- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
مراسيم أربعينية الإمام الحسين (2018) بلغة الأرقام
بقلم:علي المؤمن
لم يظهر مؤشر غائم أو واضح ـ هذا العام أيضاً ـ على تغيير موقف وسائل الإعلام العربية والعالمية السلبي من المراسيم السنوية لإحياء ذكرى أربعينية الإمام الحسين في العراق؛ برغم أنها وفق المقاييس المتعارفة دولياً؛ أضخم تجمع بشرى في ماضي الكرة الأرضية وحاضرها. وفرادته الأخرى أنه يكرر سنوياً. وعلى أفضل المحامل؛ نقول أن كثيراً من هذه الوسائل تتقاعس في تغطية المراسيم؛ برغم أن بعضها مستعد لبث تغطيات مباشرة وعلى مدار الساعة لأحداث قليلة الأهمية.
لهذه المراسيم دلالات متعددة؛ منها أن الأمة العراقية أمة معطاءة وكفوءة وعظيمة، وأنها تنتمي الى الحسين، وأن الدولة العراقية دولة ناجحة ومقتدرة، وأن شيعة العالم نسيج عقدي ومذهبي واجتماعي واحد؛ يصعب اختراقه وتمزيقه، وأن العراق هو الحاضنة الطبيعية للتشيع.
و كعادتنا في كل سنة؛ نقدم إحصاءات وافية وشبه دقيقة عن المراسيم؛ بناء على معايشة ميدانية وتواصل مباشر مع الجهات المعنية؛ كي لانعطي لوسائل الإعلام العربية والعالمية مبرراً بعدم وجود معلومات:
1- اشترك في المراسيم ما يقرب من عشرين مليون إنسان؛ بينهم (17) مليون عراقي من داخل العراق؛ أي مايقرب من 40 بالمائة من سكان العراق، أو حوالي 75 بالمائة من شيعة العراق. وهي بذلك أضخم وأكبر تجمع بشري في تاريخ العالم وحاضره.
2- اشترك في المراسيم مايقرب من (500) ألف عراقي مغترب؛ وفدوا من حوالي (50) بلداً.
3- اشترك في المراسيم بضعة آلاف من العراقيين السنة، وكذلك من غير المسيحيين والصابئة.
4- اشترك في المراسيم مايقرب من ثلاثة ملايين غير عراقي، ينتمون الى أكثر من (70) جنسية. بينهم أكثر من مليوني ايراني، وحوالي مليون هندي وباكستاني وآذربايجاني وتركي وأفغاني ولبناني وكويتي وبحريني وسعودي، ومن بلدان أخرى. أي أنه أكبر تجمع بشري أجنبي يجتمع في بلد واحد خلال أيام محددة.
5- انطلق المشاركون من أكثر من (500) مدينة وناحية وقرية عراقية؛ من من جنوب العراق وشرقه وشماله؛ في مسيرات راجلة؛ أي مشياً على الأقدام باتجاه مدينة كربلاء؛ حيث مرقد الإمام الحسين. أي أنها المسيرة الوحيدة في العالم التي تتفرد بتتعدد مراكز انطلاقها بهذا المستوى الكبير.
6- مجموع طول الطرق التي قطعتها المسيرات الراجلة أكثر (2000) كم. أي أنها أطول مسيرة راجلة عرفتها البشرية.
7- سار المشاة لمدد متفاوتة؛ تبدأ بيوم واحد وتنتهي بخمسة عشر يوماً متواصلاً.
8- على مدى الأيام الـ (15) التي استغرقتها المسيرة، وعلى طول طرق الـ (2000) كيلومتر التي يقطعها المشاة؛ تم نصب أكثر من (100) ألف سرادق وخيمة ومضيف وحسينية وجامع؛ متراصة، وكلها للخدمة. وقد قدمت مختلف أنواع الخدمات على مدار الأربع وعشرين ساعة يومياً؛ كالطعام والشراب والمرافق الصحية والمبيت والإستراحة والصلاة والعبادة والعلاج والإسعاف والإتصالات والنقل والنظافة والأمن وغيرها. وهي بذلك أضخم وأكبر مجموعة مرافق خدمية تعمل في وقت واحد وفي أماكن متصلة؛ على مستوى العالم.
9- قامت المرافق الخدمية بتقديم ما مجموعه (100) مليون وجبة طعام تقريباً، و(100) مليون لتر من مياه الشرب، وخمسة ملايين قنينة عصير، وحوالي (500) ألف طن من أنواع الفواكه والخضر. أي ما معدله سبعة ملايين وجبة طعام يومياً تقريباً. أي أنها أطول وأضخم مائدة طعام وشراب عرفتها البشرية حتى الآن.
10- قامت المرافق الخدمية أيضاً بتأمين حوالي (50) مليون خدمة مبيت للمشاة؛ على طول الطرق التي يقطعونها. أي أنها على مستوى العالم؛ أكبر استضافة مبيت في مساحة جغرافية متصلة و أوقات محددة.
11- اشترك في العمل في مجمل المرافق الخدمية أكثر من (500) ألف شخص؛ من مختلف الإختصاصات: طباخين، بنائين، تقنيين، عمال، علماء دين، مهندسين، أطباء، صيادلة، سائقين، مترجمين، مرشدين. ولم يستلموا طيلة عملهم فلساً واحداً؛ بل كان كثير منهم يساهم في الإنفاق على المراسيم. أي أنها أكبر كتلة متطوعين عرفتها البشرية حتى الآن.
