- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فاطمة الزهراء(عليها السلام) النور الإلهي / ج 1
بقلم: عبود مزهر الكرخي
من المعلوم أن الله جميل يحب الجمال وهو له الحسن والكمال المطلق الذي لا يدانيه أحد في الكون وقد تجلى كماله المطلق وحسنه الأجمل في خلق نبينا الأكرم محمد(ص) وعترته المعصومين الأخيار الأطهار عليهم السلام، والذين كانوا حجج الله على خلقه في الأرض وهم من النسلة الطاهرة لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء وبضعة الرسول المصطفى(ص)وروحه التي بين جنبيه.
فالله جميل ويحب الجمال وقد توضح هذا الجمال الحسن في رسوله وعترته وقد قال الرسول الأعظم(ص){ لو كان الحسن شخصاً لكان فاطمة الزهراء، بل هي أعظم}(1).
" فسيدة نساء العالمين بضعة النبيّ المختار، تجلّى فيها حسن الله وجماله، فازدهرت السماوات والأرض بنور الزهراء البتول، الذي اشتقّ من نور أبيها وبعلها، وهما من نور الله جلّ جلاله.
وإنّ اللسان ليكلّ عن بيان فضائلها ومناقبها، بل لو كانت البحار مداداً والأشجار أقلاماً والجنّ والإنس كتّاباً والسماوات والأرضون أوراقاً ليعدّوا فضائلها ومناقب أبيها وبعلها وبنيها الأطهار عليهم السلام، لما أمكنهم ذلك، فلا يعرف كنهها وحقيقة فضلها إلاّ الله"(2).
وقد ورد عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ــ عند الفريقين السنّة والشيعة ــ: { مّن مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة الجاهلية }(3). وميتة الجاهلية ميتة الكفر والإلحاد.
وقد ورد في الدعاء الشريف: (اللهم عرّفني نفسك فإنّك إن لم تعرّفني نفسك لم أعرف نبيّك، اللهّم عرّفني رسولك فإنّك إن لم تعرّفني رسولك لم أعرف حجّتك، اللّهم عرّفني حجّتك فإنّك إن لم تعرّفني حجّتك ضللت عن ديني)(4).
ولهذا من مات ولم يعرف أمام زمانه فهو مات وضال عن الدين ومات ميتة الجاهلية وأئمة الحقّ من أهل بيت رسول الله هم حجج الله على البرايا والخلائق، وقد ورد في الحديث الشريف: { فاطمة الزهراء حجّة الله على الأئمة عليهم السلام }، ونضيف ما يقاله الأمام الحسن العسكري(ع) حيث يقول { نَحْنُ حُجج الله على خلقه، وجّدتنا فاطمة (عليها السلام)حُجّة الله علينا }(5). ونضيف حيث ورد في الحديث الشريف المأثور عن أهل بيت العصمة عليهم السلام ما نصه « انه ما تكاملت نبوة نبي من الأنبياء حتى أقر بفضلها ومحبتها وهي الصديقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الاولى »(6).
ومن هنا من لم يعرف حق فاطمة الزهراء وانكر حقها وغصب حقها فهو من الضالين وله خزي في الدنيا والآخرة والعذاب الأليم. ولهذا كان التكليف الشرعي المهم لدي الموالين هو معرفة مقام ومنزلة الزهراء العظيمة لدى الله سبحانه وتعالى كما يعرف الله حق معرفته لان من يعرف حق الزهراء فقد عرف الله حق معرفته ولمعرفة حق الزهراء حق معرفته كان في معرفة ليلة القدر والتي فضلها الله على كل الليالي والأيام وجعلها خير من الف شهر.
فاطمة الزهراء وليلة القدر
وقد اقترنت الزهراء ومعرفتها بليلة القدر وهذا ليس ضرب من الخيال او التوقع بل هو حقيقة مؤكدة.
ففي المروي ومسنداً عن الإمام الباقر عليه السلام في تفسير سورة القدر، قال: { إنّ فاطمة هي ليلة القدر، مَن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت فاطمة لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها، ما تكاملت النبوّة حتّى أقر بفضلها ومحبّتها، وهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى }(7).
