- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
خريطة العمل الوطنية في خطاب المرجعية ثالثاً : مكافحة الفساد
عمار جبار الكعبي
الفساد ليس مجرد سرقة للاموال، او التهرب من الضوابط الإدارية والاحتيال على القواعد القانونية بطرق احترافية، وانما للفساد امتدادات تهدد واقع البنية الاجتماعية من جهة ويهدد مستقبل الأجيال القادمة من جهة اخرى، فالبنية الاجتماعية يتم نخرها من الداخل بفعل هذا الفساد، لان المسروق دائماً وابداً هم الطبقة الفقيرة، والتي لا تستطيع ان تتحمل اي ضغط مادي إضافي، كونها وصلت الى مستويات خطيرة وكبيرة من الفقر بسبب انخفاض المدخولات وارتفاع الأسعار لدرجة كبيرة، مما يؤدي الى انحرافات كبيرة قد تكون على حساب الدين والاخلاق او العرف او حتى الشرف بصورة اخرى، مما يجعل المجتمع بحالة انحدار وتفكك لما لهذا الفساد من قدرة على هدم الأسس التي يقوم عليها المجتمع، وهنا تكمن خطورته الاجتماعية
اما ما يرتبط بمستقبل الأجيال القادمة، فان الفساد يتسبب بدمار البنى التحتية لجميع مناحي الحياة الصحية والانتاجية والتعليمية والأمنية،،،،، ألخ، وهنا نتحدث عن البنى التعليمية كمثال وليس الحصر، اذ ان بقاء التعليم على حالته المتواضعة والمتراجعة بملاكاته وبناياته ومناهجه، يهدد مستقبل الأجيال القادمة التي ستضطر لدراسة مناهج غادرها العالم منذ عدة عقود، مما يجعلها تبتعد اكثر مما ابتعدنا عن الركب الحضاري العالمي، وكلما تأخر مكافحة هذا الفساد كلما زادت الفجوة بين مجتمعاتنا والمجتمعات الاخرى، ولهذا فان محاربة الفساد إنما هي محاولة لتأمين مستقبل اطفالنا وأحفادنا، ومكافحته تقع على عاتق الجميع وبجميع المستويات، من المؤسسات الحكومية الى المؤسسات التشريعية ومنظمات المجتمع المدني وصولاً الى كل فرد من افراد المجتمع، لان مكافحته تكاملية نظراً لاستشرائه في أوساط ومجالات كبيرة وكثيرة، حتى اقترب من ان يكون ثقافة مجتمعية، وما لم تتحول مكافحته الى ثقافة مجتمعية أيضاً فان القضاء عليه سيكون صعباً ان لم يكن شبه مستحيل!
وهذا ما أكدت عليه المرجعية الدينية العليا في خطبتها الاخيرة بتاريخ ١٤/ تموز، من ضمن مجموعة من النقاط التي اشرتها لتكون خريطة العمل الوطنية للمرحلة القادمة، حيث اشارت الى ان مكافحة الفساد الاداري والمالي وتجاوز المحاصصات الطائفية والفئوية والحزبية واعتماد مبدا الكفاءة والنزاهة في تسنم المواقع والمناصب ضرورة وطنية قصوى، ولا فرصة امام العراق للنهوض من كبوته مع استمرار الفساد بمستوياته الحالية واعتماد مبدا المحاصصة المقيتة في ادارة الدولة.
أقرأ ايضاً
- كيف السبيل لانقاذ البلد من خلال توجيهات المرجعية الرشيدة ؟
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- العملة الرقمية في ميزان الإعتبار المالي