- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
تباريح الثقافة بين المعلن والمكنون...الجزء الثاني
حسن كاظم الفتال
مدى تعاضدية الإيمان والثقافة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الإيمان يعني الإعتراف بالشيء وتصديقه بصورة لا ينتابها شكٌ أو ريبة ,
أي هو التصديق الجازم بعد بيان البرهان والتفاعل معه.
وحين نزعم الإيمان نعلن الإعتقاد والإلتزام التام بكل أحكام السماء بما أمر الله سبحانه وتعالى ورسوله الكريم صلى الله عليه وآله والانقياد التام والجازم لظاهر وباطن هذه الأحكام.
ونمو جوهر الإيمان في النفس ينشئ للإنسان الرادع الحقيقي من الإقتراب من المنكرات والموبقات ويساهم في تنمية الروح الإنسانية وتوسع مدارك الفرد ومساحةَ استيعابه وتقود الإنسان إلى الصواب فتمكنه من تلبية احتياجاتِه. ولعل الثقافة تكون بوابة واسعة لدخول الإيمان للقلب وللنفس. وكم من المجتمعات خلدتها ثقافاتُها وصارت مرآة للفرد وللشعوب وعنصرا من العناصر التي توسم هويةَ المجتمع ببصمة مشرقة. ويمكن أن تكون الثقافة سبيلا من سبل التصديق بالشيء الذي يوَلِّدُ الإيمان التام.
والدين أو العقيدة لعلها من أهم وأبرز عناصر تقويم الفرد وهي أي العقيدة تحصن الشخص وتحجبه من الوقوع في منزلقات الرذيلة التي تودي بالفرد والمجتمع إلى الهلاك.والعقيدة تنمي في الفرد القيم والمبادئ والروح الأخلاقية. والتدين يقي المرء الكثير من الشرور والمساوئ ويعالج في الوقت نفسه الأمراض الروحية والإضطرابات السلوكية والنفسية والمعنوية ويحصنه ويحجبه من الإنزلاق إلى المهالك والمهاوي.والدين يغرس في الإنسان الفضائل والصفات الحميدة والخصال الإنسانية وتبرز المناقب الحسنة. نعم يحدث ذلك لدى الفرد عند تمسكه بعقيدته ودينه ولا يخفى على أحد من أن الفرد المسلم المؤمن يحتاج إلى من يبصره في أن يتمسك بدينه ويجعله قدوة حسنة من خلال إبراز الغايات السامية التي أبرَزَها الإسلامُ لتكريم بني آدم ويتطلب هذا الأمر أن يتقلد بوسام الثقافة بمعانيها ومغازيها ومفاهيمها.
جدلية التمظهر الثقافي
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
ثمة من فسر مفهوم الثقافة أو فهمها خطأً إذ حسِبَ أنها تعني:
الإعتناء بالزي أو المظهر العام فحسب. والأدهى من ذلك أن يفهمها بعضنا بأنها تعني التمرد على الواقع والتنكر للموروث والتقليد وثم الإرتماء في أحضان المخالفين لحضارته وثقافته ومحاكاتهم ومجاراتهم ولعله لا يكتفي بذلك بل يسعى للترويج لكل فكرة وافدة من خارج حضارته. وقسم آخر يذهب بتصوره إلى أبعد من ذلك فيرى أن الثقافة تقتصر على حفظ المصطلحات وإتقان تلفظِها وتبطين الأحاديث بها ساعة نسرد قضية معينة.
بينما صنفها آخرون على أنها طاقة شعورية مكتسبة من الفطرة تحتاج إلى متبنيات فكرية وحكمية لتكون رافدا ماديا ومعنويا يصقل هذه الطاقة الشعورية ويوظفها توظيفاً مناسباً.
وقد اعتمد المسلمون القرآن الكريم العنصر الأول من عناصر الثقافة. وهو أعظم وأول وسيلة للوصول إلى ثقافة إسلامية إنسانية حقيقية جعلت مجتمعنا الإسلامي يمتلك إرثا حضاريا فكريا اجتماعيا غائصا في أعماق التاريخ
وثمة من يرى وربما يؤكد على أنه يمكن امتلاك الثقافة عن طريق التلقين! وليست هي رؤية واضحة كل الوضوح
مما أدى لأن يأخذ التساؤل مساحة أخرى من مساحات الحوار فيقال:
هل هنالك ثقافة مجتمعية وثقافة شخصية ؟ بتعبير آخر نجد أن شخصا يُنعت بالمثقف بسبب اكتسابه مرتبة عالية أكاديميا لكنه يتصرف إجتماعيا تصرفات غير مقبولة ولعل ذلك يعكس صورة تشير إلى أنها حالة من حالات الإزدواجية إذاً كيف يتم التعامل مع مثل هذا الفرد وهذه الحالة ؟
هنالك شعوب تزعم بأنها اكتسبت ثقافة جيدة ولكن نجد أن تصرفات أفراد هذه الشعوب غير مقبولة إجتماعيا أو حضاريا ولا تتطابق أحيانا حتى مع الذوق الرفيع. ما هو التفسير لمثل هذا الأمر ؟
مرور بعض البلدان بمراحل عصيبة أدى إلى أن تفقد مجتمعاتها بعض ثوابتها وأساسيات منهجيتها الثقافية أو تتخلى عن ثوابت كثيرة.فهل يمكن لنا إصلاح ما فسد وكيف يتم ذلك ؟ وعن طريق من ؟
ثمة من يؤسس إلى نظرية معينة مضمونها يقول: إن الشعب الفقير مثقف أو الشعب المثقف فقير، فهل هذا صحيح ؟
كم هي نسبة علاقة الثقافة في ميادين التجارة والزراعة
لِمَ دائما نكتسب من الآخرين ولا يسكب منا الآخرون ؟
الإدارات التي يتكلف بها الأشخاص هل هم مثقفون ؟ كم أدت هذه الإدارات دوراً في التثقيف ؟
ألا يتحتم على أي مسؤول إداري أن يتمتع بثقافة معنوية إنطباعية ذاتية حقيقية ولو نسبية إن لم نقل جيدة ؟ وحين لم يكن كذلك كيف ستكون الحال ؟
هل إن التعايش والمشاهدات والتنقل بالجسد والفكر. يورث ثقافة ؟
لقد شغل الإعلام مساحة واسعة من إهتمامات المجتمعات.
فهل يمكن أن يكون الإعلام وسيلة أساسية للتثقيف ؟
ختاما كم هي علاقة الدين بالثقافة. وهل الدين الذي ينشئ الثقافة أم الثقافة هي التي تحصن الدين لدى الفرد؟
هذه التساؤلات تحتاج إلى إجابات وافية سننتظر من يجيب عليها أو سنجيب عليها تباعاً فيما بعد.
حسن كاظم الفتال
أقرأ ايضاً
- شهر محرم نقطة الشروع إلى التحرر - الجزء الثاني
- هل جامعاتنا ورش لبناء المستقبل أم ساحات تعج بالمشاكل؟ - الجزء الثاني والاخير
- الخطأ الثاني لمسعود البارزاني