- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
البصرة .. يد تسقي العطاشى وأخرى تحرق الخيام
حسين فرحان
ليس من أخلاق أبناء البصرة الكرام أن لايمتثلوا لنداء المرجعية الدينية العليا وهي تدعوهم للتظاهر السلمي وليس من الصعب عليهم ولا بالأمر المستحيل أن يضبطوا انفعالاتهم وهم من شهدت لهم سوح الوغى بالبطولات والتضحيات والتسليم التام لفتوى الجهاد الكفائي حتى نالوا المرتبة الاولى فيما قدموه من شهداء وجرحى في سبيل تحرير بقاع من أرض العراق لاتحد أرض محافظتهم معها حدود ادارية فالبصرة في أقصى الجنوب ودماء أبنائها اريقت في اقصى الشمال واقصى الغرب من هذه البلاد.
البصرة شكت عطشها وملوحة ماءها وتظاهرت مطالبة بمشاكل خدمية قصرت الحكومات المتعاقبة في تقديمها لهم بما يتناسب وابسط الاستحقاقات المعيشية فانتفض ابناؤها محتجين معترضين يطالبون بحقوقهم لتتضامن معهم المرجعية العليا وتضع مطالبهم على طاولة المسؤول محذرة إياه من مغبة التجاهل او التغاضي عنها.
لكنها في نفس الوقت طالبت أبنائها بخطاب أبوي حكيم وبلغة الرجاء في خطبة الجمعة في ١٣ تموز ٢٠١٨ فقالت: (
يرجى من المواطنين الكرام أن لا تبلغ بهم النقمة من سوء الاوضاع إتّباع اساليب غير سلمية وحضارية في التعبير عن احتجاجاتهم وان لا يسمحوا للبعض من غير المنضبطين او ذوي الاغراض الخاصة بالتعدي على مؤسسات الدولة والأموال العامة او الشركات العاملة بالتعاقد مع الحكومة العراقية ولا سيما ان كل ضرر يصيبها فإنه سيعوض من أموال الشعب نفسه.).
هنا علينا أن ننظر الى أحداث البصرة من زاوية أخرى غير الزاوية التي تنظر منها وسائل الاعلام المتلقفة لانباء الدم والحريق والخراب والفوضى.
فالبصرة التي تعد ثاني أكبر مدن العراق من حيث تعدادها السكاني عرفت بولائها المطلق للمرجعية الدينية العليا فيجب أن يؤخذ هذا الامر بنظر الاعتبار حتى لاتعد حوادث التعدي على مؤسسات الدولة السمة الغالبة على المشهد الغاضب وحتى لايعد الامر تمردا على وصايا المرجعية الدينية وكما تشتهيه بعض النفوس المريضة التي بدأت بالتهجم على المرجعية في هذه التوقيتات بالذات.
ويجب أن نأخذ بنظر الاعتبار ايضا أن هنالك تحركا مباركا يمثل سماحة السيد المرجع قد توجه الى البصرة وهو يحمل معه حلولا كبيرة لمشكلة المياه الصالحة للشرب فها هو السيد أحمد الصافي يعلن أنه مبعوث من قبل السيد المرجع دام ظله بهذا الخصوص وقد تم بأشرافه المباشر ايصال الماء الصالح للشرب لاحياء كثيرة من البصرة وفي زمن قياسي دون أن تكلف الفضائيات نفسها تغطية الحدث المهم أو تنقل للناس حقيقة دور المرجعية فيه.
فبينما كانت يد المرجعية الدينية منهمكة في سقاية العطش البصري كانت التظاهرات تتجه نحو العنف بشكل غريب.. أنباء عن مواجهات وسقوط ضحايا من المتظاهرين والقوات الامنية ثم حرق مبنى المحافظة ثم حرق مقرات لبعض الاحزاب واحداث أخرى لو عرضناها على توجيهات المرجعية سوف نراها مخالفة تماما لمنهجها وتوصياتها خصوصا مع ورود أنباء عن وجود أياد خفية تعمل بسريةتامة لادخال الشارع البصري والعراقي عموما في دوامة العنف ولا يستبعد أن يكون هؤلاء من جهات معادية او جاهلة وصفتهم المرجعية (بغير المنضبطين او ذوي الاغراض الخاصة) وما يهمنا هو هؤلاء الذين لديهم اغراض خاصة فالاغراض الخاصة لا تخرج عن أطار (بقايا البعث، داعش، الاحزاب المنتفعة من الفوضى، الجهات المتنفذة، جهات الارتباطات والاجندات الخارجية والصراعات الاقليمية) هؤلاء هم اليد التي تحرق الخيام في مواجهة اليد التي تسقي العطاشى وتريد الخير لابناء هذا البلد وإلا فأهل البصرة أوفياء لمرجعيتهم ومن اعطى ابناءه شهداء امتثالا لفتواها لن يعصي أمرها في حفظ الدماء والمال العام.