- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
اصلاحات العبادي .... بين الشلع والقلع ؟!!
حجم النص
بقلم:محمد حسن الساعدي شهدت الأسابيع الثلاث الماضية مداً وجزر، وحراكاً ملحوظ أشبه برمي الحجرة في بركة المشهد السياسي، وربما مقبل على فتح صراعات داخلية كبيرة، خصوصاً بعد التظاهرات التي دعا اليها السيد مقتدى الصدر بشكل مباشر، ودعوته أنصاره الى الاعتصام المفتوح في باب المنطقة الخضراء، الامر الذي يجعل الوضع مفتوح على احتمالات عدة والى ابعد مما هو متوقع، اذ ساد اجتماع قوى التحالف الوطني الذي عقد في كربلاء المقدسة، حالة من عدم الوضوح في الرؤيا السياسية، كما ان بعض الحاضرين غير آبهين بمستقبل العراق ومصالح شعبه، فالصدر يسعى الى تغيير جوهري دون المساس برئيس الوزراء، وهي نظرية قاصرة، فالسيد العبادي ينتمي الى حزب الدعوة، ومنذ اكثر من ٣٠ عاماً، فأين الاستقلالية في الاختيار ؟!! الحكيم من جهته يرى ان الوضع الحالي هو مخاض عسير في العملية السياسية، وربما يرافق عملية المخاض عمليات كبرى،والآلام ما هي الا مخاض لولادة مرحلة جديدة، اي بمعنى ان عملية الإصلاح يجب ان تشمل الجميع، بدءً من رئيس الحكومة مروراً بالوزراء والهيئات المستقلة، وغلق ملف العمل بالوكالة، وسيطرة حزب الدعوة على مقاليد الحكم في مفاصل الدولة كافة، خصوصاً وان الدعوة قدمت رؤية فيها ضبابية، وخداع للجمهور، عبر اجراء إصلاحات هزيلة قشرية لا تمس جوهر العمل الحكومي، والوسائل الشفافة في الادارة، ومكافحة الفساد المستشري في موسسات الدولة، ومحاولة ركوب موجة مطالب المرجعية في ضرورة السعي الى الإصلاحات الحقيقة، ومحاربة الفساد وكشف المفسدين، الا ان محاولات العبادي ومن قبله حزب الدعوة جميعها باءت بالفشل. كان الاحرى بالسيد العبادي،ان يسعى الى بث روح المواطنة بين ابناء المجتمع العراقي، وإيجاد الرؤية المشتركة السياسية في بناء الدولة وإدارتها، ومكافحة الفساد وتطويقه، والدعوة الى جميع الأطراف بالحفاظ على الدستور كوثيقة رسمية تحكم العلاقة بين الحكام والمحكوم، وبما يحقق الرفاهية له، وإيجاد ميثاق شرف وطني بين القوى السياسية عموماً، والوقوف بوجه الدعوات الى التقسيم، والى التفرد بالسلطة من اي جهة سياسية كانت، والابتعاد عن تحريك الشارع خصوصاً مع وجود العدو الرئيسي "داعش". ان الإصلاحات حالة مهمة في بنيان الدولة، وهي تساهم الى حد ما في إنعاش العمل السياسي والاقتصادي على حد سواء، وان اي تلكوء يفضي الى المجهول، خصوصاً مع الاحتقان الواضح في الشارع، وان دخول الصدر على خط الأزمة يقود الوضع الى التعقيد، ودق جوس الأنذار مبكراً، كما ان أزمة الثقة سادت اجتماع كربلاء، وعدم وكود الروية المشتركة داخل القوى المجتمعة، ناهيك عن عدم وجود الاليات الواضحة والشفافة في اجراء عملية الإصلاح. ان عملية الإصلاح مهمة كما قلنا سابقاً في تصحيح المسار الخاطىء، في العمل السياسي، ولكن مع ضوابط تقوي خطواته، وتعطيه الحصانة والقوة امام اي رياح تحاول ان تكسر حصانته، لان السيد العبادي استطاع امتصاص غضب الشارع العراقي بوعوده الإصلاحية، لكن الجميع يدرك أن تلك الوعود ربما تكون مجرد حبر على ورق، اذ لا يمكن تطبيقها امام التوازنات السياسية وربما ما سيقوم به هو مجرد مناقلة بين المسؤولين الذين سيستمرون بالحصول على رواتبهم ومخصصاتهم ومكاسبهم، ما يعني استمرار الفساد في مؤسسات الدولة، لهذا يجب التخلّص من كل العناصر الفاسدة داخل الحكومة ومؤسساتها، والسعي لبناء مؤسسات على أساس مهني وخاضع لمعايير التوازن السياسي في البلاد.