- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
في رحاب الحضرة النبوية الشريفة / الجزء السادس
بقلم: عبود مزهر الكرخي
ونختصر قولنا بأن الوهابية يرددون دوماً بأن الشيعة او يسمونهم الروافض هم اخطر من اليهود، وما يجري في سوريا من تآلف الدواعش وكل التنظيمات الإرهابية الوهابية مع إسرائيل من أجل محارية حزب الله والشيعة وتدمير البلد سوريا هو يثبت صحة كلامنا. وأن الدين الوهابي المصطنع والذي ينسب لمحمد عبد الوهاب بتخطيط الجاسوس البريطاني مستر همفر وبدعم حاكم الجزيرة آنذاك، وارتكز دينهم على آراء ومعتقدات ابن تيمية الذي كان ينصب العداء لآل بيت النبي الاكرم (ص)ويأخذ الدين بالآراء والروايات الأموية الضعيفة والموضوعة لدرجة ان العلماء واهل الحديث الذين عاصروه قد اسقطوه لأنه خالف الحقائق الإسلامية بشكل سافر لدرجة ان يجسم الخالق جل جلاله. ومن هنا جاء اتهام للشيعة بأنهم مصدر الاسرائيليات وهي بحسب المصطلح في علم الحديث فهي المرويات القصصية التي يرجع أصلها إلى رواة يهود، وكل قصة أصل روايتها من اليهود تسمى رواية إسرائيلية، وكان اتهام الشيعة بأنهم وراء الاسرائيليات وبقيادة عبد الله بن سبأ وهو أتهام باطل وغير حقيقي. ولنطلع على مايقوله سماحة العلامة منير ويحلل حقيقة أبن سبأ " دخلت ضمن كتب الحديث، ولكن هل تسربت الإسرائيليات إلى التراث الأمامي نفسه أم لا؟
هنا عدة من الباحثين من أهل السنة قالوا: نعم، التراث الأمامي دخلت فيه إسرائيليات، مثل أحمد أمين، وغيره من الذين نسبوا إلى التراث الأمامي أنه دخلت فيه بعض الإسرائيليات.
ننقل هنا عن محمد حسين الذهبي في كتابه «الإسرائيليات في التفسير والحديث» قال: إن أعداء الإسلام، ومنهم اليهود، هالهم الإسلام، وما لأهله من القوة، فتظاهر نفر منهم بالدخول في الإسلام وقلوبهم منه خاوية، وتشيعوا لآل البيت - يعني يريد أن يقول بأن الشيعة هم الذين أوصلوا الإسرائيليات إلى التراث - وصدورهم على الحقد طاوية، ووضعوا في ذلك كل أحاديث غريبة، ونسجوا قصصًا عجيبة، معظمها منتزع من أصول يهودية، ثم قال: إن عبد الله بن سبأ رأس الفتنة والضلال ومن ورائه سبئيون كثير تظاهروا بالإسلام وتلفعوا بالتشيع لآل البيت إمعانًا في المكر والخداع، وكان لهم نصيب كبير مركوم من الإسرائيليات الدخيلة.
يعني هذا يقول: التراث الأمامي أصلاً الكثير منه من الإسرائيليات، لأن الأمامية استندوا إلى عبد الله بن سبأ، وعبد الله بن سبأ هو رأس الفتنة والضلال، ومنه تسربت هذه الروايات الإسرائيليات إلى التراث الأمامي:
أولاً: أنتم تعلمون أن قضية عبد الله بن سبأ كثير من الباحثين يقول أصلاً هذه قضية أسطورية، أصلاً لا يوجد هناك شخص اسمه عبد الله بن سبأ، لأن الذي روى هذه الأحداث كلها - أنه كان هناك شخص اسمه عبد الله بن سبأ، ودخل في الإسلام في زمان الإمام علي، والتصق بجماعة الإمام علي، وكان هو رأس الضلال، وهو في الأصل يهودي، وفعل ما فعل - كل هذه القصة يرويها سيف بن عمر، وسيف بن عمر في كتب علماء الرجال عند السنة لا الشيعة قدحوا في دينه وعبروا عنه بالزندقة فضلاً عن الكذب، هذا الذي روى القصة كلها، أن هناك رجلاً اسمه عبد الله بن سبأ، وفعل ما فعل، وهو رأس التشيع... والراوي للقصة رجل مطعون فيه من قبل علماء أهل السنة، هذا أولاً.
