- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الحد الادنى من الانسجام الحكومي
عباس الصباغ
اثار الماراثون حامي الوطيس والذي سبق تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وما رافقه من تصعيد اعلامي وتراشق سياسي وتلاسن كتلوي، قلقَ وهاجس المواطن العادي من ان المرحلة المقبلة ستكون حبلى بالمفاجآت غير السارة وملأى بمناكفات سياسية وانسدادات لها اول وليس لها اخر بسبب عدم التوافق في الآراء واستمرار الاصطراعات السياسية والتشرذم بين فرقاء لم يتفقوا يوما ما على اي هامش سياسي، والجميع يعلم ان امام الحكومة المرتقبة ـ في حال تشكيلها ـ عدة مهام عسيرة وخطيرة ستواجهها حتما وضمن برنامج عملها الذي سيستمر لأربع سنوات مقبلة، ومن المؤكد ان الطريق لن يكون امامها مفروشا بالزهور فما زال الكثير من الملفات العالقة امام هذه الحكومة والمرحّلة من الحكومة المنتهية ولايتها والتي شهدت اعتى غزو ارهابي في التاريخ فيكون على الحكومة المرتقبة ان تعالج اثار ذلك الغزو واستكمال متطلبات مرحلة مابعد داعش واستحقاقاتها لقطع الطريق امام داعش ومن يقف خلفه دون العودة مرة اخرى الى تلك المناطق وغيرها بل وغلق ملف الارهاب نهائيا من العراق، وفي بداية مشوارها ستصطدم بمسالة استراتيجية وعاجلة وهي اقرار الموازنة الاتحادية العامة للعام المقبل، وهي اساس ادامة عجلة الاقتصاد العراقي الذي يرتبط به المستوى المعيشي للمواطنين وديمومة حياتهم، ومن جملة المهام توفير الحد الادنى من الحلول لمعظم المشاكل المستعصية والمزمنة التي كان يعاني منها المواطن البسيط ومايزال، وهي ذات المشاكل التي ادت الى احتقان وانفجار الشارع في البصرة وغيرها من المدن، وما رافق ذلك من احداث مؤسفة استدعت التدخل الحكومي العاجل وعلى ارفع المستويات لوضع معالجات فورية وناجعة لها, ومن المهام العسيرة الملقاة على هذه الحكومة ملف المياه وتثبيت حصة العراق المائية إما بالاتفاق مع دول الجوار (المنبع)عن طريق عقد اتفاقيات ثنائية ملزمة او اللجوء الى المنظمات الدولية المختصة بهذا الشأن، لتفادي الجفاف الذي ضرب معظم الاراضي العراقية خاصة محافظات الوسط والجنوب ما اثر على مجمل نواحي الحياة فيها.
ومن المشاكل المستعصية التي يعاني منها الشارع العراقي هي مشكلة البطالة التي اصبحت هماً يؤرق جميع الشباب الخريجين ويتطلب ذلك اجراءين الاول زيادة الواردات الداخلة في الموازنة الاتحادية العامة وتنويع تلك الواردات لكسر احتكار الجانب النفطي للاقتصاد الريعي الذي اعتمد منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة بشكل شبه كلي على برميل النفط كأساس لتغذية الدخل القومي العراقي، وليتسنى فسح المجال لاطلاق التعيينات بعد توفر الاموال الكافية لذلك، والاجراء الثاني هو مناشدة صندوق النقد الدولي لاطلاق تلك التعيينات كونه اشترط على العراق ايقاف التعيينات لمدة محددة كاحتراز اقتصادي مؤقت للازمة المالية التي عانى منها العراق منذ 2014 بسبب تذبذب اسعار النفط وهبوطها عن المعدل العام المقرر للموازنة، وتزامن ذلك مع الغزو الداعشي فكان يستوجب على الحكومة العراقية ان تقاتل في اكثر من خندق لتعبر ازمتين في وقت واحد وقد نجحت في ذلك ايما نجاح.
ويجب ان تصبّ الجهود الحكومية المقبلة في سبيل عدم تكرار اي احتقان للشارع العراقي بتلبية الحد الادنى من مطالب الشارع، ولان ذلك سيؤدي الى انشغال الجهد الحكومي بها في وقت يحتاج قطاع الامن الى تلك الجهود وعدم ترك اية ثغرة امنية ينفذ منها المخربون ومن يتصيد بالماء العكر ويسبب الاذى للناس العزل، فمازال المواطن العراقي البسيط يحلم بحياة كريمة امنة له ولعائلته، وهذا هو الحد الادنى من اية مهام تلقى على اية حكومة تتصدى للواقع المعاش في العالم، ويتضاعف الامر على الحكومة العراقية المرتقبة والتي عليها ان تتحرر من شرنقة المحاصصة والصيغة التوافقية / التشاركية والتي كانت سببا للخراب والفساد الذي ادى الى ان يفقد المواطن صبره وتخرج الامور عن مسارها الطبيعي كما حدث في البصرة الفيحاء.
ولتبديد اجواء عدم الثقة والقلق المتزايد يجب على الكابينة الحكومية القادمة ان تتخطى اسباب الفشل والاخفاق والتعثر في الاداء الحكومي السابق وتتجاوز كل القوالب الجاهزة التي كانت الحكومات السابقة تتموضع فيها، ويجب ايضا ان تتحلى بحد مقبول من الانسجام الحكومي، انسجام تراعى فيه المصلحة العامة للبلد وليس انسجاما ارضائيا وتوافقيا بل انسجام وطني يلبي طموحات المواطن البسيط واستحقاقاته وهذا هو اضعف الايمان.
أقرأ ايضاً
- اهمية ربط خطوط سكك الحديد العراقية مع دول المنطقة
- في طوفان الأقصى.. الحديث للميدان فقط
- الحدود العراقية الكويتية بين المطلاع والعبدلي..(وهب الأمير ما لا يملك)