولة الى ضيعة مباحة للتغانم والنهب، ومن ترك المدن مخربة عبر المشاريع الوهمية ونهب المال العام، ومن عطل القوانين خدمة للمصالح الحزبية والشخصية، ومن حشر البلد في دستور جامد مليء بالمطبات والفتن، ومن وقف في طريق كل محاولة للاصلاح؟ هذه الاسئلة ومثلها الكثير، هي التي تدلنا على الذين خربوا الدولة، وحطموا كيانها العام، وجردوها من كل امكانيات القوة بحيث اصبحت دولة ومفلسة، وعلى الجميع، ان يعدل بوصلة نقده ومحاسبته على هذا الاساس، ويقف امام اجوبة تلك التساؤلات الشجاعة، ليحاسب كل طرف بقدر ما تورط في جريمة تخريب الدولة.
أقرأ ايضاً
- بعد تزايد ارقام كورونا بالعراق هل ستتخذ الحكومة المستقيلة شعار ” يا مغرب خرب "
- يا مغرب .... لا تخرب !!!
- ما مدى نجاح المتظاهرين السلميين وهزيمة المندسين والمخربين؟ وهل أصبح الهدوء حتميا؟