ثانيًا: افترض أن عبد الله بن سبأ كان إنسانًا موجودًا، ولعل من بعض الروايات في كتب الشيعة يظهر أن هناك شخصًا فعلاً كان اسمه عبد الله بن سبأ، لنفترض ذلك، نقول: هل من الممكن أن يكون تراث الشيعة يرجع إلى هذا اليهودي ولا نرى له رواية واحدة؟! أنت تتبع كل كتب الشيعة، الكتب الأربعة، التهذيب، الاستبصار، الكافي، من لا يحضره الفقيه، تتبع كتب الشيعة، فيها أكثر من 26 ألف حديث، لا يوجد فيها حديث واحد لعبد الله بن سبأ أصلاً، ليس من المعقول، إذا كان هو رأس التشيع وقام بهذه الأعمال كلها، فكيف لم يبقَ من أحاديثه ولا حديث واحد؟! إذن بالنتيجة الوجدان شاهد على اختلاق هذه الأحداث ونسبتها إلى التشيع والتشيع منها براء، ولسنا نحن الوحيدين الذين نقول بهذا.
الدكتور طه حسين في كتابه «الفتنة الكبرى، الجزء الثاني، ص902»، هو الذي يقول: ”إن خصوم الشيعة أيام الأمويين والعباسيين بالغوا في أمر عبد الله بن سبأ ليشككوا في سبب ما نسب من الأحداث إلى عثمان وولاته، وليشنعوا على علي وشيعته من ناحية أخرى، فيردوا بعض أمور الشيعة إلى يهودي أسلم كيدًا للمسلمين“، ثم يقول: ”إن قضية عبد الله بن سبأ من مخلفات أعداء الشيعة“، وهذا كاتب سني، ليس شيعيًا، أصلاً هذه الأحداث كلها سطرها خصوم الشيعة في زمان الأمويين والعباسيين من أجل تشويه صورة علي وشيعته، ومن أجل أن يتغافل ويتناسى المسلمون ما حصل من أحداث في زمان الخليفة الثالث من قبل بني أمية آنذاك "(1).
وقد تصدى ائمتنا المعصومين لكل ماقيل في الاسرائيليات ورواياتهم وفي زمن الأمام علي(ع) وتذكر الروايات أنه: جاء الإمام علي إلى قاص تقص، فقال: تقص ونحن حديثو عهد برسول الله؟! يعني أنت إذا كنت تعرف أشياء فنحن أولى منك لأننا حديثو عهد برسول الله، أما إني أسألك عن مسألتين - يعني أختبرك في مسألتين - فإن أصبت وإلا أوجعتك ضربًا، ووقف ذات مرة الإمام علي على كعب الأحبار الذي هو رأس الروايات الإسرائيليات، وقال: إنه كذاب(2).
وحتى الإمام الباقر تصدى للروايات الإسرائيليات: حيث ينقل عن الإمام الباقر أنه كذب كعب الأحبار، كعب الأحبار كان يقول أن الكعبة المشرفة تسجد كل صباح لبيت المقدس، حتى يريد أن يظهر أن الأصل هو بيت المقدس، الإمام الباقر لما وصلت إليه رواية كعب الأحبار قال: { إنه يكذب، وليس كذلك}(3).
إذن الأئمة كانوا يتصدون إلى هذه الروايات الإسرائيليات، من خلال أعمدة الروايات يتصدون لنفيها وتنبيه الناس عليها. وهذا محدث من أبناء السنة وهو أبو هريرة وهو محدث عندهم ومن يروون به في صحاحهم فيقول عنه الأمام علي(ع) { أكذب الأحياء(أو الناس) على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أبو هريرة الدوسي }(4).
وعن الصادق عليه السلام: { ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله أبو هريرة، وأنس بن مالك، وامرأة. قال المجلسي وغيره..... }(5).