وعن أبي عبد الله الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: ((إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ))(8) الليلة فاطمة الزهراء والقدر الله، فمن عرف فاطمة حقّ معرفتها فقد أدرك ليلة القدر، وإنّما سمّيت (فاطمة) لأنّ الخلق فطموا عن معرفتها(9). وهنا لدي مداخلة بسيطة حيث ان هذه الاحاديث التي تخص أئمة أهل البيت المعصومين وهم ورثة الأنبياء وعلوم الأرض والسماء ومايقولونه تتفق عليه كل الفرق والجماعة لأنهم القرآن الناطق ومأخوذ من جدهم الرسول المصطفى محمد(ص) وعن طريق أمهم فاطمة وابيهم الأمام أمير المؤمنين وليس كأحاديث العامة من أمثال أبو هريرة وابن حبان وغيرهم وكلها أحاديث مشكوكة والتي اعترف بها علماء السنة بأن في الصحاح الخاصة بهم الكثير من الأحاديث الإسرائيلية والمدسوسة ولا تنطبق مع العقل والمنطق.
ولنرجع الى موضوعنا حيث يقول الباحث السيد عادل العلوي عن هذا الموضوع " وهذا يعني أنّه يمكن للإنسان الذي بعمره الطبيعي أي: ما يقارب الثمانين ونَيِّفاً أن يطوي مراحل الكمال ويسلك طريق الله وصراطه المستقيم، ليصل إلى قمّة الكمال والسعادة، قاب قوسين أو أدنى، يمكنه في ليلة واحدة بنيّة خالصة ومعرفة كاملة، أن يطوي هذا المسير النوراني فيصل إلى قمّة كماله والمقصود من خلقه.
وفاطمة الزهراء عليها السلام ليلة القدر فمن عرفها حقّ المعرفة فقد أدرك ليلة القدر وعظمتها ومقامها الشامخ، إلاّ أنّ الخلق فطموا عن معرفتها ــ كما يفطم الطفل عن ثدي أمّه ــ بل وما تكاملت النبوّة لنبيّ ــ والنبوّة خلاصة التوحيد ــ فما تكاملت إلاّ من أقرّ بفضلها ومحبّتها، وبالأولوية ما دون النبوّة... فما تكاملت الإمامة، وما تكامل العلماء في علومهم، والحكماء في حِكَمهم، والأدباء في آدابهم، والأتقياء في تقواهم، وكلّ كامل في كماله، حتّى يُقرّ بفضلها ويؤمن بمحبّتها، فهي الصدّيقة الكبرى وعلى معرفتها دارت القرون الأولى والأخرى.
وحبّها من الصفات العالية *** عليه دارت القرون الخالية
بأبي فاطم وقد فطمت *** باسمها نار حشرها ولظاها
هي والله كوثر قد أعدت *** لبنيها وكل من والاها
هي عند الإله أعظم خلق *** وبها دار في القرون رحاها
ثمّ هناك تشابه وتقارب كثيران بين فاطمة الزهراء عليها السلام وبين ليلة القدر، التي يفرق فيها كلّ أمر حكيم، وذلك من خلال عدّة أمور كما تبادر ذلك إلى ذهني القاصر والمقصّر، وذلك بلطف من الله وعناية من رسوله وأهل بيته عليهم السلام"(10).
والتي سنستعرض هذه المسألة المهمة والحيوية في اجزائنا القادمة إن شاء الله إن كان لنا في العمر بقية.
والسلام عليكم ورمة الله وبركاته.
ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
1 ـ فرائد السمطين: 2، 68.
2 ـ من بحث حول أوجه الشبه بين فاطمة الزهراء عليها السلام وليلة القدر. الباحث عادل العلوي. باب فاطمة الزهراء / فضائل. مكتبة العتبة الحسينية المقدسة.
3 ـ فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى: 51. كما في صحيح مسلم.
4ـ مفاتيح الجنان: دعاء زمن الغيبة.
5 ـ تفسير أطيب البيان: 13 | 226.
6 ـ البحار: 43 | 105. كتاب الأسرار الفاطمية للشيخ المسعودي. الأمر الثالث كيف كانت فاطمة عليها السلام حجة على الأئمة. ص 82.
7 ـ في تفسير نور الثقلين والبرهان وكتاب بحار الأنوار (42، 105) عن تفسير فرات بن إبراهيم الكوفي.
8 ـ سورة القدر، الآية: 1.
9 ـ بحار الأنوار: 43، 13.
10 ـ من بحث حول أوجه الشبه بين فاطمة الزهراء عليها السلام وليلة القدر. الباحث عادل العلوي. باب فاطمة الزهراء / فضائل. مكتبة العتبة الحسينية المقدسة.