بقلم: عادل الموسوي
تحيةً لك أيّها "الفيروس" الباسلُ المِقدام، كم أنت جميلٌ ورائع..
من أيّةِ جهةٍ أنظر بهائك وزوايا النظر اليك متعددةً بكثرة نتوءاتك المتكورة كأنها التاج..
نعم فربّما كنت أحد القادة الكبار في مملكة الأرض من عالمك العجيب، وكأنك تريد أن تكون كذي القرنين في مملكته الاّ أنّك بدأت من مطلع الشمس ثم اتبعت سبباً فبلغت مغربها، عذاباً للظالمين، وعِظَةً للمؤمنين، { يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا * وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى.. }.
لمّا كان الحديث عن "كورونا" متشعباً بعدد نتوءاته الكثيرة، سنختار من حروفه المقطعة مفاتيح لعناوين فرعية:
ك: كرام الذات بالفطرة:
بعيداً عن الطائفية.. "شيعتُنا خُلِقوا من فاضلِ طينتنا.." وايُ بذلٍ يضاهي جود أهل البيت عليهم السلام، ومنهم اتباعهم في الضراء كرامَ النفوسِ، في البأساء اُباةٌ وشوس، وما قدرُ سلّات الغذاء وقد جادوا بالأمس بالنفس والجودُ بها أقصى غايةُ الجودِ، يستعجلون الفتوى قبل أن يقضى إليهم وحيُها، كـ"أيوناتٍ" متكهربون دوّارون في فلك عمامةٍ سوداء، لائذون بعباءةٍ دكناء، كساءٌ يمانيٌ وارفُ الظلِ على الجميع إلاّ من أبى..
"وينبغي على المواكب الحسينية الكرام ..أن يستعيدوا نشاطهم لدعم وإسناد العوائل المتضررة في الوقت الراهن.."
ما أروع الأمر من ثناياك سيدي، وما قدري حتى أكون محلاً لتكليفك اِياي لخدمة جميع أبناءك..
و: "وين الملايين.."
اِنَّما خرجت الملايين لا لاِثبات صدقها مع الحسين صلوات الله وسلامه عليه، لا لاِثبات كَذبِ تلك الفتاة المغفلة..
الملايين لايهمها طنينُ الذباب..
الملايين تلبي وقت الشدائد لا تنتظر الشكر من أحدٍ، ولا تمنَّ بعطائها على أحد، إنَّ ذلك الشعار المدفوع والمرفوع في ساحة التحرير إنحسر خاسئاً أخرسته الأفعال لا الأقوال، فلا ترفعوه ثانيةً بغير علمٍ نيابةً عن المغرضين، لسنا بحاجةٍ أنْ نقارنَ بين مقولةٍ بائسةٍ لطفلةٍ جاهلةٍ وبين جهود الساعين والباذلين والعاملين.. نحن بحاجةٍ الى توحيد الجهود واِثبات الوجود، لسنا من أصحاب مقولة "الجود من الماجود" بل من أصحاب "الجود من الجلود"، {ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى ۙ لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }.
ر: "رحمة بالعباد":
ما قيمة الحرية في الخروج من المنزل، وحرية الاختلاط بالناس والمصافحة والسلام، الحرية في لمس الأشياء وتنفس الهواء..
هل كان كل ذلك نعمة من الله؟!
هل جحدنا شكرها؟! فحملنا "الفيروس" قهراً على ذكرها !!
كم من مرةٍ علينا التعقيم وغسل الأيدي من الملوثات، والحذر من العطاس والرذاذ..
هل هناك تحذير من خطر مخالطة الأشرار، البطالين، الممتهنين للفحش في القول والسب للذات الالهية والدين والانبياء والخوض بالباطل، المستهزئين بدين الله وبالمؤمنين، الاختلاط والنظر إلى المتبرجات بزينة..
هل علينا أنْ نخشى بلاءً يضيف الى لبس "الكفوف" و "الكمامات" لبس واقيات الأُذن والنظارات المعتمة.
و: "ورجعت الجمال.."
"انتهت الزيارة ورجعت الجمال.." استهلال لمقال جلد به كاتبه الزائرين وكأنهم من ملة أخرى أو "سيخاً" يزورون "المعبد الذهبي"..