وحتى الصحابي الجليل أبو ذر قال لكعب الأحبار عند عثمان في اصدار فتوى من قبل كعب الأحبار لعثمان في أخذ الأموال من بين مال المسلمين فقال لهم بالحرف الواحد: فقال أبو ذر: يا ابن اليهوديين أتعلمنا ديننا؟(6).
ومن هنا فأنه حتى عبد الله بن سبأ هي شخصية اسطورية ولاوجود لها على الواقع وقد تم خلق هذه الشخصية للهجوم على الشيعة واختلاق الفتن وكما ذكر ذلك د. طة حسن في كتابه الفتنة الكبرى والذي أوردته مسبقاً وهناك الكثير من الكتاب الذين ينفون هذه الشخصية وحتى الذي نقلها من المحدثين الكذابين عند أهل الكتاب والسنة وهم سيف عمر(وقد اوردنا تجريحه) والناقل الثاني: السري بن يحيى كما يسمّيه الطبري، وهو ليس بالسري بن يحيى الثقة، لأن السري بن يحيى الثقة يكون زمانه أقدم من الطبري فقد توفي سنة 167 ه في حين ولد الطبري سنة 224 هـ، فالفرق بينهما سبعة وخمسون عاما، ولا يوجد عند الرواة سري بن يحيى غيره، ولذلك يفترض أهل الجرح والتعديل أن السري الذي يروي عنه الطبري يجب أن يكون واحداً من اثنين، كل منهما كذاب، وهما: السري بن إسماعيل الهمداني الكوفي وهو أولهما، وثانيهما السري ابن عاصم الهمداني، نزيل بغداد المتوفى سنة 258 هـ، الذي أدرك ابن جرير الطبري وعاصره أكثر من ثلاثين عاما.
وكل من هذين قد كذّبه أهل الحديث واتهموه بالوضع؛ فقد كذبهما صاحب تهذيب التهذيب، وصاحب ميزان الاعتدال، وصاحب تذكرة الموضوعات، وصاحب لسان الميزان، وغيرهم واتهموا كل واحد منهم بالوضع(7).
ونلخص مايقوله العلماء والكتاب حول عبد الله بن سبا حيث يقولون:
السيد محمد حسين الطباطبائي
قال: وهذان اللذان روى الطبري عنهما الحديث، وعنهما يروي جل قصص عثمان ــ أعني شعيباً وسيفاًــ هما من الكذابين الوضاعين، ذكروهما علماء الرجال وقدحوا فيهما، والذي اختلقاه من حديث ابن السوداء وهو الذي سموه عبدالله بن سبأ، وقد قطع المحققون من أصحاب البحث أخيراً أن ابن السوداء من الموضوعات الخرافية التي لا أصل لها(8).
الدكتور عبد العزيز صالح الهلابي
قال في كتابه (عبد الله بن سبأ): الذي نخلص إلية في بحثنا هذا أن ابن سبأ شخصية وهمية لم يكن لها وجود، فإن وجد شخص بهذا الإسم فمن المؤكد أنه لم يقم بالدور الذي أسنده إليه سيف وأصحابه، لا من الناحية السياسية، ولا من ناحية العقيدة(9).
وهناك كتاب كثيرون ينفون هذه الشخصية من العصر الحديث ومن الكتاب العلمانيين وننقل عنهم لنختم جزئنا هذا فيقولون:
الدكتور أحمد محمود صبحي
في نظرية الإمامة قال: وليس ما يمنع أن يستغل يهودي الأحداث التي جرت في عهد عثمان ليحدث فتنة وليزيدها اشتعالاً وليؤلب الناس على عثمان، بل أن ينادي بأفكار غريبة، ولكن السابق لأوانه أن يكون لابن سبأ هذا الأثر الفكري العميق، فيحدث هذا الانشقاق العقائدي بين طائفة كبيرة من المسلمين(10).
