الكاتب: حـسـن رفعت الموسوي
لم يفجر الاِمام الحسين بن علي بن أبي طالب (سلام الله عليهما)، نهضته الرائدة العملاقة أشراً ولا بطراً، ولا ظالماً، ولا مفسداً وإنّما أراد تغيير الواقع المرير الذي كانت تعيشه الاَمة من جرّاء الحكم الاَموي المنحرف عن جميع القيم والمبادئ والاحكام الاسلامية. ذلك النظام الاموي الفاسد المتمثل بحكم يزيد بن معاوية الذي أحال حياة الناس إلى جحيم لا يطاق، فقد عجّت البلاد الاِسلامية بجميع صنوف الجور والاِرهاب. اليوم نكتب عن صاحب النهضة الاسلامية، الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب، هذا الإمام الثائر على الظلم و الطغيان دون طلب للسلطة أم مغنم دنيوي أو بحث عن مجد شخصي وانما طلب إصلاح أمة جده التي انحرفت عن جادة الحق بسبب انحراف الخلافة. النهضة الحسينية هي نهضة إنسانية كبرى بكل أبعادها حدثت في عصر معين لكن إشعاعاتها وقيمها ومحتواها الإنساني الكبير يشع على كل أمم الأرض مادام الظلم والاضطهاد قائمان في هذا العالم.
يصورون للناس (حسب القراءة السلطانية البتراء) أن ثورة الأمام الحسين ع هي خروج على ولي الأمر الذي هو يزيد رمز الانحراف والفساد في التأريخ الإسلامي وهذا هو البلاء الأعظم. أن أمثال هؤلاء قد أعمى الله بصرهم وبصيرتهم وراحوا يتخبطون في أفكارهم السقيمة بشكل لا يقره عقل ولا منطق. الحقيقة التاريخية ناصعه كقرص الشمس. لقد قال الأمام الحسين عليه السلام في تلك النهضة المباركة:(لم أخرج بطرا ولا أشرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لأحيي دين جدي رسول الله (ص) أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر.) لقد أراد الأمام الحسين (ع) أن يرفع بدمه ودم أولاده وأخوته وأصحابه علما للهداية ومنارا لكل من ينشد الإصلاح ويرفض الفساد والظلم.
بينما يصور البعض الاخر نهضة الامام الحسين و حسب قراءتهم (الطقسية) ان النهضة الحسينية و مبادئها تغتزل في بعض الطقوس و الشعائر فقط وهذه من سبل تحريف النهضة الحسينية و اخراجها عن مسارها الصحيح. هؤلاء يريدون تخريب ما قام به الحسين عليه السلام ويريدون قتله مرة اخرى ولكن ليس بعنوان أموي او سفياني او اتباع يزيد وانما بمن هم من شيعته بعد ان ضحكت عليهم الماكينة الاعلامية التكفيرية والوهابية لتحرفهم عن تلك الخطوط العامة لنهضة الشموخ. ان هذا المسار المرسوم للتغير والتحول، ليس إلا امتداد عقود طويلة جدا من العمل الدؤوب لأعداء الخط الحسيني محاولا رويدا رويدا تحريف هذه النهضة المباركة. لم يكن الحسين ع قد اعطى وبذل كل ذلك من اجل هذه الحفنة من الخرافيين ليمزقوا ثورته على الظلم والفساد، فثورة الحسين تصحيحية للإسلام الذي خطفه ابناء أمية ومن تبعهم من ابن العاص وغيره في سبيل عوجه و تحريفه. ان القراءة الصحيحة لنهضة الامام الحسين هي قراءة ثقافة الصمود، وثقافة الإباء، وثقافة النصر، وثقافة العطاء، وثقافة القوة، وثقافة التحدّي. القراءة الحقيقية التي تستنطق عنوانه ووظيفته كإنسان وإمام وقائد، و نهجه النهضوي الإصلاحي الثوري الذي هو امتداد لنهج الإسلام الأصيل الذي أسسه رسول الله ومن بعده أمير المؤمنين علي و الإمام الحسن؛ بوصفه خليفة رسول الله الثالث. وفي الختام يجب على علماء الامة وبالذات المراجع الكبار التصدي لتلك الانحرافات لأنها تلك ستكون امرا واقعا بعد سنين قليلة وهذا ليس بعيدا وسيضر كثيرا بأهداف الثورة وعلى خطباء المنبر ان يرتقوا الى مراتب فكر هذه الثورة وان يلتزموا بتوصيات المرجعية حيث وضعت خارطة طريق ثقافية في محرم الذي نعيشه اليوم تبدأ من تنوع الاطروحات والابتعاد عن ذكر الخرافات والمهارة في طرح النصوص والاهتمام بالقضايا الاجتماعية.