- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
من المسؤول عن حل الأزمات، البصرة أنموذجاً.. المرجعية؟ أم الساسة؟
بقلم:ابو تراب مولاي
لم تكن الأزمات الخدميّة والسياسيّة والأمنيّة في البلاد بالشيء الجديد!!
بل قد تعوّدنا على أن نعيش الأزمات.. وقد جرت العادة أن لا يكون هناك حلٌ لها من ذوي الشأن والمسؤولين الحكوميين عن تلك الملفات!
وكثيراً ما تتدخّل المرجعيّة لاحتواء الموقف – بعد أن تيأس من السادة المسؤولين! – انحيازاً للمواطنين وخشيةً على البلاد!
فحين شعرت بالخطر الأمني الداعشي يهدّد العباد والبلاد – مع العجز الحكومي العسكري لمواجهة العدو – وأنّ الدولة قد انهارت أمام سيل الإرهاب العارم، تقابله هزائم نكراء من قِبَل قادة العسكر، واجهت هذا التهديد بفتوى الدفاع المقدس، بتأريخ ١٣ حزيران ٢٠١٤ م.. ولم تكتفِ بالفتوى بل تابعت ودعمت بمئات الملايين من الأموال لتلبية ما تيسّر من احتياجات المقاتلين الأبطال إلى أن تحقّق النصر بمعونة الله تعالى..
وحين رأت أنّ الدولة عاجزة – بسوء اختيارٍ من المسؤولين – عن احتواء مشكلة اليُتم في العراق، أمرت بإنشاء مؤسسة العين لترعى الأيتام وتحميهم من الضياع والحرمان، وذلك في ١٣ كانون الثاني ٢٠٠٦ م.
وحين أصبحت البلاد على صيحات التقسيم والتفتيت الكردية – وبغداد لا حول لها ولا قوّة – أصدرت بياناً هاماً يحمل تحذيراتٍ من مغبّة اتخاذ هكذا مواقف من قبل القيادة الكردية، ذلك ما عزّز موقف بغداد باتجاه الرفض القاطع للتقسيم، وكان ذلك يوم الجمعة ٢٩ أيلول ٢٠١٧ م على لسان ممثلها سماحة السيد الصافي.
ولو أردنا أنْ نذكر المواقف المرجعية مسهبين.. لاحتجنا إلى تصنيف مجلداتٍ لذلك..
ومع الغض عن خشية المرجعية على البلاد والعباد، هنا يأتي سؤال:
من المسؤول – عن حلّ تلك الأزمات سابقاً ومستقبلاً – شرعاً وقانوناً ؟
الجواب:
أمّا شرعاً …
فحال الفقيه لا يخلو …
أ – إما أن يكون هو الحاكم (بولاية الفقيه)..
ب – وإما أن لا يكون هو الحاكم (دولة مدنيّة – ليست دينية – كالتي تحكم العراق الآن).
فلو كان الفقيه هو الحاكم (بولاية الفقيه) وهو الرجل التنفيذي الأول … فهو المسؤول عن حلّ كل تلك الأزمات – بالممكن – من خلال إعمال ولايته الشرعية.
وإنْ لم يكن هو الحاكم، والحاكم هو شخص جاء من خلال ممارسة ديموقراطية اسمها الانتخابات، والدولة ليست دينيّة بل الحكم للقانون الوضعي المشرّع تحت قبّة البرلمان.. فالمسؤول شرعاً – حينئذٍ – هو الحاكم المدني الذي جاء عبر الانتخابات الشعبيّة (مهما كانت درجة نزاهتها)، وليس على الفقيه أي مسؤولية شرعية – كونه غير مبسوط اليد شرعاً – على أنّ الذين يلقون باللوم على المرجعية لا يرتضون ولايةً للفقيه! ولا يمكن إقامتها في العراق لعدّة أسباب ليس محلّ شرحها هنا.. وفي الحِسبةِ كلامٌ لا يسعه المقام، حيث لا تشمل حل أزمات الحكم والدولة.
وأمّا قانوناً …
فإنّ المسؤولية الملقاة على الفرد، يجب أن تتناسب مع صلاحياته التي منحها له القانون.
وحيثُ إنّ القانون العراقي لم يمنح الفقيه أي صلاحيات تشريعية أو تنفيذية – إلا حق ترشيح رئيس دوان الوقف الشيعي، وذلك في المادة ٤ ثانياً من قانون ديوان الوقف الشيعي المرقّم ٥٧ المشرّع في ١٥. كانون الأول لعام ٢٠١٢ م.. والعتبات والمزارات المقدّسة وذلك في الباب ١ المادة ٤ من قانون إدارة العتبات المقدسة والمزارات الشيعية الشريفة المرقّم ١٩ لسنة ٢٠٠٥ م – فليس هناك أي مسؤولية قانونية تقع على عاتق الفقيه لحل تلك الأزمات المرتبطة بإدارة الحكم والدولة.
إذن ما الذي يجعل المرجع يتدخّل في كثيرٍ من الأحيان لتدارك الأمور ؟!
والجواب:
إنّ المرجع – دام ظله – كثيراً ما لا يتحرّك بداعي المسؤولية الواجبة فقط … بل يتحرّك – في كثيرٍ من الأحيان – بداعي الحرص والرحمة والشفقة والأبوّة … تلك الرحمة والشفقة التي ورثها من جدّه النبي (ص) “عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ” ١٢٨ التوبة..
لذلك بعث سفيره وثقتَه العالم الجليل سماحة السيد أحمد الصافي ليقف مع أهله في البصرة الحبيبة ليفعل ما يستطيع ليروي أهلها العطشى..
وإنّه لاختيارٌ موفّق.. حيث ابتعث خامَ العبّاس (ع) لمهمةٍ يحبُها العباس …!
وإلا فالمسؤول عن أزمة البصرة الخدميّة هم ساسة البلاد الذين تنعّموا بالمغنَم فعليهم المغرَم، وكلٌ حسب موقعه ومسؤوليته.
وبعد كل هذا البيان ليتّقِ الله تعالى مَن يرمي باللائمة في كل نكسةٍ على المرجعية الدينية، فإنّ ذلك لا ينسجم مع وظيفتها الشرعية أو القانونيّة.
ولا حول ولا قوّة إلا بالله العلي العظيم.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة