حجم النص
بقلم:حيدر عاشور جميع مرافق الحياة التي تمس المواطن بصورة مباشرة مريضة بداء الفشل الأخلاقي والذوقي... وهذا المرض مزمن ومتأصل في الجذور ولا يمكن استئصاله بأي قوة رادعة... لأنه تجاوز مرحلة الخوف من القصاص والاستأصال...وانعدمت فيه القيم والسبل المتاحة لتقوميه...وتفشت هذه الظاهرة بشكل واسع النطاق على مستويات عالية مرورا بأقل والأدنى... وتذكرني بالأدنى كان شخص لا يملك عمل وفي زمن بعيد عن التقنيات الحديثة والاستعمالات التنظيف بالأجهزة الالكترونية المتطورة... عمل هذا الشخص بملأ الأباريق التي يحتاجها من يروم الدخول الى الحمام ((w.c وأطلق عليه (أبو الأباريق) وبالعامية (أبو البّركان).. وعند استلامه أول راتب شعر بأهميته في العمل وأصبح الأستاذ أبو الأباريق ونظم أبو الأباريق أعداد الأباريق كل لون بلونه ولا يسمح لا احد أن يأخذ إبريقا الا من خلاله وحسب اللون لون البريق..مرة دخل رجل على عجل من أمره وقد تكون عجالته تفاقم الأزمة في بطنه ويريد أن يفرغ محتوياته قبل خروجها في مكان عام.. واخذ إبريقا دون استئذان أبو الأباريق... ارتفع صوت أبا الأباريق وأمر الرجل أن يعيد الإبريق الى مكانه ويأخذ الذي يأمره به وهكذا وبصعوبة زمن تبادل الأباريق وبلا مساجلة(ابريقية) دخل الرجل الحمام وأنهى مهمته بصعوبة.. وحين خرج مرتاحا سأل أبو الأباريق: -ما الفرق بين الإبريق الذي أخذته عن الإبريق الذي استبدلته. أجابه أبو الأباريق بتكبر وتعالي:(لعد شنو شغلتي أني هنا غير انظم البركان) فأصبحت مؤسسات الدولة وعند مراجعة دوائرها الخدمية بشكل خاص نجد الكثير من المتشابهين لأبي الأباريق الذين يعطون لأنفسهم أهمية وهم فاشلون، فمثلا الفاشل الذي يأخذ بغير مشروعية جهود غيره على شكل احتيال أو رشاوى أو بشكل وسيط وهذه كثرة على أبواب الدوائر الخدمية تجد ثلة من الشباب الفاشل يشغله ضابط أو مسؤول بصورة غير مباشرة وعيني عينك الذي يدفع يأخذ معاملته عن طريق الوسيط،كذلك المرور العامة نفس الحالة من الفشل،دوائر المتقاعدين المساكين وسطاء حدث ولا حرج ويطلق عليهم مروجي المعاملات أو مخلص وغيرها من تسميات فاشلة تساعد على نمو الفشل واختراق القانون وبصراحة العبارة كل الدوائر التي في مساس مع المواطن يكثر أمامها (أبو الأباريق) الرجل المهم لمن يشغله داخل المؤسسات الرسمية والمثل يقول (الحرامي الي ما تلزمه كم عصى تضربه) والعاقل يفتهم.وأخيرا هناك أبو إبريق جديد في كراجات نقل الركاب حيث تعمل بنظام البطاقة الذكية المدفوعة الجباية مسبقا لتفادي السرقة أموال الدولة..الذي يقف بجانب العارض يعطل جهاز رفع العارضة ويؤخر السيارة ويجد الحل حين يطلب بالهمس نصف أجرة الجباية من اجل تسهيل أمر خروج السيارة وبهذه الحالة ربح السائق مرور بكلفة بسيطة وبقيت بطاقته الذكية على حالها وخسرت الدولة قيمة الجباية التي نزلت في جيب المؤتمن على مراقبتها.. وهذا ما يحصل في (عامة الكراجات) ويطلقون عليه سرقة بهوية دائرة. ليس هناك أمل في شفاء مرض الفشل الذي اخذ يسري في كل مكان والخاسر الوحيد المواطن لان الدولة هي التي تساعد موظفيها على السرقة والاحتيال وتخرج أعداد هائلة من أصحاب الأباريق.
أقرأ ايضاً
- المثقف وعودة الخطاب الطائفي
- عودة في الذاكرة.. ماذا فعلنا بعد الديكتاتورية؟
- عودة الإقبال على الذهب والين