حجم النص
بقلم:سالم مشكور من على إحدى الشاشات، ظهر أحد السياسيين حاملاً أوراق يقول انها عقود أبرمتها الحكومة العراقية وأحزاب وكتل سياسية مع شركات علاقات عامة بهدف الترويج لها في واشنطن. هذا السياسي عاش في واشنطن طويلا وتعامل مع أوساط اميركية خلال عمله مع سياسي عراقي راحل، وبالتالي هو يعلم كيف ان عمل "اللوبيات" في واشنطن أمرٌ تتطلبه طبيعة علاقات الدول مع واشنطن من أجل التأثير على سياساتها، هو إعتبرها شكلا من أشكال الفساد. نعم يعتبر فسادا عندما يطرح التساؤل حول مصدر الاموال التي تدفعها الاحزاب العراقية الى شركات "اللوبيغ" أو الاهداف غير الوطنية لهذه الخطوة خصوصا عندما يكون الهدف تشويه سياسات الحكومة والاساءة اليها واتهامها بما ليس فيها من أجل مصلحة حزب او جماعة. لكن لا غبار على ما تدفعه الحكومة العراقية، من خلال سفاراتها، لهكذا شركات، من أجل التأثير على السياسات الاميركية لمصلحة العراق.هذا ما تفعله أكثر الدول في علاقاتها مع واشنطن، ومن بينها دول الخليج التي تنفق سنويا ما يزيد على المليار دولار في هذا الامر، والذي تتضح نتائجه في الدعم الاميركي الدائم لها. فمثلا أنفقت الامارات وحدها 14 مليون دولار في عملية "اللوبيغ" في واشنطن العام 2014، فيما تفوق ميزانية السفارة السعودية في واشنطن المليار ونصف المليار دولار سنوياً يذهب جزء كبير منها الى شركات العلاقات العامة وما يترتب على "نصائحها " من التحرك "مادياً" باتجاه مراكز الدراسات وصحافيين وباحثين وأعضاء في الكونغرس بغية كسبهم ودفعهم الى التأثير على سياسات واشنطن حيال الرياض. أبرمت الخارجية العراقية قبل سنوات عدة، من خلال سفارة العراق في واشنطن، عقداً من شركة علاقات عامة أميركية بمبلغ مليون دولار سنوياً، وهو مبلغ متواضع أمام عقود السفارات الاخرى. ومع ذلك فان هذا العقد لا مردود له حتى الان، باستثناء عدد من المقالات نشرت باسم مسؤولين عراقيين وعدد من اللقاءات التي لا تقدم ولا تؤثر مثل لقاء مع الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش. بحثت شخصيا في سبب عدم تقديم الشركة ما يستحق قيمة العقد فوجدت السبب الرئيس في اداء الخارجية التي لم تتعاط مع الشركة ولم تتابع عملها ولم تطرح أمامها ما تريد منها. بالاحرى فان السبب الرئيس هو أن الجانب العراقي الرسمي لا يمتلك رؤية واضحة لطبيعة العلاقات مع الجانب الاميركي وبالتالي فهو لا يعرف كيف يتحرك في واشنطن. قد يتفاجأ المتابع عندما يرى قسم اميركا في الخارجية من البؤس والضعف والخمول وكانه قسم للعلاقات مع الصومال او جزر القمر. مقابل ذلك تنشط لوبيات عراقية غير رسمية تابعة للاحزاب والكتل لا تسعى الى مصلحة وطنية انما لمصالح فئوية وتحريض على الحكومة العراقية وخلق صورة سلبية عنها في العاصمة الاميركية بما يؤثر على مراكز رسم السياسية العر اقية لواشنطن. بات المسؤول الاميركي لا يحترم العراقيين وهو يرى انهم ينفقون الملايين من أجل الطعن ببعضهم والسعي لتشويه سمعة أحدهم الاخر حتى لو كانوا من نفس الكتلة او المكوّن. عقد السفارة مع شركة اللوبي لم يبرم أثناء ولاية العبادي، وليس هدفه الترويج له، لكنه يحتاج الى تفعيل والا فان المليون دولار المخصصة لذلك سنوياً تُعدّ هدراً للمال العام. أما اللوبيات الاميركية العاملة للاحزاب والشخصيات العراقية فأمامها الكثير من علامات الاستفهام.