حجم النص
بقلم:عبدالزهرة محمد الهنداوي اجتاحت الغابة موجة برد شديدة رافقتها امطار غزيرة.. فقرر الاسد وهو الملك ان يرتدي الملابس التي تقيه البرد وتحميه من حر الشمس.. فأرسل مستشاريه يبحثون في الغابة عن متخصص بصناعة الملابس الفاخرة التي تليق بمقامه الرفيع!.. وحين سمع الثعلب بالخبر جاء الى الملك وقدم له فروض الطاعة والولاء مؤكدا استعداده وقدرته تنفيذ امر الملك في وقت قياسي شريطة توفير المواد الاولية ألمطلوبة فهو خياط ماهر ورث المهنة عن اجداده القدماء!!..اطمأن الاسد للحال وطلب من الخياط ان يحدد المواد المطلوبة وكمياتها!!.. فرح الثعلب كثيرا فهو منذ مدة لم يأكل الطعام، فطلب كميات من جلود الحيوانات ذات الاحجام الكبيرة!!.. امر الملك بجمع ماطلب الخياط فورا!! وحين استلم الثعلب الجلود توارى عن الانظار لشهور عدة ليظهر بعدها طالبا من سيده المزيد منها فأعطاه مااراد.. ثم غاب وعاد مدعيا انه اكمل المشروع ولم يتبقى سوى (الدكم والياخة) وهذه تصنع من جلد الغزال!! شعر الملك ان امرا ما يدبر بليل وان الخياط خدعه !!، فغضب غضبا شديدا وأصدر حكما بإعدامه امام حيوانات الغابة!! ولان للخياط عيونا زرعها في بلاط الملك فقد علم بقرار الاعدام.. فما كان منه الا ان دعا حشدا من الثعالب الى احد بساتين القرية القريبة من الغابة واعدا اياهم بمأدبة دسمة طالبا منهم ان يقوموا بربط ذيولهم الى جذوع الاشجار وحين اكمل عملية الربط - وهو معهم طبعا - صاح بصوت عال اهربي ايتها الثعالب فقد جاءتكم القرية وكلابها يمزقونكم اربا!!.. الثعالب ومن شدة رعبها قطعت ذيولها هاربة!.. وبهذه الواقعة اصبحت ثعالب الغابة كلها بلا ذيول (بتران).. فيما اصدر الملك امرا بإلقاء القبض على الخياط النصاب!.. فجيء به مكبلا لتنفيذ حكم الاعدام به!! .. انكر الثعلب التهمة فليس هو المقصود لأنه من فصيلة خاصة تسمى فصيلة (البتران) كما انه لا يجيد الخياطة ودخل الى الغابة مع قومه (البتر) قبل يوم واحد،..ثم طلب من الملك السماح له باحضار جماعته (البتران).. وعندما رأى الاسد عددا غير قليل من الثعالب مقطوعي الذيول اسقط بيده وأمر بإطلاق سراح الثعلب الذي استلقى على قفاه من شدة الضحك!! رباط السالفة.. ان ملف الكهرباء الشائك والمعقد اصبح اليوم شبيها بملف الاسد والثعلب. فهو اكثر الملفات اموالا وأطولها عمرا وأشدها غموضا من دون ان يشهد ادنى تقدم.. قد تكون وزارة الكهرباء مظلومة لأن الامر ليس بيدها!!.. ولكن حجم الاموال الهائلة التي تم تخصيصها لهذا القطاع على مدار السنوات الماضية التي تشكل ربع الموازنة الاستثمارية سنويا، والتصريحات المستمرة في كل عام بأن العام المقبل سيشهد انتهاء ازمة الكهرباء.. كل ذلك يجعلنا اصحاب حق في المطالبة بنتائج اموالنا التي اقتطعناها من قوتنا اليومي لنعطيها للكهرباء على امل ان ننعم بها صيفا وشتاء حالنا حال سائر دول العالم.. ولكن النتيجة مثل ملابس الاسد! اذ اكتشفنا وبعد اثني عشر عاما من الصبر والانتظار وتخصيص المزيد من الاموال، ان سبب تردي الكهرباء هو اننا نترك (الكيزرات) تعمل خلال الصيف لتسخين المياه الباردة!! ما يؤدي الى عدم استقرار الكهرباء.. كما ان الكهرباء تحاول دائما القاء المسؤولية على وزارتي النفط والمالية لتنشب حرب من تبادل الاتهامات بين الوزارات الثلاث.. وكل وزارة تتهم الاخرى بأنها هي سبب الازمة!!.. فالكهرباء تتهم النفط بعدم توفير الوقود لمحطات توليد الطاقة، والنفط تطالب الكهرباء بتسديد ما بذمتها من ديون تصل الى المليارات!!..كما ان الكهرباء تتهم المالية بشحة التخصيصات المالية المطلوبة لتنفيذ مشاريعها على الرغم من ان الحكومة تخصص سنويا اموالا طائلة للكهرباء.. وهكذا مرت شتاءات تتبعها اصياف من دون ان نجد اثرا للكهرباء فقد ضاعت كل اموالنا كما ضاعت ملابس الاسد بين الثعالب من ذوي الاذناب المقطوعة!!.. مع الفارق ان الخياط الابتر اكل الجلود فقط اما نحن فمصيبتنا لاتشبهها مصيبة فقد اكلنا كل شيء ورمينا الجلود في البحر!!.. فمن يرد لنا اموالنا او يأتينا بالكهرباء ؟!! وهل نستطيع معرفة الثعلب الحقيقي الذي اكل كل اموالنا ثم قطع ذيله وذيول اصحابه ليخفي اي اثر للجلود.. وهكذا ضاع ابتر بين البتران ؟!