هادي جلو مرعي
تابعت جمال خاشقجي في حواراته، وأثناء حضوره لندوات سياسية تمارس ضغطا إعلاميا وسياسيا وتأثيرا مزدوجا مع صعود نجم الأمير محمد بن سلمان الذي لم يعد من شك في أنه الملك المقبل الذي يقود حملة إصلاحات بدأت برجال دين متشددين رفضوها، وإنتقدوا الإجراءات التي إقترنت بها، والحقيقة إن العديد من المواطنين والمثقفين وأوساط سياسية سعودية لم تكن مرتاحة لسلوك بعض الشخصيات الدعوية التي مارست دورا غير مرغوب فيه، ومن شأنه تعطيل حركة الإصلاحات تلك.
الصحفي جمال خاشقجي الذي يقيم في الولايات المتحدة الأمريكية والذي إختفى أثناء وجوده في تركيا سيشغل الرأي العام الدولي لفترة طويلة بعد أن تداخلت قضيته مع جملة مشاكل تعصف بالشرق الأوسط فهو سعودي إختفى في دولة تواجه أزمة مع المملكة، ولها تحالفات مع دول على خلاف مع الرياض كإيران وقطر، إضافة الى وجوده في واشنطن كمقيم، وقد وصل الى إستنبول التي تعود التنقل بينها والعاصمة الأمريكية لتمضية معاملة رسمية للزواج من خطيبته التركية خديجة، وهو من عائلة معروفة في المملكة، إضافة الى عمله كمستشار لشخصيات بارزة من العائلة الملكية، ورئيسا لتحرير صحيفة الوطن، لكنه إختفى مطلع إكتوبر 2018 بعد دخوله القنصلية السعودية، وأبلغت الخطيبة السلطات عن غيابه المقلق.
أول الأمر قيل: إن خاشقجي ضحية لجريمة سياسية بعد أن عثر على جثته مقطعة في أحد أحياء إستنبول، لكن تصريحات مسؤولين أتراك، ومنهم الرئيس رجب طيب أوردوغان توحي بأمر ما، وكأن خاشقجي مايزال حيا، ولم يقتل، ثم إعلان السفير السعودي في واشنطن الأمير خالد بن سلمان عن إن كل تلك الإدعاءات باطلة، وإن قصة خطف، أو قتل خاشقجي غير صحيحة، وإن الصحفي السعودي كان يتواصل معه، وهو صديق له، وإنه كان يراجع السفارة السعودية في واشنطن، منوها الى إن إدعاءات علاقة المملكة بخطف وقتل خاشقجي لها مبررات عديدة يمكن فهمها من خلال حديث الأمير خالد:
وشدد الأمير خالد بن سلمان على أن الإشاعات التي أفادت باختفائه في القنصلية أو خطفه من قبل المملكة أو قتله «زائفة»، قائلاً: «أعرف أن الكثيرين هنا في واشنطن والعالم قلقون حول مصيره، لكنني أؤكد لكم أن التقارير كافة التي أشارت إلى أن جمال خاشقجي اختفى في القنصلية في اسطنبول، أو أن سلطات المملكة احتجزته أو قتلته زائفة تماماً ولا أساس لها من الصحة»، لافتاً إلى أن أولى التقارير التي صدرت من تركيا أشارت إلى أنه «خرج من القنصلية ثم اختفى». لكن بعد فترة وجيزة، وعندما أصبحت السلطات المختصة في المملكة معنية في التحقيق في القضية، تغيرت الاتهامات، لتصبح أنه «اختفى داخل القنصلية»، ثم بعد السماح للسلطات التركية ووسائل الإعلام بتفتيش مبنى القنصلية بكامله، تغيرت الاتهامات مجدداً إلى الادعاء الفاضح بأنه «قتل في القنصلية، خلال ساعات العمل»، ومع وجود عشرات الموظفين والزوار في المبنى، مضيفاً: «لا أعرف من يقف وراء هذه الادعاءات، أو نواياهم، ولا يهمني صراحة.
هل خطف خاشقجي، أم قتل، ومن فعل ذلك ومن المستفيد، وهل يمكن إثبات التهمة على الرياض أم تبرأتها؟