- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
هل أصبح راتب المتقاعد حايط أنصيص؟
حجم النص
بقلم: عباس الخفاجي بعد طول أنتظار وتأخير بسبب العطل التي مرت في الأسبوع الماضي، أستبشر المتقاعدون العسكريون خيرا بصرف رواتبهم التقاعدية مصدر عيش أغلبهم الوحيد، لكن سرعان ما تلاشت الفرحة من عيونهم بعد أن تفاجئوا بمضاعفة مبلغ الأستقاع المقرر في قانون الموازنة والبالغ 3% من الراتب، حيث نصت المادة 39 من قانون الموازنة الأتحادية لعام 2016 (تلتزم الحكومة بدعم هيئة الحشد الشعبي والنازحين) وذلك بأستقطاع نسبة 3% من مجموع راتب ومخصصات الموظفين والمتقاعدين، وتوزع هذه المبالغ بنسبة 60% الى هيئة الحشد الشعبي و 40% لأغاثة النازحين. وبالفعل فقد أستقطعت هيأة التقاعد الوطنية النسبة المذكورة لأشهر كانون الثاني وشباط وآذار دفعة واحدة في وجبة آذار 2016 وما مجموعة 9% من راتب شهري آذار ونيسان، ألا أن هذه النسبة أقتربت من 18 % من راتب شهري آيار وحزيران، دون أي سابق أنذار أو توضيح أو أشعار من الهيأة المذكورة، علما أن الأستقطاع يجب أن يكون شهريا، أي تستقطع نسبة كل شهر من راتب الشهر نفسه. وبالرغم من أن أستقطاع أي مبلغ من راتب الموظف أو المتقاعد يجب أن يستند الى سند قانوني، قانون أو قرار، ألا أن أمر أستقطاع مبالغ من رواتب المتقاعدين خطأ فادح وجسيم، ذلك أن المتقاعدين هم أصلا خارج الخدمة العامة، وأن ما يصرف لهم من رواتب تقاعدية هي مبالغ أستقطعت من رواتبهم طوال سني خدمتهم، أدخرت لهم، أي أن مصدرها هي من جيوبهم الخاصة ولا فضل لأي جهة في صرفها، حيث أنهم قدموا خلاصة خبراتهم وأمكانياتهم وجهودهم الى هذا البلد ، فهم يستحقون الأنحناء لهم تقديرا وأحتراما وعرفانا بالجميل. ومع كل الخيرات التي أنعم الله تعالى بها على أرض الرافدين المعطاء حتى قبل أكتشاف النفط، ألا أن السياسات الأقتصادية الخاطئة التي أنتهجتها الحكومات المتعاقبة على حكم العراق أوصلت البلد الى ما وصل اليه من فقر وجوع وبؤس وحرمان، حينما أعتمدت النفط كمصدر رئيسي ووحيد لأقتصادها، فكان الزلزال العظيم في الأنهيار السريع والمفاجيء لأسعار النفط العالمية، ما جعل الأقتصاد العراقي يترنح ويتهاوى، وأصبح العجز المالي في موازنة الدولة لا يمكن تصوره، خاصة وهو يخوض حربا شرسه ضد جرذانا مرتزقة أحتلوا عددا من محافظاته، من جهة، أضافة الى عصابات السرقة والنهب من المال العام نتيجة المشاريع الوهمية التي أثقلت كاهل الدولة والمواطن، و تباطؤ الأجراءات القضائية بحقهم، التي جعلت السارق يسرح ويمرح دون أي خوف أو محاسبة، وعجز الدوائر المعنية من أسترداد المبالغ التي سرقت من قوت الشعب، (وهي أضعاف مجموع المبلغ المستقطع من المتقاعدين)، الأمر الذي دفع بالحكومة التجاوز على رواتب المتقاعدين لسد عجز ميزانيتها. أن أستقطاع جزءا من رواتب المتقاعدين لسد أحتياجات أبناء الحشد الشعبي الأبطال، أو أغاثة النازحين الذين أجبرتهم ظروف المعارك ترك ديارهم وأوطانهم، هي مسألة شرعية وأخلاقية وواجب مقدس على كل عراقي شريف وغيور على وطنه العراق، ألا أن هذا الأمر يجب أن لا يتخذ ذريعة لجلد ظهور المتقاعدين بسياط الأستقطاعات المتزايدة بمتوالية هندسية، فالراتب التقاعدي بالكاد يسد حاجة المتقاعد وأسرته أمام أرتفاع أسعار المواد بشكل عام، وأرتفاع أجور الخدمات المستحصلة من قبل الدوائر الحكومية، كأجور الماء والكهرباء والضرائب التي فرضت على كل المعاملات الحكومية وأجور مراجعة المستشفيات، وأرتفاع أجور المولدات الأهلية وغير ذلك كثير. أضف الى ذلك أن أكثر المتقاعدين يعانون من توطن الأمراض المزمنة في أجسادهم المتعبة المنهكة، وأن نسبة لا يستهان بها من راتبهم التقاعدي تذهب الى الأطباء والفحوصات والتحليلات والأدوية، حتى يجد المتقاعد نفسه وسط هذا كله قشة في مهب الريح. لقد أفنى المتقاعدون حياتهم في خدمة أبناء شعبهم، لم يخدموا حزبا ولا حاكما بعينه، بل خدموا العراق وأفنوا زهرة شبابهم في خدمته وقدموا الغالي والنفيس من أجله، أليس من واجب الحكومة اليوم رعايتهم والأهتمام بهم وتوفير سبل العيش لهم بكرامة بعيدا عن الفاقة والعوز والحرمان، بدلا من أن تجعل من رواتبهم التقاعدية (حايط أنصيص) لكل عجز في موازنة الدولة الأتحادية، فأرحموا المتقاعدين عسى أن يرحمكم رب السماء.
أقرأ ايضاً
- هل ماتت العروبه لديهم !!!
- هل يستحق المحكوم ظلما تعويضًا في القانون العراقي؟
- البرلمان العراقي يقر راتبه سراً ؟!!