أحمد عباس صالح
يقول: عبد الله بن سبأ رجل خرافي، وساذج الذي يتجه إلى خلق شخصية كهذا ليعطيها أثرا أي أثر فيما حدث من الأحداث، وأكثر سذاجة منه من يظن لهذا الرجل تأثيراً على كبار الصحابة، ومنهم أبو ذر الغفاري، إنما كل ما حيك من قصص حول عبد الله بن سبأ من وضع المتأخرين، فلا دليل على وجوده في المراجع القديمة(11).
الدكتور علي الوردي
يقول علي الوردي: أن الاعمال العظيمة التي تنسب إلى عبد الله بن سبا لا يمكن ان يقوم بيها الا عبقري أو ساحر أو منوم مغناطيسي من طراز فذ، فهو لا بد أن يكون ذا عيون مغناطيسية تكسر الصخور أو ذا قوه نفسية خارقة تجعل الناس أمامه كالغنم يتأثرون بأقواله من حيث لا يشعرون(12).
فهل توجد حجج دامغة اكثر من ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1 ـ مأخوذة من موقع العلامة السيد منير الخباز. متابعات » المحاضرات المكتوبة » محاضرات محرم الحرام. الإسرائيليات في التراث الإمامي. شبكة المنير 15 / 11 / 2013م.
2 ـ لاحظ «كنز العمال، الجزء الأول، ص172»رواها ابن أبي حديد المعتزلي في الجزء الرابع من شرح النهج، ورواها محمود أبو رية في «أضواء على السنة المحمدية، ص165».
3 ـ لاحظ الكافي، الشيخ الكليني، الجزء الرابع، ص240.
4 ـ فيما رواه ابو جعفر الاسكافي. لمسترشد، لمحمد بن جرير الطبري (الشيعي) 170، بحار الأنوار، للمجلسي، 33/215، 34/287، شجرة طوبى، لمحمد مهدي الحائري، 1/97، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي الشاهرودي، 10/525، دراسات في الحديث والمحدثين، لهاشم معروف الحسني، 95، شرح إحقاق الحق، للمرعشي، 1/196 (الحاشية)، وركبت السفينة، لمروان خليفات 221، الشيعة هم أهل السنة، لمحمد التيجاني 90. بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٣ - الصفحة ٢١٥. منشورات المكتبة الشيعية.
5 ـ الخصال، للصدوق، 190، الإيضاح، للفضل بن شاذان الأزدي، 541، بحار الأنوار، للمجلسي، 2/217، 22/102، 242، 31/640، 108/31، مستدرك سفينة البحار، لعلي النمازي الشاهرودي، 9/81، مستدركات علم رجال الحديث، لعلي النمازي الشاهرودي، 1/702، معجم رجال الحديث، للخوئي، 11/79
6 ـ كتاب أبو ذر تأليف العلاّمة الشيخ عبد الحسين الأميني باب(40) تسيير الخليفة أبا ذر إلى الربذة ص 2. منشورات المكتبة العقائدية. البحار 22 / 415. رواه البلاذري. الغدير 8 / 292 ـ 293 عن الانساب 5 / 52 / 54. كتاب سلسلة الأركان الأربعة ص 133، الفَصـل الثـالِـث تسيير أبي ذَر إلى الربذَة وَوَداع أمير المؤمنين علي عَليه السّلام له كما وصفه المؤرخون0 مراجعات كتاب مراجعة الفتنة الكبرى: (الجزء الأول): عثمان تأليف طه حسين. الفصل الثالث عشر ص 117. دار دروب للنشر والتوزيع والترجمة. من مكتبة كتب غوغل.
7 ـ ابن حجر، لسان الميزان، ج 3، ص 12؛ الأميني، كتاب الغدير، ج 8، ص 143.
8 ـ طباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج 9، ص 260.
9 ـ الهلابي، عبد الله بن سبأ، ص 71.
10 ـ صبحي، نظرية الإمامة ص 37.
11 ـ صالح، اليمين واليسار في الإسلام، ص 95.
12 ـ الوردي، وعاظ السلاطين ص 111.
أقرأ ايضاً
- ماذا بعد لبنان / الجزء الأخير
- ماذا بعد لبنان / 2
- مراقبة المكالمات في الأجهزة النقالة بين حماية الأمن الشخصي والضرورة الإجرائية - الجزء الأول