- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الخطاب السياسي الاسلامي والعنف المستمر
حجم النص
بقلم:صادق غانم الاسدي في السابق وقبل اكثر من ثلاث عقود لم نسمع بالخطابات الدينية والمواعظ والارشادات كما هي الان في الوقت الحاضر بزخمها المتواصل وعبر كافة الوسائل , وانحسر في تلك الفترة اتساع رقعة المنابر الحسينية وهي ترسل حكمها وتستعرض مواقف واخلاق اهل البيت لهداية المجتمع , وماكان سائدا على الواقع في السبعينيات من القرن الماضي هي الحركة المتمدنة وانتشار الثقافة بكافة منابعها من مسرح ودورعرض سينمائية وانتشار المجلات العربية والعراقية وكان امتثال المواطن لروح الامانة والمسؤولية فلم نسمع ان مشاجرة حدثت بين اطراف داخل المحلة ادت بقتل عدد كبيرة او نشب شجار مسلح بين عشيرتين بكافة انواع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة , ولايختلف الامر في مسألة الجريمة وهي تقتصر في بعض الاحيان بشكل قليل جدا على السطو بالاسلحة الجارحة والسرقة فقط للدور دون تقطيع جسد الانسان والاغتصاب المتكرر والتمثيل بالجثث كما يجري اليوم رغم ان الوعاظ والخطابات الدينية المتنوعة واتساع مناخات المنابر الحسينية والزخم الحاصل لدور العبادة وازدياد الاعداد من طبقة رجال الدين المعممين الذين يجبون المدن والشوارع والازقة,في السابق كنا نشتاق ونتمنى ان نر رجل الدين في لباسه المقدس وهو يمر من مناطقنا الشعبية في مدينة الثورة (الصدر حاليا ) ويزداد الفرح والسرور حينما نقف امامه ونتحدث معه , ومع ذلك فالمجتمع في السابق يعيش في وضع من المستوى المعاشي دون الطموح ولكن الصفة الغالبة علينا هي السعادة والأمان وهذا ما نرجوه ونتمناه باستمرار , رحم الله الدكتور علي الوردي حينما قال (نحن لا نعود الى الماضي لجماله بل لبشاعة المستقبل), ومايجري اليوم في مجتمعنا من خطابات متكررة بعضها اشحن نفوس الناس بالحقد والكراهية والبسهم لباس الدين للتغطية على افعالهم وبعضهم حث الناس على حمل السلاح والقتل والانظمام الى كل مظاهر التسلح من اجل اعلاء كلمة الاسلام وهم بذلك يتصورون ان نشر الاسلام هو بقطع الرؤوس وتاييد الافعال الوحشية ومحاربة ماهو غير مسلم ومصادرة كل مايمتلكه الذي يخالفهم في العقيده , حتى ادخلوا البلاد في نزيف الدم المتكرر والرابح الاول في ذلك هم اعداء الاسلام والانسانية من مختلف الديانات ,لو استخدم العقل وترجمة معاني القرآن الكريم وترسخ في عقول الناس لجنبنا كل اشكال السيطرة الاستعمارية على بلادنا من استغلال خيراتنا ومواردنا والتحكم بمصيرنا ,وفي التاريخ السياسي ان الاستعمار دائما يتجنب الدول التي تمتلك ثقافات متنوعة وشعب لدية اطلاعات واسعة ومعرفة غزيرة وهو يعرف ان الخوض في استعمار تلك الشعوب سيؤدي الى فشله وخسارته بسرعة , اما الشعوب الضعيفة في الفكر وارضها تكون خصبة للدعاية والشكوك فهي محط اطماعهم وتنجح بذلك , واليوم على مثقفي واعلامي الشعب العراقي ان يتفحصوا كل داعية ولايلقوا التهم ويكرروا الشبهات في حديثهم من اجل الابتعاد عن المشاحنات والعنف المستمر , فمثلا هنالك قنوات مغرضة هدفها شعل فتيل الشك والسيطرة على العقول من خلال اذاعة خبر ان الوزير الفلاني قد سرق مبلغ مئات الالوف من الدولارات ستجد يوم الثاني مباشرة حديث الساعة عن تلك الحادثة ولايخلو بيت او مكان عمل الا وسيتقاسمون الحديث فلم يتحققوا من المصدر مجرد السماع وهذا الخطأ الذي اوقعنا في اطلاق عبارة الجميع سارقون الجميع مجرمون الجميع مختلسون الجميع لايعرفون الله , البلد لم تقم له قيامة , متناسين ان الشعب هو شريك بكثير من الاعمال من خلال عدم احترامه للقوانين والمحافظة على الممتلاكات العامة اثناء المناسبات كما لم يؤدي الموظف والعامل والمدرس والطبيب حقه الوظيفي في الالتزام , ومن خلال ماصرح به احد الخبراء في مجال مراقبة الانتاجية للموظف العراقي وجدوا ان انتاجية الموظف العراقي هو بين 13 دقيقة الى 20 دقيقة يوميا اوربما يزيد على ذلك بقليل , أغلب الموظفين لا اقول الجميع يطلبون بزيادة الرواتب والمخصصات ولايسمحون لانفسهم بتأدية دوام كامل شرعا امام الله واغلبهم يترك الدائرة قبل الدوام بساعتين ويأتي متاخر بحجة الازدام وقطع الطرق هذه الحجة التي اصبحت شماعة تعلق عليه حجج الموظفين اثناء المحاسبة , اتمنى من الجميع ان يصغي ويتابع برنامج المدير المتخفي الذي يعرض من على قناة الحرة يوم الجمعة الساعة 11 صباحا ليروا بعينيهم مايقدمه العامل الاجنبي لبلده من سرعة انجاز واخلاص وتفاني والشعور بالمسوؤلية وما يقدمه الموظف العراقي على مختلف الصنوف من المدرسين والاطباء والاساتذه ستجد ان هنالك فارق وستشعر بان بلدنا مسكين وجريح وصدق من قال ان البلاد لاتقوم لها قيامة لان اهله مهلكين وليس منتجين والبلدان والحضارة لاتبنى الا بشعوبها.