طالب عباس الظاهر
الغضبُ في أبسط وصف له هو هياج عاطفي عارم، يصاحبه شدّ أعصاب الإنسان فيصاب بالتوتر الشديد، وقد يؤدي الغضب بالإنسان أحياناً الى فقدان توازنه النفسي فيتلفظ بألفاظ غير لائقة هو ذاته في لحظات هدوء لا يرضى عليها، أو ربما يؤدي به الى التصرف تصرفاً عصبياً دون اتزان.. نتيجة وقوعه تحت تأثير الانفعال العاطفي الشديد، وقد توصله في حالات التأثر القصوى الى حد الإجرام، وفي كلتا الحالتين يعقبهما الندم على مثل هذا التصرف المتهور أو القول غير اللائق.
وطبعا للغضب على الغاضب آثار نفسية وجسدية تؤثر على صحة الشخص ذاته قبل الآخرين، ناهيك عن أخطارها على الآخرين كأفراد أسرته أو على المجتمع عموماً.
إن الغضب يمثل حالة من حالات عديدة أودعها الله تعالى في ذات الإنسان وكما الانسان في طبيعته ان يجوع ويعطش، فهو يغضب ويهدأ، كذلك الغضب كالشهوات وكالغرائز والعواطف.. من فرح وحزن وألم ويأس وتفاؤل..... الخ.
سلب وايجاب
طبعاً مثلما للغضب مساوئ وهي كثيرة جدا.. سواء على المستوى النفسي أو الفردي أو الاجتماعي.. في حالة أن يكون الإنسان مثلا سريع الغضب، ودائم الانفعال، بمعنى يغضب ولأتفه الأسباب مما لا يستوجب في حقيقة الأمر لمثل هذا الانفعال، ومن دون أن يحكّم عقله فيما يغضب من أجله أو عليه.. أي إنه يغضب بسبب تافه، وربما من دون سبب معقول أحياناً، فهو بهذا الخلق وهذا التصرف وهذا الغضب.. إنما يسيء لنفسه أولاً وللآخرين ثانياً.
أقول، مثلما هناك جانب سلبي للغضب وهو ما ذكرته اعلاه؛ هناك بالمقابل جانب ايجابي مشروع في حالة أن يغضب الإنسان دفاعاً عن عقيدته ووطنه وعن مقدساته، ودفاعاً عن نفسه وأهله وعرضه.
وفي حالات معينة أخرى قد يكون عدم الغضب هو ما يلام الإنسان عليه، ويؤاخذ به كموقف متخاذل، وليس الغضب كما هو متعارف عليه في أغلب الحالات.. وهي حالات ترجيح المنفعة الشخصية على المنفعة العامة؛ بمعنى أدق يغضب فقط حينما تكون مصلحته الشخصية (منافعه) في خطر، ويكون كالمتفرج حينما يجري مثل هذا الغبن والظلم على حقوق ومنافع ومصالح أقرب الناس اليه من الآخرين، أو التعامل بلا مبالاة وعدم الشعور بالمسؤولية مع قضايا تهمّ مصالح البلد، وتمسّ المجتمع مادامت لا تؤثر عليه بشكل مباشر.
أخطر غضب
قد يؤدي غضب شخص ما، من الأشخاص الى بعض المخاطر على نفسه وأسرته، وهي مهما تكن ستبقى محدودة الأثر، لأن وقعها سيكون ذا تأثير على بعض الأشخاص وبعض الأمور، أما أن يكون واقعاً تحت تأثير حالة الغضب من يتصدى للقيادة وهو يتخذ قرار المواجهة والنزاع والصراع الدموي، أو لمن يملك كلمة مؤثرة على من معه من مريدين أو أتباع؛ فتلك حتماً ستجرّ الكوارث والمأساة، ليس على جهة دون أخرى.. بل على طرفي النزاع، وحتماً ستخلف الكثير من المآسي والآلام، حينما يكون النزاع نزاعاً عشائرياً مسلحاً مثلاً.
هنا على وجه الخصوص يتطلب من الشخص المتصدي للأمر مهما كان موقعه ومنصبه ومنزلته.. يتطلب منه بذل الكثير من الجهد من أجل الهدوء وعدم التسرع والانسياق خلف فورة غضبه المحتدمة.. بل الروّية في عدم اتخاذ قرار المواجهة مع الآخرين مهما تكن الأسباب، لأن الغضب لن يؤثر عليه كشخص فقط.. بل يتعداه الى مصائر آخرين.. إذ تترمل به نساء، وتتيتم على إثره أطفال، ويخلف مثل هذا القرار عبر الزمن الكثير من المآسي والآلام.
هناك العديد من الروايات الشرعية تحذّر من اتخاذ القرار في حالة إن الإنسان واقع تأثير غضبه، نعم عليه أولاً أن يهدأ، لأن الذي يغضب يرى الأمور بمنظار وزاوية حادة.. أكيد حينما يهدأ سيراها بمنظار آخر وزاوية أخرى.