12- رفعت في هذه المراسيم أكثر من ثلاثة ملايين راية وعلم صغير ومتوسط وكبير، يحمل معظمها الألوان السوداء والخضراء والحمراء. ولكل لون دلالة تاريخية ودينية. وبينها أيضا عشرات آلاف من العلم العراقي، وبضع مئات من أعلام الدول التي يفد منها المشاركون؛ سيما البحرين وايران ولبنان. وبذلك فهي أكبر كمية رايات وأعلام ثابتة ومتحركة ترفع في مناسبة واحدة وفي أماكن متصلة، وبأعداد لم تعرفها البشرية من قبل.
13- ينتمي المشاركون في المراسيم الى كل فئات المجتمع وطبقاته وشرائحه: متدينين وغير متدينين (بالرغم من الطابع الديني للمراسيم)؛ أميين ومفكرين ومثقفين وحملة أعلى الشهادات الجامعية، أناس عاديون وكبار قادة الدولة، فقراء وثرياء، جهلة بالدين وكبار الفقهاء والمجتهدين. ولم يظهر أي فرق بين هؤلاء في تقديم كل أنواع الخدمة والبذل والعطاء المادي والمعنوي، بل وحتى
في الزي؛ إذ ذابت جميع الفوارق في إطار الملابس السوداء التي يرتديها أغلب المشاركين.
14- لم تحدث طيلة أيام المراسيم، وفي كل المدن والطرق التي تواجد فيها المشاركون العشرين مليون؛ أية حوادث أدت الى اصابات، أو مشاجرات أو أعمال عنف أو حوادث مرورية؛ ولو بسيطة. وهي حالة فريدة تاريخياً وجغرافياً على مستوى العالم.
15- تتحمل مدينة كربلاء العبء الأكبر في المراسيم؛ ككل عام؛ فهي المركز التي تتوجه اليها مسيرات المشاة المليونية، وفيها تختتم المراسيم بمشاركة مالايقل عن (15) مليون إنسان في يوم العشرين من صفر. وهي أكبر كتلة بشرية؛ على مستوى العالم؛ تشارك بمناسبة واحدة، في مكان واحد وفي يوم واحد.
16- تتحمل مدينة النجف الأشرف؛ العبء الأكبر في المراسيم بعد كربلاء؛ كونها المدينة المؤسِسة لمراسيم مسيرة المشاة الأربعينية في التاريخ الحديث، وكذلك بحكم موقعها الجغرافي. ويتحمل النجف المسؤولية التاريخية في حماية الإنتفاضة معنوياً ومادياً. وقدر حجم إنفاق أهالي النجف على هذه المراسيم لهذا العام مايقرب من (100) مليون دولار؛ أي حوالي 20 بالمائة من مجموع ماينفق على جميع المراسيم، وكلها تبرعات من الأهالي. فضلا عن أن معظم سكان مدينة النجف يتفرغ لإحياء هذه المراسيم لمدة تتراوح من 5 الى 15 يوماً متواصلة، وتكان تخلو المدينة من سكانها المليون ونصف المليون نسمة خلال الأيام الأربعة الأخيرة من المراسيم.
17- مجموع ما أنفقه الأهالي على جميع المراسيم هذا العام؛ وبدوافع ذاتية محضة؛ بلغ حوالي (500) مليون دولار. وتراوح حجم تبرعات الأفراد بين 250 دينار عراقي (20 سنت أمريكي) و 650 مليون دينار عراقي (500 ألف دولار أمريكي).
18- المشاركون في المراسيم، وكذا المتبرعين بأموالهم ووقتهم وممتلكاتهم؛ يتحركون بدوافع ذاتية، لادخل فيها لدولة أو حكومة أو تنظيم أو مرجعية
سياسية أو دينية، ولا علاقة لها بقرارات سياسية أو اجتماعية أو فتاوى؛ بل ترتكز هذه الدوافع على قاسم مشترك؛ هو الإيمان بقضية الإمام الحسين وذكراه، وأنها جديرة بأن تُحيى وتستمر.
19- في هذه المراسيم تقوم الدولة العراقية من خلال الجيش والشرطة والإدارات المحلية والمؤسسات الصحية والخدمية؛ الى جانب قوات الحشد الشعبي ومنظمات المجتمع المدني؛ بتأمين الجانب الأمني للمراسيم، وجزء من الجانب الخدمي واللوجستي، وتنظيم حركة المرور والنقل.
20- منحت السفارات والقنصليات العراقية في كل أنحاء العالم ما يقرب من ثلاثة ملايين فيزة خلال شهر واحد تقريباً؛ أي مامعدله (130) ألف فيزة يومياً. وتتحمل سفارة العراق وقنصلياته الخمس في ايران العبء الأكبر في هذا المجال؛ إذ منح هذا العام أكثر من مليوني فيزة خلال شهر واحد؛ أي (100) ألف فيزة يومياً، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ الدبلوماسية العالمية. وتعقبها في العدد؛ سفارات وقنصليات العراق في لبنان وتركيا وباكستان وافغانستان والهند واذربيجان.