غرة رجب من جامع "الكوّاز" في البصرة القديمة اِنطلقت مسيرةُ الحرية مكبلةً بحلقِ القيود مخفورةً بجندِ الخليفة..
انطلق ذلك الموكب -الذي جسَّدَ رحلة سجن الامام موسى بن جعفر عليه السلام- قبل المناسبة بحوالي شهر، ولم يكن عند انطلاقهم ولا حتى قبيل وصولهم أي حظر او تفاقم للأزَمَة، كما إنَّ هيئة المواكب أصدرت تصريحاتِ دخول المواكب للخدمة في الكاظمية المقدسة قبل أسبوع من الذكرى، وألغتها قبل أيام قليلةٍ منها، وحيل بين المواكب والخدمة في اللحظات الأخيرة، بمعنى أنَّ الأمر لم يكن قد وصل إلى ما وصل إليه متوافقاً مع وصولهم لبغداد ليرجعوا عن باب الحوائج وقد صدر الحظر وهم على أعتابه، عاملين بما أمكنهم من وقاية، راجين العفو والقبول، تقرأ في أعينهم خجل المخالفة، فرفقاً أيها الجلّاد فإنَّهم من أهل ملتنا قُطِعت بهم السبل.. وتقحَّموا الدخول برجاء قوة المناعة.
ن: نحنُ لا نعبد الأبواب والشبابيك:
من عقائدنا اِستحبابُ زيارة مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام وجواز التبرك وتقبيل أبواب وشبابيك مراقدهم المقدسة، الاّ إنَّ بعضاً ممن تسلق الأعواد أراد أنْ يكون كأبن العاص في العبادة، ليتجاوز العلم والإيمان، مخالفاً اتفاق المسلمين -إنْ لم نقلْ اجماعهم- على تعليق العبادات التي يجتمع فيها المسلمون كالجمعة والجماعة وريادة المساجد وزيارة المراقد في ضوء التوجيهات الصحية بتجنب التجمعات البشرية في ظل تداعيات "فايروس كورونا".
-عَمرو: "وچتافاتي لأبو فاضل ولو واحد بالترليون ما يرجف گلبي من هذا المرض ولا من غيره..
وجيب..جيب مريض هسه أبوسه من حلگه إذا [كان] يحب الحسين..
آنة ما بوس شباكك لأن بيه مكروب.. يابويه.. ".
-النجاشي: "ليس كل العابدين يفهمون ما تفهم يا عَمرو".
ندم عَمرو وأسلم بعد صلح الحديبية وأخذ يدعو الناس للوقاية من "كورونا" تائباً..
هيهات إلاّ أنْ يعقد مجلساً يدعو إليه منْ كان حاضراً باكياً، فيُصحح له الاِعتقاد معتذراً، وهيهات إنْ اِستلزمت تلك السنّة ضرراً وعدوى واِنتشار، "فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ ".
ا: آه.. أيّها ال"كورونا":
تعرف أيها الخلق المطيع اِنَّنا شعبٌ ألِفَ المآسي والمحن، الحروب والحصار والارهاب، الأنظمة الظالمة والفاشلة والفاسدة، ألِفنا الموت والجوع والحرمان..
نعرف أنَّ مجيئك تأديبٌ لا عقوبة، وستغادر بعد أداء الواجب المطلوب.. لولا جهل المتمنطقين ممن تسلق الأعواد، وحماقة من تسلط على رؤوس العباد، كأنك أتيت لتَميز الخبيث من الطيب، والأحمق من العاقل، وتُخْرِج إلى الفعل قوة التراحم والبذل والتكافل، نوايا تنتظر الإشارة، لتكون من "مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاء الْحُسْنَى"، وربما جئت لتصحيح الاِعتقاد، والاِستعداد ليوم التناد، "يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مِّنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ۗ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ".
حُييت وأنت تهز العروش وتُحَرَّكُ لأجلك الجيوش لأعتى القوى وأخبث الغيلان، حيارى لا يألون على شيءٍ سوى بروجٍ مشيّدةٍ عسى أنْ لا يدركهم الموت فيها، "وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ ".
" أَمَّا مَن ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُّكْرًا".
لازال من نتوءات "كورونا" الكثير ربّما نأخذ منها عينةً أخرى.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً