عباس الصباغ
وهو سؤال يجيب عنه الحسين نفسه في صبيحة عاشوراء ويربط الاجابة مباشرة بالله اي بالمشيئة الالهية حين جمع اصحابه وصلى بهم صلاة الصبح..صبح عاشوراء ثم صفهم للحرب على قلة عددهم وتباين مستوياتهم واعمارهم ومشاربهم ولكن يجمعهم هدف واحد هو الاستشهاد في سبيل الله عن طريق الحسين الذي منحهم هذه الفرصة الثمينة التي لاتكافئها فرصة ثانية، وقال لهم بعد ان حشدهم: ان الله قد اذن اليوم في قتلكم وقتلي فاعطاهم تاشيرة العبور نحو الفوز بالشهادة وهي التي كان المعصوم بنفسه وعلى جلالة قدره يتمنى ان يكون مع هؤلاء المحظوظين الذين سيرافقون سيد شباب اهل الجنة في درجته وهذا الاذن قد اتى من الله مباشرة عن طريق امر المعصوم الذي هو الحسين في وقته وهذا الاذن يرتبط باذن مباشر اخر حين قال الحسين لام المؤمنين ام سلمة (رض) لقد شاء الله ان يراني قتيلا فمن اين اخذ الحسين هذا الاذن بالشهادة؟والجواب كلا الاذنين متعلق بالعصمة وبالولاية التكوينية والتشريعية للمعصوم وحجيته البالغة على جميع الوجود وهو ما يؤهله لكي يكون محدَّثا والتحديث هو مرتبة ثانية بعد الوحي والالهام ولابد للنبي من وحي ولابد من للامام من تحديث يقوم به مُحدِّث فالإيحاء والتحديث صفتان متلازمتان للمعصوم سواء أكان نبيا أم إماما والا فلا حجية لهما على الخلق باعتبارهما واسطة بين السماء وبين العباد، والوحي والتحديث واسطة مابين السماء والمعصوم وهذان الاذنان لم يكونا شخصيين او عملية انتحارية كما يقول البعض او سوء تخطيط بل اذن مسبق من النبي (ص) بدلالة ما لا يحصى من الاشارة الى كربلاء والطف وعاشوراء ومقتل الحسين في كتب الفريقين ما يغني عن البحث عن اذن اخر ومن اية جهة اخرى ومع هذا فان الحسين اثبت معصوميته بنقله الامر الالهي ـ في صبيحة عاشوراء ـ بصورة مباشرة عن الله تعالى ان الله قد اذن اليوم في قتلكم وقتلي وان لم يكن معصوما لم يقل هذا الكلام بل لقال كلاما اخر تنقصه الحجية والارتباط المباشر بالسماء مثل اني اذنت لكم في القتال وقاتلوا في سبيل الله والمبادئ او الوطن وغير ذلك اما ان الله قد اذن اليوم في قتلكم وقتلي فلم يقلها احد غير الحسين ومن المؤكد لو ان معصوما آخر كان في مكانه لقال الكلام نفسه فالحجية واحدة والظروف مختلفة، وعند الاستنتاج والاستقراء لمفهومية وعلية الإشارة المباشرة عن الله: شاء الله ان يراني قتيلا وان الله قد أذن اليوم في قتلكم وقتلي نجد ان عاشوراء تكشف عن نفسها بنفسها للبيب العاقل فالمشيئة الإلهية في رؤيته سبحانه وتعالى للحسين قتيلا هي التي اعطت الحسين الاذن بالقتال وينقلها الحسين بنفسه بدون واسطة فلم يتلق الامر سوى من الله مباشرة وبدون واسطة سوى المحدث وتذكر بعض المصادر ان الإذن جاء مباشرة من الله كما جاء عن النبي(ص) حين امر الحسين من قبره بالخروج الى كربلاء وهذا يدل على اتصال الرسالة المحمدية بالإمامة اي ان الرسالة لاتفترق عن الإمامة حتى في عالم البرزخ فحجية المعصوم تبقى حتى بعد وفاته كما تبقى الموالاة لشخصه حيا كان ام ميتا فعاشوراء لمن يسال لماذا عاشوراء..ان عاشوراء درس مهم من دروس الامامة الثابتة بالعصمة والحجية المطلقة بدليل ان الله قد اذن اليوم في قتلكم وقتلي فقدم شهادة الاهل الاصحاب على شهادة نفسه المقدسة فكان الامر كما قال وتحقق ظرف (اليوم) تحققا فعليا فوقعت المعركة في موعدها المحتوم في العاشر من المحرم ولم تقع في يوم اخر او تؤجل الى موعد ثانٍ وهذا ليس تنبؤا بل تنفيذ للامر الالهي بحذافير وهذا دليل اخر على ان المعصوم لاينطق عن الهوى فهو اما ان يكون نبيا يوحى اليه او اماما يُحدَّث تحديثا وهو تفسير شاء الله ان يراني قتيلا فلا يعرف هذه المشيئة سوى المعصوم الذي هو الحسين والا كيف يستطيع الانسان ان يعرف المشيئة الالهية وهو لايعرف حتى نفسه،فتكون عاشوراء تطبيقا عمليا للنبوة والإمامة على صعيد واحد وهو جواب لمن يسال لماذا عاشوراء؟.
أقرأ ايضاً
- لماذا ترتفع درجات الحرارة في العراق؟
- لماذا أدعو إلى إصلاح التعليم العالي؟ ..اصلاح التعليم العالي الطريق السليم لاصلاح الدولة
- لماذا أتذكر الجعفري؟!